الأربعاء، 22 فبراير 2012

لا حياء في كتابة الدين


"يأيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمَّى فاكتبوه"

لا حياء في كتابة الدَيْن

بقلم:سوسن سحاب                          
"من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج عن معسر"
كتابة الدين أحفظ للحقوق
  





أطول آية في القرآن
آية الدين...هي أطول آيات القرآن الكريم وهي تنبيه وإرشاد من الله تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مادية مؤجلة ألا يستحوا من كتابتها, بل يجب عليهم أن يكتبوها حتى يستطيعوا حفظ حقوقهم, وقال تعالى "يأيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمَّى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل" البقرة 282.

ثلاثة لا يستجاب لهم
وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وجدهم يُسلِّفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث, فقال: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم".
وهذا الأمر بكتابة الدين هو أحفظ لحقوق الناس لأن هناك من يأكل حقوق غيره..... وهناك من يستحي أن يطالب الناس بحقه, وعن أبي موسى قال: "قال النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاثة يَدعون الله فلا يُستجاب لهم: رجل له إمرأة سيئة الخلق فلم يطلقها, ورجل دفع مال يتيم قبل أن يبلغ, ورجل أقرض رجلا مالا فلم يُشهِد".

شر الشهود
وأمر الله أيضا بعد كتابة الدين بالإشهاد لزيادة توثيق الدين, وقال تعالى "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان" ويجب أن يتق الإنسان ربه عند الشهادة لأن هناك من يشهد بالزور وهم شر الشهداء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم  "ألا أخبركم بشر الشهداء؟ الذين يشهدون قبل أن يُستشهَدوا" وهؤلاء هم شهود الزور.

ثقل الأمانة
ويمكن عدم كتابة الدين إذا أمن الناس بعضهم لقوله تعالى "فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه ءاثم قلبه والله بما تعملون عليم" البقرة 283.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه ذُكِر أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يُسلَّفه ألف دينار فقال ائتني بشهداء أُشهِدهم, قال كفى بالله شهيدا, قال ائتني بكفيل قال: كفى بالله كفيلا, قال: صدقت, فدفعها إلى أجل مسمى فخرج في البحر ثم التمس مركبا يقدم عليها للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر, وقال: اللهم إنك قد علمت أني استسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا, فرضي بذلك وسألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا فرضي بذلك, وإني قد جهدت أن أجد مركبا أبعث بها إليه بالذي أعطاني فلم أجد مركبا وإني استودعتكها.
فرمي بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يطلب مركبا إلى بلده, فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا يجيئه بماله, فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما كسرها وجد المال والصحيفة!!!
ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار وقال: ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه, قال: هل كنت بعثت إلي بشئ؟ قال: ألم أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه؟ قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة انصرف بألفك راشدا. رواه البخاري.

تيسير على أصحاب الديون
وكانوا في الجاهلية إذا داينوا أحداً وجاء وقت الوفاء بالدين فإن الرجل يقول لمَدِينُهُ: إما أن تقضي دينك أو أربي عليك - أي أزيد عليك الدين- ثم جاء الإسلام  وحرم الربا وبين أن عاقبة زيادة المال عن طريق الربا تصير إلى نقصان أما نقصان المال عن طريق الصدقة فهي تزيده وتجعله مثل جبل أُحد عند الله لقوله تعالى "يمحق الله الربا ويربي الصدقات" البقرة 276,أي ينميها.

الصبر على المعسر
وأمر الله تعالى بالصبر على المعسر الذي لا يستطيع قضاء دينه وأن تحمُّل دينه والتصدق عليه هو خير وقال تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون" البقرة 280.   
وفي الحديث"من سرَّه أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه".
وأيضا الحديث "أتى الله بعبد من عبيده يوم القيامة قال: ماذا عملت في الدنيا؟ فقال: ما عملت لك يارب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها- قالها ثلاثا - وقال في آخر الثالثة يارب إنك كنت أعطيتني فضل مال وكنت رجلا أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر. فيقول الله عز وجل: أنا أحق من ييسر, أدخل الجنة".
وعن ابن عباس قال رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أنظر معسرا إلى ميسرته , أنظره الله بذنبه إلى توبته).
وقال الإمام أحمد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أراد أن تستجاب دعوته , وأن تكشف كربته , فليفرج عن معسر).

واتقوا يوما 
ويذكِّرنا الله تعالى بزوال الدنيا وفناءها , وفناء ما فيها من أموال ومباهج الحياة , ويعظنا بالرجوع إليه سبحانه , لأنه هو الذي يحاسب خلقه ويجازيهم بما عملوا خيرا كان أم شرا , وقال تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفَّى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) البقرة 281, وقد رُوي أن هذه الآية هي آخر ما نزلت من القرآن الكريم , وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها تسع ليال , ثم مات يوم الإثنين , وقال ابن عباس : آخر آية نزلت (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) .
                                              


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق