الظلـــم ظلمـــات يوم القيامة
لعلها دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها
سوسن سحاب
"يا عبادي إني حرمت الظلم على
نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا"
لاتظلمن
إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم عقباه تفضي إلى الندم
نامت
عيونك والمظلوم منتبه***يدعو عليك وعين الله لم تنم
حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الظلم تحذيرا كبيرا وفي مواضع كثيرة
من الظلم، وبين عاقبة الظلم والظالمين حتى لا يغتر الظالم ويشيع الظلم ويصبح سلوكا
عاما للأمة فيحق عليها الهلاك والعذاب وعقاب الله....ويكون مبدأ الناس البقاء
للأقوى بماله ونفوذه أو قوته. وقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظلم فإن
الظلم ظلمات يوم القيامة"، وأنذر الله الظالمين بالهلاك في الدنيا "وتلك
القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً" وهددهم الله تعالى "ولا
تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"
إبراهيم 42.
أما ما ينتظرهم في الآخرة فهي أهوال تجعل الولدان شيبا لقوله تعالى "إنا
اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي
الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاًَ".
والكثير من الناس يُرجِع ظلمه للناس أو أي أخطاء يفعلها إلى الشيطان!!! وهؤلاء وشياطينهم خالدين معا في النار جزاء ظلمهم "فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدَيْن فيها وذلك جزاء الظالمين" الحشر 17
دعوة المظلوم مستجابة
وليحذر كل ظالم من دعوة المظلوم فليست بينها وبين الله حجاب, للحديث "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب", وليس الأمر مقتصرا على المسلمين فيقول الظالم أنا ما ظلمت مسلما ولكني ظلمت نصرانيا أو يهوديا أو حتى كافرا, فأي مظلوم حتى ولو كان كافرا أو فاجرا فدعوته مستجابة....للحديث "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً وفجوره على نفسه".
وليتق كل إنسان دعوة المظلوم لأنها محققة ومجربة....ولقد سمعنا الكثير من القصص الواقعية عن أناس تعرضوا للظلم البين ولكنهم دعوا على من ظلمهم فانتقم لهم الله.....وقال صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لاترد دعوتهم...الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم, يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين".
ومن منّا سمع هذا الحديث ولم يقشعر بدنه؟؟ "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله سبحانه عز وجل: وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين".
لعلها دعوة مظلوم
ولا ينسى التاريخ ما وقع للوزير"يحيى ابن خالد البَرْمَكي" وابنه جعفر ودخولهما السجن بعد المُلك والجاه وقال جعفر لأبيه وهُما في القيود والحَبْس: يا أبتِ بعدَ الأمر والنهي والأموالِ العظيمة أصارَنا الَّدهرُ إلى القُيود والحبس ولبس الصوف!؟ فقال له أبوه يحيى: يا بني لَعلَّها دعوةُ مظلوم سَرَتْ بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها.
ما لي وسعيد بن جبير
وكان سعيد بن جبير يملك لسانا صادقا وقلبا ذاكرا لا يهاب الطغاة, ولم يستطع الحجاج بن يوسف إسكاته عن قول الحق بالتـهديد أو الوعيد, فألقى الحجاج القبض عليه بعد أن لفق له تهما كاذبة وعقد العزم على قتله...
وكان سعيد قوي الإيمان يعلم أن الموت والحياة والرزق كلها بيد الله،
وقبيل موته دعا سعيد بن جبير على الحجاج "اللهم لا تسلطه على قتل أحد من
بعدي", وفعلا مات الحجاج دون أن يقتل أحدا بعد سعيد بن جبير!!! وكان يقول: ما
لي ولسعيد بن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلي.
أنواع الظلم
والظلم في اللغة هو وضع الشيء في غير محله وهو ثلاثة أنواع:
النوع الأول: ظلم الإنسان لربه، وذلك بكفره وعصيانه لله "والكافرون هم الظالمون" البقرة 254, وأيضا "إن الشرك لظلم عظيم" لقمان 13.
والثاني: ظلم الإنسان لنفسه، وذلك باتباع الشيطان واستباحة المنكرات واستحلال المحرمات والشهوات "وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" النحل 33.
والثالث: ظلم الإنسان لغيره من عباد الله ومخلوقاته بالإيذاء البدني أو اللفظي, أو بأكل أموال الناس بالباطل، أو التعدي بالضرب على إنسان أو حيوان أو عدم إعطاء الأجير حقه.
وكل خلق سيء هو ظلم...فالغيبة ظلم والنميمة ظلم وكتم الشهادة وأكل صداق الزوجة بالباطل ظلم, وشهادة الزور, وعدم عدل الأب بين أبناءه, والحلف كذبا لاغتصاب حقوق الناس ظلم, والسكوت عن الحق والخوض في الأعراض وعدم رد المظالم ظلم "الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذابٌ أليم".
يوم رد المظالم
ويحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من التمادي في الظلم فيوم القيامة لن تنفع كنوز الدنيا ولن تشفع لهم "ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون", وسيكون القصاص بأخذ حسنات الظالم وطرح سيئات المظلوم, وفي الحديث "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء، فليتحلله من اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".
أنصر أخاك
ومن صفات المؤمن عدم ظلم أخيه لقوله صلى الله عليه وسلم "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله".
ومن صفاته أيضا مناصرة المظلوم ورد الظالم عن ظلمه للحديث "أنصر
أخاك ظالما أو مظلوما". فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت
إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره".
أدعية قرآنية
"ربنا إنك من تدخل النار فقد اخزيته وما للظالمين من أنصار" آل عمران 192.
ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من
لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا" النساء 75 .
"ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا
لنكونن من الخاسرين" الأعراف
23.
"ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين* ونجنا
برحمتك من القوم الكافرين" يونس
85- 86.
"لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين"
الأنبياء 87.
"رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى" القصص 16.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق