الخميس، 23 فبراير 2012

هل وصلتك الرسالة


هل وصلتك الرسالة؟؟

أرسلتها أم وقفت عندك؟ 


بقلم: سوسن سحاب        
          


    



"عالم الغيب وحده لايظهر على غيبه أحدا"

الطريق إلى الجنة ليس بإرسال رسالة

 إرسالها وبها معلومات مغلوطة ينشر الضلال

علمٌ لا ينفع وجهلٌ لا يضر

الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة


هل وصلتك رسالة (إيميل) في بريدك الإلكتروني, يطلب مرسلها أن تعيد إرسالها لكل من تعرف, ويوعدك بجنات النعيم إن أرسلتها, ويتوعدك بالويل والخسران لو توقفت الرسالة عندك, ولم ترسلها لمعارفك وغير معارفك, وتكاد ترى سبابته وهو يشهرها في وجهك ويقول إياك ثم إياك أن تتهاون في إرسالها.
وهذا خطأ عظيم لأن الطريق إلى الجنة ليس بإرسال رسالة, فهل من المعقول لو أن إنسانا لا يفعل شيئا صحيحا واحدا وكل حياته أخطاء ومعاصي, وجاءته رسالة من تلك الرسائل فأعاد إرسالها ثم مات, فهل سيدخل الجنة لهذا السبب؟
وهذا عبث لأن دخول الجنة يكون أولا برحمة الله ثم بالعمل الصالح وليس بالنوايا الحسنة, بل على العكس كما يقول المثل الشائع "الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة" فكثيرا ما نبرر أخطاءنا ونقول كانت بِحُسْن نية.
وهذا أيضا تأّله على الله لأنه لا يستطيع أي إنسان أيا كان أن يَعِد أحدا بدخول الجنة, فالوعد بالجنة أو النار ليس من اختصاصات الخلق إنه للخالق, لله تعالى وحده "إليه يرجع الأمر كله"
وقد وصلتني العشرات بل المئات من تلك الرسائل,وكلها تتشابه في المحتوى وتتطابق في النهاية, التي دائما ما تأتي بهذه الصيغة: أنشرها واجعلها حسنة جارية فيجزيك الله عز وجل خيراً ومغفرةً وثواباً عظيماً وتأخذ أجراً على كل من تصله الرسالة بعدك، ويوضع عملك هذا في ميزان حسناتك يوم الحساب، ولا تجعل هذه الرسالة تقف عندك فتحرم من هذا الثواب العظيم, وأدعو لمن أرسل لك هذه الرسالة بالخير.
وكل هذه الرسائل وقفت عندي ولم أرسلها لأحد, والحمد لله لم يحدث لي مكروه  والسبب في أني لم أرسلها لأني لم أجد فيها الشيء الذي يقنعني أنها ستنفع الناس وأنه من الواجب الحتمي نشرها, بل وجدت أنه من الضرورة أن تقف عندي.
وتوجهت بسؤالي لبعض الناس وعلماء الدين عن تلك الرسائل هل نُعيد إرسالها أم تقف عندنا؟

حديث مكذوب لا أصل له


يحسبون أنهم يحسنون صنعا
تقول يسرية حنفي – مهندسة – تصلني العديد من الرسائل وكلها تتشابه لذلك لا أعيد إرسالها, ولكن هذه الرسالة بالذات كان لا بد من الوقوف عندها والرد عليها,ليس رغبة في الأجر أو خوفا من العقاب– من مرسلها– بل كلمة لوجه الله لتوضيح الأمور ووضعها في نصابها الصحيح, فقد وصلتني أكثر من مرة من معارفي راغبي الأجر والثواب, وعنوانها "إعجاز القرآن في التساوي والتضاد", وبداية قرأت فيها"ذكرت الصلاة خمس مرات في القرآن والفروض اليومية خمس فروض, وذكرت الناس 50 مرة والأنبياء 50 مرة" وهكذا...
وتضيف للوهلة الأولى أحسست أن بها أخطاء, لأن كلمة "الصلاة" ذكرت أكثر من50 مرة في القرآن, وكلمة "الناس" أكثر من 100 مرة وغيرها الكثير من الأخطاء,ووجدت أن هذه الإحصائية انتشرت انتشارا واسعا, والناس تتناقل أخطائها بدون تفكير وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا, وكل من يستقبلها يعيد إرسالها تلقائيا لأنه أخذ وعداً من المُرسِل بالثواب والمغفرة والأجر العظيم,أو الويل والثبور إذا لم يرسلها,ولهذا راجعت الإحصائية لأتأكد من صحة الأعداد الواردة بها, وقد كان بها 25 عنوانا ووجدت فقط ثلاثة عناوين صحيحة والباقي خطأ.



أفلا يتدبرون القرآن
وتؤكد فاطمة مبارك- مدرسة تربية إسلامية- أنها وصلتها نفس الرسالة, وتأكدت مما بها من أخطاء,وتقول تذكرت قوله تعالى"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" فلو أن كل مسلم قرأ القرآن وتدبر معانيه, لفتح الله تعالى الأقفال التي على قلبه, ولما أبهرته هذه الإحصائيات وغيرها, ولست أدري ماذا سيفيد الإسلام وجود مثل هذه الإحصائيات, فهي من قبيل "علمٌ لا ينفع وجهلٌ لا يضر" فماذا سأستفيد لو علمت بهذه الإحصائية وماذا سأخسر لو لم أعلم.
 وتضيف لو تدبرنا القرآن لوجدنا إعجازا أعظم وأبلغ وأعمق من أية إحصائيات, فهذه الإحصائية لن تزد المؤمن إيمانا, ولن تُخرج الكافر من كفره,ولكن أغلبنا للأسف هجر القرآن وأصبحنا كقوله تعالى"وقال الرسول ياربِ إن قومي إتخذوا هذا القرآن مهجورا".    



                       
غير لائقة
ويقول عبد الله شاكر- موظف- تأتيني رسائل كثيرة ولكن ليس عندي الوقت لقراءتها, وكنت أقوم بإعادة إرسالها تلقائيا ولا أعرف محتواها لأنه يبدو من عناوين الرسائل أنها محترمة, حتى تلقيت مكالمة من أحد أصدقائي يخبرني أني أرسلت له رسالة تحتوي على موضوعات وصور غير لائقة, فلذلك ندمت جدا وقررت ألا أرسل أي رسالة قبل معرفة فحواها أولا.



سماسرة جنة ونار
أما إلهام السيد- موظفة- فقد استفزتها كثيرا رسالة " عشرة أشياء لن يسألك الله عنها", وتتساءل هل أطلعهم الله على الغيب؟ بالطبع لا, لأنه سبحانه "عالم الغيب وحده لايظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول", وقد انتهى عهد الرسل بوفاة نبينا عليه الصلاة والسلام, فلماذا -والعياذ بالله- نتأله على الله ونقول سيسألك عن كذا ولن يسألك عن كذا, وإذا أرسلتها ستدخل الجنة وإذا لم ترسلها ستدخل النار, هل هم سماسرة جنة ونار؟




إرسلها ولن تندم
ويعترف أحمد محمود- محاسب-  بأن عنوان الرسالة خَدَعَهُ فأرسلها قبل قراءتها حتى لا يفوته الخير "إرسلها ولن تندم وسيأتيك الخير الكثير" وعندما قرأها وجدها إعلانا لبيع كتب دينية, فندم لأنه أصبح معلنا لسلعة لا يعرف عنها شيئا. 

أنقذوا أحبائكم من الموت
وتقول فاطمة المنصوري- مدرسة - جاءتني رسالة خطيرة "العطر القاتل إنتبهوا" وتقول الرسالة "خبر عاجل ومؤكد 100 % هناك  أشخاص عند الإشارت وفي الأسواق والمراكز يبيعون عطورا بها غاز يقتل خلال 4 أيام وقد توفي 18 شخصا, وهناك 35 بالعنـاية المركزة" أنشرها بأسرع وقت وأنقذ ولو روحا بشرية من الموت, الخبر مؤكد مائة بالمائة إحذروا وأنشروها وأنقذوا احبائكم من الموت".
وتضيف المنصوري وبالرغم من كل تلك التحذيرات فلم تهتز لي شعرة واحدة, لأنه لو كان هذا الخبر صحيحا لأعلنت وزارة الصحة تحذيرا عن العطر في وسائل الإعلام حتى يتنبه الناس, ولكن الأمر لم يتعد كونه إشاعة ثقيلة الدم لا تمت للحقيقة بصلة, لأن وزارة الصحة والداخلية أصدرتا بيانا نفتا فيه هذه الشائعة وأنه لا يوجد لا وفيات ولا إصابات, ودعتا المواطنين والوافدين لعدم الالتفات الى هذه الشائعات، وعدم تصديق الا ما يصدر عن الجهات الرسمية المعنية.

غير موجود بالخدمة
ويقول كريم ناجية –موظف بنك- وصلتني رسالة "الحج على نفقة فاعل خير" وأيضا" زراعة كُلى مجانا في مركز طبي" وقبل أن أعيد إرسالها أحببت أن أتأكد بنفسي من رقم الهاتف المذكور بالرسالة, ووجدت الهاتف غير موجود بالخدمة, فعلمت أن الموضوع ما هو إلا مزحة سخيفة من أشخاص لا يقدرون المسئولية. 
إعلان وهمي ورقم تليفون خارج الخدمة


سلوك عدواني ضد المجتمع
وتؤكد الدكتورة منى فاروق- أستاذة بجامعة عين شمس بالقاهرة- أن هذه الرسائل التي يقصد مرسلوها المزاح أو السخرية تعتبر تصرفات غير إنسانية وغير أخلاقية ولا تصدر إلا من أشخاص غير مسئولين, فالشخص الذي يبث رسائل تحتوي على شائعات مثل تفشي مرض ما أو العطر القاتل أو حتى رسائل دينية يكون بها أحيانا مغالطات واضحة, فكل هذا يُعَّد سلوكا عدوانيا ضد المجتمع ويعبر عن بعض العُقد النفسية المترسبة في العقل الباطن.



جرأة شديدة على دين الله
وينبه أ.د.عبد الفتاح إدريس- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة والخبير بالمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي-أن هذه الرسائل التي ترد عبر البريد الإلكتروني والتي تهول من كم الجزاء الأخروي الذي ينال من يستجيب لإرسالها إلي أكبر عدد ممكن من الأصدقاء, هي رسائل فيها الكثير من المعلومات المغلوطة عن الإسلام, والاستجابة لإرسالها إلي أكبر عدد ممكن من الناس وبها هذه المعلومات المغلوطة ينشر الضلال, ويفضي إلي إثم صاحبه بمقدار الضلال الذي يحدث لمن أرسله إليهم, مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة ", بل إن التقدير المبالغ فيه لحسنات مرسلها فيه كذب وجرأة شديدة علي دين الله تعالي, ولا يخلق بمسلم أن يتصف بذلك حتى لا يستحق الوعيد الشديد علي الكذب علي شرع الله تعالي والجرأة علي دينه.




كثير من الأخطاء
ويقول الشيخ محمود حامد- لجنة أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية- معظم هذه الرسائل تحتوي على كثير من الأخطاء الدينية والقليل منها صحيح, ولكل إنسان الاختيار فى إرسال الصحيح منها أو ترك الإرسال، أما الخاطيء فلا يحل إرساله مطلقا.




حكم الشرع في مضمونها
ويرى الدكتور عادل أحمد الرويني  - كاتب إسلامي- إنه لابأس من نشر تلك الرسائل إن لم تكن تحتوي على مخالفة شرعية، وعلى من تصله تلك الرسائل أن يسأل أحد العلماء عن حكم الشرع في مضمونها قبل أن يبادر بنشرها, والله تعالى اعلى واعلم واعوذ به من الزلل .

كيف نجعل طوال العام رمضان؟؟؟


كيف نجعل رمضان طوال العام؟

مرت أيام رمضان سراعا ككل عام , كالضيف الخفيف ,الذي لا يريد أن يُثقل على الناس.
ولا أدري لماذا تتناقض أحوال الناس بين شهر رمضان , وبقية شهور السنة , فتجد المنحنى الإيماني في أعلى قمته في رمضان , ثم ترى آخر عهد لمعظم الناس بالمساجد هو صلاة العيد , وإذا مررت على أي مسجد في صلاة الظهر بأول أيام الفطر, لن تجد الصف الأول مكتملا  , وكل رمضان نُمنى أنفسنا بالمداومة على الأعمال الصالحة طوال السنة , وتأخذنا مشاغل الحياة , ولكن بالطبع عدم تنظيم الوقت هو السبب الرئيسي , وليس مشاغل الحياة.
فالوقت في رمضان منظم بطريقة ربانية, ولكن في غير رمضان نحتاج لقليل من الجهد , لنغيَّر أنفسنا ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد11 , فيجب أن ندير وقتنا بطريقة تمكننا من العمل والعبادة في آن واحد. ولا نهدم طوال العام, ما بنيناه في شهر رمضان , وقال تعالى (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) النحل 92
النكث : هو الغزل المنقوض
وعن عبد الله بن عمرو, قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله لا تكن مثل فلان , كان يقوم الليل فترك قيام الليل) متفق عليه.
وعاتب الله تعالى المؤمنين , سائلا  أما حان للمؤمنين أن ترق قلوبهم, وتلين لمواعظ الله , وألا يكونوا مثل أهل الكتاب , الذين طال عليهم الزمن , فأصبحت قلوبهم قاسية مثل الحجارة لا تلين لموعظة ولا لذكر ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)  الحديد 16  , وقال ابن مسعود : ( ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين).
فما بالنا نحن وقد مرت علينا القرون الطوال, ألم يحن الوقت لتخشع قلوبنا وتلين لذكر الله؟  
وقد بشرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بالجنة نتيجة لما اكتسبنا من عمل صالح في حياتنا ,  ( لن يشبع مؤمن من خير ,حتى يكون منتهاه الجنة) رواه الترمذي.
وقد حثنا الله تعالى في أكثر من آية  على المسارعة والمسابقة بالخيرات , وعمل الصالحات , فالتعبير بالمسابقة , يوحي لك بميدان السباق والرغبة في الفوز , فالمؤمنين يتنافسون أيهم يسبق في فعل الخير, وينبغي أن نعلم أن أمور الآخرة تأتي بالمسارعة , والمسابقة , كقوله تعالى ( فاستبقوا الخيرات) البقرة 148 , (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا )  المائدة48 , (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) آل عمران 133 , (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)الحديد 21  , ويصف المؤمنين ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)  المؤمنون 61, وفي وصف نبي الله زكريا وزوجه ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات)    الأنبياء 100  , وحتى موسى عليه السلام عندما ذهب للقاء ربه قال: ( وعجلت إليك رب لترضى ) طه 84 .
ولكن في أمور الدنيا يأتي الأمر بالسير دون التعجل ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )  الملك 15
وينصحنا النبي صلى الله عليه وسلم  بعمل الصالحات قبل أن تهزمنا واحدة من سبعة أمور عظام , مثل الفقر , أو الغنى الذي ينسينا فعل الخير , أو المرض , أوالخرف في الكلام عند الكبر ,أو الموت  , أو فتنة الدجال وهي أعظم فتنة للبشر , أو قيام الساعة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال سبعا , هل تنتظرون إلا فقرا منسيا , أو غنى مطغيا , أو مرضا مفسدا , أوهرما مفندا , أو موتا مجهزا , أو الدجال , فشر غائب ينتظر, أو الساعة فالساعة أدهى وأمر) .
مفندا: الفند الخرف والتخليط في الكلام.
وعن كيفية جعل طوال العام رمضان ؟ طرحنا هذا السؤال على بعض علماء الدين......

وقالت ابتسام سالم بو سمنوه – الواعظة بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة,
في شهر رمضان , تتنزل الرحمات, وتكثر الهبات من الله تعالى , وترتفع الدرجات عند الله , ويقبل الإنسان بالكلية إلى الله , ونجد الغني والفقير يتصدقون , وبعد رمضان , يختلف الوضع!!! ولكن يجب أن يداوم الإنسان على الطاعة , حتى يصبح طوال العام رمضان  , لأن من أعظم الدلائل على قبول الطاعات , هو المداومة عليها.   وقال تعالى ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فيجب أن تبقى النفس كما كانت في شهر رمضان.
وتضيف , الصلوات من أجَّل الأعمال التي يجب أن يحافظ عليها الإنسان طوال العام, وهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة, ( والذين هم على صلواتهم يحافظون) ,  وإذا انتهى رمضان فإن قيام الليل لا يجب أن ينتهي , وقال تعالى ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) , كذلك إذا انتهى رمضان , فلا يجب أن تنتهي الصدقة , فهي من الأعمال الصالحة التي يجب المداومة عليها , كذلك المداومة على قراءة القرآن ,فلا نجعل القرآن مهجورا.
وتنصح بو سمنوه , لجعل طوال العام رمضان , يجب أن نتحلى بالعزيمة الصادقة, وهذا يتطلب منا ترك الكسل والعجز, الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم , يتعوذ بالله منهما (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, والعجز والكسل, وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).

ويقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس – أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن- كلية الشريعة والقانون ,  جامعة الأزهر بالقاهرة – أن شهر رمضان هو شهر الطاعة والبر, والإحسان والمعاملة الحسنة , والإلتزام بالمواعيد , وهو شهر التقوى, ومراقبة الله تعالى, وهو شهر التواصل, ففيه يصل المسلمون بعضهم بعضا , غنيهم يصل فقيرهم, ويصل المرء فيه قريبه وذي رحمه, وهو شهر العمل والنشاط, فلا يفتر أحد فيه عن العمل, ولا ينقطع فيه عن أدائه, إيمانا وامتثالا لقول الحق سبحانه: (وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون) , وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ( من بات كالا من عمل يده , بات مغفورا له).
ويؤكد الدكتور إدريس , أن هذه الأخلاق التي انتهجها المسلمون في هذا الشهر يجب أن ينتهجوها في كل شهور السنة , بحسبان هذا الالتزام الإسلامي والأخلاق التي دعا إليها الإسلام, لا يقتصر التمثل بها في شهر معين من شهور السنة, بل يجب أن تترسم في كل وقت وحين, لأن ذلك هو تعاليم الدين الإسلامي, الذي لا يفرق في شأن الالتزام بتعاليمه وآدابه بين شهر وشهر, أو بين وقت وآخر.
ونصيحته للمسلمين أن يلتزموا في بقية شهور السنة بما التزموا به في رمضان , من أداء العبادات في أوقاتها, والاجتهاد في الطاعات تقربا إلي الله تعالي, ورغبة فيما أعده للطائعين من عباده , ومن البر والإحسان إلي الفقراء والمساكين والمحتاجين, وتواصل المسلمين مع بعضهم البعض, وصلة ذوي قرباهم, والتخلق بالخلق الحسن, والبعد عن الصخب واللغو والبذاءة والغيبة والنميمة وقول الزور, والتفاني في العمل وإتقانه, انتهاجا لمدرسة رمضان في كل شهور السنة, والتزاما بشرع الله تعالي, وتأدبا بآداب الإسلام القويمة .

وأفاد الشيخ على سلمان – الواعظ بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة – أن  النبي صلى الله  عليه وسلم , قد حثَّ أمته على أن يشغلوا أوقاتهم كلها في طاعة الله عز وجل فقال: (افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده) رواه الطبراني. وأوضح الشيخ سلمان , أن هذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم , على أنه ينبغي استغلال موسم العمر في فعل الخير، ولا يقتصر في ذلك على زمان معين ، أو وقت محدد ، ثم نبه النبي صلى الله عليه وسلم  , بعد ذلك على أن نتعرض لنفحات رحمة الله من القيام بالأعمال الصالحة واغتنام المواسم التي يضاعف فيها الأجر، ومن تلكم المواسم موسم رمضان.
وينصح كل مسلم , أن يجعل رمضان موسماً يزداد فيه من الأعمال ، فإن رب رمضان هو رب بقية الشهور، بل إن من علامة قبول العمل في رمضان الاستمرار في طاعة الله عز وجل بعده.
                                                              
وقال الشيخ محمد سلامة – الواعظ بوزارة الأوقاف المصرية - كثير دائم خير من قليل منقطع , فيجب أن نداوم على أداء ولو القدر اليسير من العبادات التي نستطيع فعلها يوميا , وقال صلى الله عليه وسلم قال ( كان أحب الدِين إليه , ما داوم صاحبه عليه).
ويضيف , في رمضان يختم الناس قراءة القرءان مرة أو أكثر, وبعد رمضان يُهجر المصحف حتى تتراكم فوقه الأتربة , وقال تعالى ( وقال الرسول يارب إن قومي إتخذوا هذا القرءان مهجورا )  الفرقان 30 , لذا يجب أن نجعل لنا وِردا يوميا من قراءة القرءان , حتى ولو كان صفحة واحدة أو صفحتين فقط , فهكذا لا يهجر القرءان أبدا.
وينصح الشيخ سلامة أيضا , بأداء الصلاة في وقنها لأنها من أحب الأعمال إلى الله تعالى , وكذلك صوم ثلاثة أيام من كل شهر, وقال ابن مسعود : ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم :أي الأعمال أفضل ؟ قال :الصلاة على وقتها, قلت: ثم أي ؟ قال: بر الوالدين , قلت :ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله) متفق عليه  , وقال أبي الدرداء رضي الله عنه : أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: ( بصيام ثلاثة أيام من كل شهر, وصلاة الضحى, وبألا أنام حتى أوتر). رواه مسلم.,  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله , إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) متفق عليه.
                                                                         سوسن سحاب

قل من صديقك أقل لك من أنت

قل لي من صديقك أقول لك من أنت
من أقرب أصدقائك


بقلم: سوسن سحاب



- عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ..فكل قرين بالمقارن يقتدي
- صديقي مرآتي
- صداقتي لأبي جعلتني رجلا
- الأشخاص بلا أصدقاء معرضون للاكتئاب والقلق



"سلام على الدنيا إذا لم يكن بها....صديق صدوق صادق الوعد منصفا" 
لا يمكن أن أتحدث عن الأصدقاء دون أن أبدأ بشعر الإمام الشافعي الذي يبين أن الحياة بدون الصديق غير محتملة!!!!

تعريفات الصديق
ولقد قيل في الصديق الكثير.... فقد عرفه الجرجاني في كتابه التعريفات: "الصديق هو الذي لم يدع شيئاً أظهره باللسان إلا حققه بقلبه وعمله". 
وقال الخليل بن أحمد: "الرجل بلا صديق كاليمين بلا شمال".
وقال ابن القيم "رفقاء السوء يفسدون القلب ويضيعون الوقت" وقيل أن "الصديق وقت الضيق" وأيضا "صديقك من صدقك", و"إسأل عن الصديق –الرفيق- قبل الطريق".


ولا تطع غافل القلب
وأعظم ما قيل في الصديق بالطبع كلام الله تعالى "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" الكهف. 
أي يأمرنا الله بمصادقة الذين يخلصون لّه ويعبدونه لأنَّ إيماننا سيزداد معهم, أما مصاحبة الأشرار فتُعمي القلب وتزيد الهم والغم....


إلا المتقين
ويوم القيامة كل صداقة في غير الله ستنقلب عداوة لقوله تعالى "الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِين".
وأجمل الصداقات وأروعها هي صداقة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق.....


حامل المسك
وفي الحديث "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن ‏يحذيك‏ ‏وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة".


الصديق مرآة
والصديق في رأيي هو مرآة الإنسان...فعندما تنظر في المرآة فإنك ترى نفسك, وكذلك الصديق فإنك ترى فيه نفسك وعندما تحدثه فكأنما تحدث نفسك, لذا يجب أن تكون مرآتك نظيفة لامعة حتى تستطيع رؤية نفسك بوضوح.


المرء على دين خليله
وفي الحديث "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" أي إذا أردت أن تعرف الإنسان فعليك أولا معرفة من يصادق!!!! 


من أنت؟
فإذا كانت صداقته مع القرآن فهو إنسان متدين يؤدي حقوق الله والعباد....والصداقة مع الأم معناها إنسان عاطفي حنون يحب الناس...وإذا كان يصادق زوجته فهو إنسان واقعي صادق ومتصالح مع نفسه...وصداقته مع الأب تعني أنه طموح متوازن واثق من نفسه....وصداقة مع الأقران تعني إنسان اجتماعي يحب الحياة والمرح....وصديق النت إنسان متقلب هوائي يعشق التغيير....وصداقة الكتاب معناها إنسان مثقف متعالي يحب الوحدة...أما صديق الحيوان الأليف فهو إنسان إنطوائي مدلل يفتقد ثقة الآخرين.
فأي هؤلاء أنت؟؟؟؟ قل لي من تصادق أقول لك من أنت!!!!!!

رُبَ أخٍ لم تلده أمك
تقول جميلة عبيد – ربة منزل- صديقة عمري هي أقرب الناس إلى قلبي ودائما أجدها جواري في كل مواقف حياتي....السارة وغير السارة, وبرغم أن لي أخوات ولكني أشعر أنها أختي التي لم تلدها أمي.
زوجي صديقي
تقول سهام وزيري- فنانة تشكيلية- صديقي الوحيد الذي يفهمني ويشعر بما أريد قوله قبل أن أتكلم هو زوجي, وأعتبره صديقا حقيقيا, فأتحدث معه في كل شيء وبحرية تامة وأستشيره في كل شيء....حتى خلافاتي مع أهلي ولا أخشى الحرج, ودائما ما يعطيني رأيه بحيادية في أمور قد يتخذها أي زوج زريعة لمعايرة زوجته بها, ويبادلني هو نفس الصداقة حتى أنه أحيانا يكلمني في أمور لو أخذتها بعين الزوجة لحدثت مشاكل كبيرة, ولَذَهب يبحث عن صديقة غيري.

صداقة مرفوضة
وتعاني أمل شادي –سكرتيرة - من صداقة أمها مع الكتب!!!!وتقول منذ كنت طفلة وحتى الآن ولا أرى أمي إلا وهي تقرأ.... منذ الصباح وحتى موعد نومها, حتى وقت الطعام فالكتاب بجوارها, حتى أصبحت أكره الكتب والقراءة!!! والحمد لله على وجود الخادمة وإلا كنا متنا جوعا.

مصنع الرجال
ويرى أشرف يسري –موظف- أن صداقته مع أبيه صنعت منه رجلا منذ الطفولة, فقد تعلم من تلك الصداقة كيف يكون رجلا في كل المواقف, وبعدما كبر أصبح  بالنسبة لأبيه صديقه الوحيد.

كاتي كاتمة أسراري
وتقول نورا أحمد – طالبة- لقد كانت لي صديقة ولكنها لم تحفظ أسراري ولم تصن عشرتنا, لذا فإني فقت الثقة في الناس, والآن صديقتي هي قطتي كاتي أحكي لها كل أسراري وأنا واثقة أنها ستكتم سري!!!

أصدقاء الشات
وينكر وائل أحمد – مبرمج - وجود الصداقة..ويقول الصداقة أصبحت عملة نادرة وإذا وجدت فلا يوجد الوقت الكافي للأصدقاء, ويعترف أن صداقاته كلها على (النت) ويقضي ساعات اليوم في الدردشة(الشات) مع أصدقاء من كل أنحاء العالم.

هذه السيدة أمي
وتخبرنا أمال السيد- جامعية- عن صداقتها بأمها, وتقول أفتخر دوما أن أمي صديقتي وأبوح لها بكل أسراري ولا أستحي من السؤال عن أي شيء لأني لن أجد غيرها تعطيني المعلومة الصحيحة, ووجودها بجواري في كل وقت حماني من الوقوع في أخطاء وقعت فيها زميلات لي كن يعتبرن استشارة الأم وصداقتها موضة قديمة.

كتاب الله صديقي
 أما علاء الشورى –خبير إقتصاد إسلامي- فيقول صداقتي الحقيقية مع القرآن الكريم, فالقرآن هو الصديق الوحيد الذي أشعر بالراحة معه والذي أجد عنده إجابة لكل سؤال,وكما يقولون من أراد أن يكلم الله فعليه بالصلاة ومن أراد أن يكلمه الله فعليه بالقرآن, ففي الصلاة نكلم الله وندعو بما نريد وعندما نقرأ القرآن يكلمنا الله.

الصداقة أخوة في الله
ويؤكد الشيخ سالم الدوبي- واعظ بدائرة الأوقاف والشئون الإسلامية- على حسن اختيار الصديق عند إنشاء العلاقات بين الناس,ويجب مراعاة المعايير الحقيقية في اختياره لأنها قبل أن تكون صداقة فهي أخوة في الله, فيحب الصديق لصديقه ما يحب لنفسه, ويكون أساس التعامل هو الاحترام والتقدير والأمانة والصدق والنصيحة,ومفهوم الصداقة أوسع مما يظنه البعض..
فبين الولد وأبيه صداقة تسهم في حل كثير من مشاكل المراهقين وتُكسِب الولد خبرة في مواقف الحياة, والأم كذلك يمكن أن تصادق ابنتها وتتفهم من خلال هذه العلاقة حاجاتها النفسية وبهده الصداقة نبني مجتمعا قويا متماسكا.

قيمة كبيرة في حياتنا
وتشير أ.د. شيرين محمود - أستاذة علم نفس بآداب عين شمس- أن الصداقة الحقيقية تقوم على التشابه الروحي ولا تتحقق إلا بين شخصين متقاربين روحيا, وبرغم أننا نعيش عصر السرعة وانتهاء اليوم في ثواني وعدم إيجاد الوقت للتواصل مع الأصدقاء...إلا أن لوجود الأصدقاء في حياتنا قيمة كبيرة ويكفي أن تجد صديقك بجوارك وقت فرحك أو حزنك, فلن تجد من يسعد أو يبكي من قلبه لأجلك إلا صديقك. وتؤكد أنه لا تقتصر حدود تأثير الصداقة على المهارات الاجتماعية بل تتسع لتشمل عددا آخر من السمات والمشاعر الإيجابية السارة, وتضيف أن الأشخاص بلا أصدقاء عرضة للاكتئاب والقلق والسأم وانخفاض تقدم الذات كما يعانون من التوتر والخجل والعجز عن التصرف الكفء.


كشف حساب ماذا فعلت لربك ولدينك طوال العام



كشف حساب
ماذا فعلت لربك ودينك طوال العام

كل يوم جديد على عملك شهيد
إنما خف الحساب على أقوام كانوا يحاسبون أنفسهم في الدنيا
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم
سبحانك ما عبدناك حق عبادتك
حاسب نفسك فى الرخاء قبل حساب الشدة
توشك السنتين الهجرية والميلادية على الرحيل...ويوشك أن يمضي معهما عام من عمرنا...فهلا وقفنا مع أنفسنا وحاسبناها؟؟؟؟ ماذا فعلتِ من أبكيت ومن أسعدت؟؟؟ كم لك من الحسنات وكم عليك من السيئات؟؟؟؟
توشك أن تمضي أياما...ستشهد علينا أو تشهد لنا يوم القيامة, فما من يوم يولد فجره إلا وينادي أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فتزود منى فإنى لا أعود إلى يوم القيامة .
لذا يجب على المسلم محاسبة نفسه ومراجعتها ليعرف ما له وما عليه, ويسأل نفسه هل كان أقرب لعبادة الله وطاعته؟؟ هل شكر الله تعالى أن هداه للإسلام وأعانه على طاعته وحسن عبادته؟؟؟ هل أيقظ نفسه اللوامة حين قصَّر؟؟ هل عقد النية والعزم على التوبة وتعويض ما مضى؟؟؟ هل وضع خطة مستقبلية ليتدارك ما فاته ويتجنب الوقوع في المعاصي ويزيد من أعمال الصالحات ليبدل سيئاته حسنات؟؟ كما قال تعالى "إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيما" الفرقان70.
والعجيب أنك أحيانا تجد من بلغ من العمر عتيا لا يستطيع الإقلاع عن المعاصي متمسكا بحجج واهية, ولو قبض الله روحه على معصيته سيجادل ربه!!!كما قال تعالى "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا" المؤمنون99, وقال النبي صلى الله عليه وسلمأعذر الله إلى إمرئ آخرَّ أجله حتى بلغه ستين عاماً "أي أنه لن يجد عذرا عند ربه يتعلل به لترك عبادته طوال هذا العمر المديد.وفي الحديث القدسي أحب ثلاثا وحبى لثلاث أشد.. أحب الغني الكريم وحبي للفقير الكريم أشد وأحب الفقير المتواضع وحبي للغني المتواضع أشد وأحب الشيخ الطائع وحبي للشاب الطائـع أشـد, وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشد...أبغض الغني المتكبر وبغضي للفقير المتكبر أشد وأبغض الفقير البخيل وبغضي للغني البخيل أشد، أبغض الشاب العاصي وبغضي للشيخ العاصي أشد."
وينبغي أن ندخر حسنات في بنك الآخرة...ولا نستنفذها كلها في الدنيا ونقف يوم القيامة بين يدي الله صفر اليدين "ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون" الأحقاف20
وعلينا أن نحاسِب أنفسنا قبل أن نحاسَب ونتُب إلى الله قبل أن يقفل باب التوبة ولا نستطيع أن نتب, وفي الحديث "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" فماذا لو استيقظت يوما ورأيت الشمس طلعت من مغربها وأنت لم تتب بعد؟؟؟
اللهم إقبل توبتنا وإنابتنا وإجعلنا ممن ثقلت موازينهم يوم القيامة.... ولا تجعلنا مثل "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" الكهف104.
ونسأل الله أن يخفف عنا الحساب وييسر لنا السؤال ونكون من الناجحين الفائزين... ويجعلنا مثل الذين قال عنهم "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلا* خَـٰلِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِولا" الكهف 107 , 108َ.
وفي السطور القادمة سنتعرف من بعض العلماء على كيفية محاسبة النفس.

يؤكد أ.د. عبد الفتاح إدريس- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون  جامعة الأزهر بالقاهرة والخبير الفقهي بالمجامع الفقهية في العالم الإسلامي- أنه يجب علي المرء أن يحاسب نفسه كل لحظة وكل يوم, وذلك باستعراض ما عمله وما صدر منه من أقوال أو أفعال علي مدار يومه, كم منها يحسب في حسناته وكم منها يحسب من سيئاته, ويجتهد كل يوم أن يزيد من جانب حسناته بحيث تطغي علي ما يرتكبه من سيئات, إنه إن فعل ذلك أقلع عن السلوك غير السوي, والتزم بآداب الإسلام ولم يُرَ إلا علي طاعة الله تعالي, واجتهد في مضاعفة حسناته وابتعد بنفسه عن موارد الهلكة وارتكاب المعاصي, وهذه المحاسبة امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم".

د. حسين شحاته
 أما أ.د. حسين شحاتة - أستاذ المحـاسبة والمراجعة بكليـة التجارة جامعـة الأزهر وخبير استشاري فى المحاسبة والمراجعة والزكاة في دول العالم الإسلامي- فيعتبر محاسبة  النفس من موجبات التربية الروحية لتقويمها لتلتزم بالصراط المستقيم...صراط المؤمنين المتقين، ولقد أشار الله إلى ذلك فى كتابه الكريم فقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" الحشر 18, كما أمر الله عباده المؤمنين بضرورة خشيته وتقويم ما قدموه من الأعمال قبل الوقوف بين يديه فقال تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" التوبة 94، وفي الحديث "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى"
ويضيف شحاته أن للمسلم وقفة مع الله يوم القيامة ليحاسبه عن البيعة التى فى عنقه عندما دخل الإسلام ونطق بالشهادتين، ثم عاهد الله على الالتزام بفرائض الإسلام وأركان الإيمان...ولقد إلتزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذه التربية الروحية للنفس والمحاسبة أمام الله فكانوا أشد الناس محاسبة لأنفسهم والنموذج المتميز لذلك هو عمر بن الخطاب القوى فى الحق الذى قال "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".

ويرى الشيخ سالم الدوبي -الواعظ بدائرة الشئون الإسلامية والأوقاف بالشارقة- أن محاسبة النفس هي أن ينظر العبد في أعماله وأحواله وأقواله ليومه أو شهره أو سنته أو عمره فما وجد من حسنة حمد الله عليها وما وجد من سيئة أحدث لها ندماً، ومحاسبة النفس سمة المؤمن...و يقول الحسن البصري "المؤمن قوام على نفسه يحاسبها وإنما خف الحساب على أقوام لأنهم كانوا يحاسبون أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب على أقوام لأنهم لم يأخذوا هذا الأمر بالجد ولم يكونوا يحاسبون أنفسهم".
والمحاسبة لها مجالات كثيرة ومنها :محاسبة النفس على أداء الفرائض والمحافظة على النوافل والتخلق بجميل الاخلاق، والبعد عن المحرمات وترك تضييع الاوقات، والنظر في نعمة المال اكتسابا وانفاقا، كما تشمل المحاسبة الندم على ما ارتكبنا من أخطاء واستدراك ما فات والتخطيط للمستقبل، ومتى ما كانت المحاسبة شاملة لهذه المجالات كانت المحاسبة مثمرة.

ويؤكد علاء الشورى – خبير اقتصاد إسلامي- أن المؤمن الحق يشعر بالتقصير تجاه الله ودائما ما يحاسب نفسه ويعاتبها على تقصيرها في حق الله, وعندما نزلت آية "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" بكى المسلمون الأوائل على عتاب الله لهم ولم يمر على ظهور الإسلام سوى أربع سنوات!!!!
ويضيف أن محاسبة النفس هى عبادة ودعاء إلى الله وتربية روحية للمؤمن, وعندما يحاسب الإنسان نفسه فورياً ويومياً وأسبوعياً وشهرياً وسنوياً فإنه يعرف توفيقه فى الصالحات فيكثر منها, وكذلك يقف على تقصيره فيعاقب نفسه ويندم ويتوب ويستغفر ويجدد العهد مع الله على عدم العودة للذنوب ثانية ويُكثر من الأعمال الصالحات تكفيراً للسيئات...
ويقول الشورى "إن لله تعالى ملائكة في السماء الدنيا خشوعا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان ذي الملك والملكوت، فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ولله تعالى ملائكة في السماء الثانية ركوعا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان ذي العزة والجبروت، فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ولله تعالى ملائكة في السماء الثالثة سجودا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان الحي الذي لا يموت فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك" فإذا كانت الملائكة تقول ذلك فماذا نقول نحن؟؟؟؟