السبت، 23 فبراير 2013

الوفاء بالعهد سراقة بن مالك

لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له
الوفاء بالعهــــــد
سراقة بن مالك



بقلم: سوسن سحاب


أوفى زوجي بعهده معي -كعادته- وأخذني في رحلة العمرة التي وعدني بها....
طريق الهجرة
وفي الطريق من مكة إلى المدينة تذكرت قصة قديمة من قصص الوفاء بالعهد، وتخيلت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقطع هذا الطريق بوعورته وظلمته ووحشته هو وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه...
فرارا من قريش التي جُن جنونها عندما وجدت عليَّا بن أبي طالب نائماً في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه صلى الله عليه وسلم قد نجا من أيديهم.


جائزة قريش
ولكن قريش لم يهدأ لها بال حتى رصدت جائزة مائة ناقة لمن يأتي بمحمد.
وكانوا يجتمعون في ناديهم...حين دخل رجل وقال: واللهِ لقد مر بي الآن ثلاثة رجال، وإني لأظنهم محمدا وأبا بكر ودليلهما.

سراقة يستعد للجائزة
وكان في القوم سراقة بن مالك بن جعشم، وكان فارسا من فرسان قومه وبصيرا باقتفاء الأثر، وكان يطمع أن تكون الجائزة من نصيبه، فقال للرجل: إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها، فقال الرجل: لعلهم كذلك.
ثم قام سراقة من مجلسه وتجهز للحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يدركه أحد سواه.

الفرس العصية
ومضى سراقة يسابق الريح ويطوي الأرض طيا، ولكن الفرس أبت أن تشاركه هذه الجريمة فعثرت به وأسقطته عن صهوتها...فتشاءم، ثم امتطاها ثانية فعثرت به مرة أخرى...فزاد تشاؤمه ولكن طمعه بالنوق أغراه بالتقدم...ولكن فرسه أيضا لم تطاوعه.


حتى قوسك يا سراقة؟؟
وأبصر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه فحاول الإقتراب منهما، فغاصت أقدام الفرس في الأرض وعجزت عن الحركة، وحاول أن يزحزحها من مكانها ولكن لا فائدة، فمد يده إلى قوسه ولكنها هي الأخرى بلا حراك فقد جمدت في مكانها كأنها قطعة من الصخر.

العفو يا نبي الله
فتوسل سراقة للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه في مقابل أن يضلل قريشاً ولا يدلها على مكانه ويرد عنهما الناس، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم نظرة عطف وعفا عنه.


أكتب لي كتابا بذلك
فانطلقت فرسه، فتمهل وقال لهما: تريثوا أكلمكم، فوالله لا يأتيكم مني شيء تكرهونه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما تبتغي منا؟ فقال: والله يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر دينك، ويعلو أمرك فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني، واكتب لي كتاباً بذلك.

ملك ملوك الفرس؟؟
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه فكتب له ودفعه إليه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟، فقال سراقة في دهشة: كسرى بن هرمز، ملك ملوك الفرس؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم كسرى بن هرمز.

سراقة يفي بعهده
أوفى سراقة بعهده مع النبي صبى الله عليه وسلم، وعاد أدراجه فوجد الناس يقتفون أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ارجعوا فقد نفضت الأرض نفضا بحثا عنهم ولم أعثر على أحد وأنتم لا تجهلون مبلغ بصري بالأثر، فرجعوا.

يوم الوفاء والبر
وعند فتح مكة، أخذ سراقة يشق صفوف الألوف، حتى غدا قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع يده بالكتاب وقال: يا رسول الله أنا سراقة بن مالك، وهذا كتابك لي، فقال عليه الصلاة والسلام: "هذا يوم وفاء وبر، ادنه، ألا لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له".
فأقبل سراقة، وأعلن إسلامه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

لا ينطق عن الهوى
ومرت السنين، وانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، وتولى أبوبكر   الخلافة ثم تولى عمر رضي الله عنهما، وقد تحقق ما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم، فحقا هو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.


سواري كسرى

فقد فُتِحت فارس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأحضروا إليه 

جواهر ملوك الفرس ومن بينها سوارا كسرى، فتذكر عمر رضي الله عنه وعد النبي

 صلى الله عليه وسلم لسراقة، فدعاه عمر، وقال له: "ارفع يديك، وقل: الله أكبر، 

الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن مالك الإعرابي”.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق