الخميس، 23 فبراير 2012

وصايا نبوية للزوجين

وصايا نبوية للزوجين

حقوق الزوجة وحقوق الزوج
مطالب مشروعة أم رفاهية مرفوضة




بقلم: سوسن سحاب

دستور سماوي
وضع الله سبحانه وتعالى دستورا سماويا محكما ودقيقا لتنظيم العلاقات الإنسانية بين المرأة والرجل, وهذا الدستور عبارة عن قوانين منظِمة للعلاقة بين الطرفين, مع ضمان حقوق كل منهما وواجباته تجاه الآخر, ولو قرأ كل من الزوجين هذا الدستور جيدا ووعيَّه بقلب فطن, لعرف كل منهما ما له وما عليه, فتصبح الحياة بينهما تكاملية وليست تنافسية...فيكونان مثل إثنين يغزلان معا بساطا من الحرير, وليسا مصارعين في حلبة .
ولو وجدت زوجين بينهما خلافات شديدة ومشاكل مستمرة...إعلم أنهما لا يسيران على منهج الله.

ذات الدين
وأول واجب في الزواج هو اختيار المرأة الصالحة, لأنها سيقع على عاتقها تكوين أسرة صالحة ومجتمع صالح, وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها  ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
أي أن الرجل في العادة يتزوج المرأة من أجل هذه الخصال الأربع, وأولها المال والجمال وآخرها ذات الدين,  ولكن على صاحب الدين المتين (المتدين الورع الذي يريد أبناءا صالحين) أن يحرص على المتدينة  مثله لأن "الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات" النور 26

من أكثرهن بركة؟
ومن الواجب على وليّ المرأة ألا يغال في المهور لأن أقلهن مهرا أكثرهن بركة, وقد زوَّج النبي صلى الله عليه وسلم, ذلك الرجل الذ لم يجد عليه إلا إزاره - ولم يقدر على خاتم من حديد- ومع هذا فزوَّجه من تلك المرأة وجعل صداقها عليه أن يعلمها مما معه من القرآن, وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاثة حق على الله عونهم, الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء والغازي في سبيل الله"  وقال تعالى: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" النور 34

ثمار التقوى
وتقوى الله من أهم واجبات كل طرف تجاه الآخر, فالتقوى هي مفتاح النعيم في الدنيا والآخرة ,فإذا اتقىَّ المرء ربه في الطرف الآخر فلن يظلمه, وقال تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" النساء 1 , وقال أيضا "أن أكرمكم عند الله أتقاكم" الحجرات13, فإذا أحب الزوج زوجته – وهو يتقي الله- فسوف يكرمها, وإذا كرهها- وهو يتقي الله- فلن يظلمها, وكذلك الزوجة إذا أحبت زوجها وهي تتقي الله فستجعله أسعد إنسان, وإذا كرهته وهي تتقي الله فلن تنكد عليه حياته.

المودة والرحمة
ومن الواجبات أيضا السكن أي السكينة والهدوء وراحة البال وأيضا الحب والتراحم, فعندما يتزوج الإنسان ماذا يريد أكثر من السكينة وراحة البال والحب والود والكلمة الطيبة؟  
فقد جعل الله الألفة والسكن والمودة والرحمة – وهي من أعظم آيات الله- عنوانا للحياة المستقرة للبيت المسلم ولا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين.
وهذه المقومات هي التي تهون مصاعب الحياة وهي التي تنهي الخلافات والمشاكل البسيطة إذا حدثت, وهي التي تجعل الإنسان يتفرغ لعبادته وعمله بذهن صاف, وقال تعالى "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها" الأعراف 189, وقال أيضا "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" الروم 21.

اللهم جنبنا الشيطان
ومن الواجبات أيضا استمتاع كل من الزوجين ببعضهما البعض, وقد بيَّنها لنا الله تعالى "وقدموا لأنفسكم واتقوا الله" البقرة223  أي لا بد من الملاطفة والمداعبة قبل الجماع.
وأيضا واجب التسمية عند الجماع أي تقول بسم الله, وعن ابن عباس قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدكم أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله, اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا, فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لن يضره الشيطان أبدا".
وليس من الإسلام هذه الحركات الرخيصة التي تمتنع فيها المرأة عن زوجها حتى يلبي طلباتها, فيغضب عليها زوجها وتلعنها الملائكة, لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حنى تصبح" صحيح البخاري ومسلم.

لا للضرب
وليس من الإسلام أيضا ضرب المرأة في كل وقت ولأتفه سبب, وقد قبح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل وقال "يعمد أحدكم فيجلد إمرأته جلد العبد, فلعله يضاجعها من آخر يومه" فزجر الرجل الذي يجلد زوجته في النهار ثم ينام معها في الليل.

لهن مثل ما عليهن
وللنساء على الرجال من الحقوق مثل ما للرجال عليهن, وليؤد كل واحد منهما حقه تجاه الآخر وقال تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" البقرة 228 . وعن ابن عباس قال "إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة لأن الله يقول "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف".

بما أنفقوا
ومن واجبات الرجل هوالقوامة لقوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" النساء 34 , وجعل الله تعالى القوامة للرجل بما له من فضل على المرأة, فله الطاعة وعليه الإنفاق والقيام بالمصالح والمهر والتكاليف التي أوجبها الله عليه في الكتاب والسنة.

وصايا خطبة الوداع
وقد لخَّص النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الطرفين في خطبة الوداع "ألا إن لكم على نساءكم حقا ولنسائكم عليكم حقا, فحقكم عليهن أن لا يوطئن فُرشكم من تكرهون, ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون, ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن".

نشوز الزوجة
وقد بيَّن لنا القرآن الكريم حالات النشوز- أي الإرتفاع والعلو والتكبر - من المرأة أو الرجل وكيفية علاجه, فقال تعالى "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا" النساء34
فالمرأة الناشز التي  تتكبر على زوجها وتعصي أمره وتعرض عنه, فعلى الزوج أولا أن يعظها ويذكرها بعقاب الله, فإن الله أوجب حق الزوج وطاعته وحرم عليها معصيته, وبعد الوعظ يأتي الهجر وهو ألا يجامعها ويوليها ظهره وهو على فراش الزوجية, فإذا لم ترجع فعليه ضربها ضربا غير مبرح ولا مهين ولا موجع ولا يضرب الوجه ولا يكسر العظم ولايسب أويقبح, فإن رجعت وأطاعت فعليه معاملتها بالحسنى فلا ضرب ولا هجران بل يتقي الله فيها. 

حق الزوجة
وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت, ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" قال أبو داود: ولا تقبح: أن تقول قبحك الله.
وقال تعالى في نشوز الزوج (وإن إمرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) النساء 130

نشوز الزوج
في هذه الحالة إذا خافت المرأة من زوجها النشوز أي الإعراض عنها أو طلاقها وكانت متمسكة به ولا ترغب في الطلاق, فلها أن تُسقط عنه حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت ولا حرج عليه إذا قبل ذلك منها."وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" النساء 128
ولهذا عندما كبرت سودة بنت زمعة, عزم النبي صلى الله عليه وسلم على فراقها, فصالحته على أن يمسكها وتترك يومها لعائشة, فقبل ذلك منها وأبقاها.
وعن ابن عباس قال: خشيت سودة أن يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل.

خياركم خياركم لنسائكم
ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للزوجين "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها بآخر". أي لا يبغض المؤمن زوجته على وجه العموم فإن كان فيها خلق سيء فليرضى بما فيها من أخلاق حسنة, والحسنة تستر وتمحو السيئة .
وأيضا "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا, وخياركم خياركم لنسائهم".
وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك".

بشرى للزوجة المؤمنة
وهذه بشرى للزوجة المؤمنة من النبي صلى الله عليه وسلم "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها, وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: أدخلي الجنة من أي الأبواب شئت".
ويؤكد الشيخ سالم الدوبي - الواعظ  بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة- على مراعاة حسن الإختيار من الطرفين بدايةً ومعرفة كل ذي حق حقه, وأيضا أن تكون هناك عشرة بالمعروف لقوله تعالى "وعاشروهن بالمعروف", وإن كانت هناك مودة بين الزوجين فلا بد أن تكون هناك رحمة.
ولابد أن يعرف كل من الزوجين الحقوق الشرعية للطرف الآخر عليه, فهناك حق الله وحق العباد (الزوجة), وعلى الزوجة أن تطيع زوجها في كل ما أمر به الله, وقال تعالى "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" فإذا كان هناك بيت لا تجد فيه صلاة فإنه تسكنه الشياطين.
ويؤكد على ضرورة تفعيل دور صندوق الزواج في تهيئة الزوجين قبل الزواج ,بالحياة الجديدة المقبلين عليها, حتى نمنع المشكلات قبل حدوثها.

الميثاق الغليظ
ومن أكبر مقومات الزواج الناجح هو الحفاظ على الأسرار الزوجية, ويقول الشيخ يوسف الحمادي –الواعظ بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة- إن من العقود التي أمر الله جل وعلى بالوفاء بها والتزام كل ما يترتب عليها من حقوق,عقد الزواج وذلك لكونه من المواثيق الغليظة وقال تعالى "وأخذنا منكم ميثاقا غليظا".
فعقد النكاح ميثاق غليظ شديد,بنص كتاب الله, وإن من مقتضيات هذا العقد , والقيام بحقوقه ,حفظ الأسرار التي تقع بين الزوجين , وكتمانها وعدم إفشائها, وهذا عام في كل ما يجري بين الزوجين من كلام خاص يتعلق بلأسرة ككل أو يتعلق بأحدهما.

أشر الناس
ويتعين كتمان السر في خصوص ما يجري من علاقة المعاشرة, وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة نصوص فيها الوعيد الشديد على من يقوم بهذا العمل ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري في صحيح مسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة, الرجل يفضي إلى إمرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها". 
ومعنى الإفضاء: الجماع.
وقد وُصف صاحب هذا الفعل بأنه من أشر الناس, وهذا دليل على تحريم إفشاء الأسرار الزوجية, والقيام بهذا العمل ينافي الأمانة المطلوب حفظها بين الزوجين, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة, الرجل يفضي إلى إمرأته وتفضي إليه,ثم ينشر سرها" ومعنى أعظم الأمانة: أعظم خيانة للأمانة,كما قال شُراح الحديث.

يفعلن ويفعلون
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم جالسا والرجال والنساء قُعود عنده, فقال لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله, ولعل إمرأة تخبر بما فعلت مع زوجها, فسكت القوم ولم يجيبوا....فقالت إمرأة: إي والله يا رسول الله إنهن ليفعلن, وإنهم ليفعلون, فقال: لا تفعلوا, فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون".
وهذا التشبيه يدل على قبح العمل وشناعته.....وهذا دليل آخر على تحريم إفشاء أسرار الزوجية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق