الخميس، 31 يوليو 2014

كريستيان بيكر




قصة إسلام المذيعة الألمانية 

كريستيان بيكر من MTV إلى مكة
 زهرة من الشهرة إلى الفطرة

خلال عملها في   MTV

كريستين في مكة



حاورتها: سوسن سحاب 

عدت إلى الفطرة التي فطرني الله عليها
لا يوجد دين كرَّم المرأة كما كرَّمَها الإسلام
رحلة إلى باكستان وضعتها على الطريق الصحيح

في تسعينات القرن الماضي- وهي في أوج مجدها كأشهر مذيعة في أوربا- كانت مفاجأة ارتباطها بالخطوبة بلاعب الكريكيت الباكستاني الأشهر عمران خان....وذهابها معه إلى باكستان في رحلته الخيرية لبناء مستشفى للسرطان ودعمها بالكامل من ماله الخاص, وكان لهذه الرحلة تأثير بالغ عليها، فقد أعجبت كثيراً بكبرياء الناس وشعورهم بالرضا رغم فقرهم المدقع وصراعهم للحصول على قوتهم اليومي، وشعورهم هذا ينبع من إيمانهم بأن الله معهم...وهذه المعنى لم تسمع عنه من قبل في الغرب...

وعرفت كريستيان الإسلام من خلال عمران خان وقرأت ترجمة لتفسير القرآن،ثم كان خبر إعلان إسلامها واختارت لنفسها اسم "زهرة"....
وبدأت الحياة تتغير من  حولها- في نظر الناس للأسوأ ولكن من رؤيتها الإيمانية الروحانية الجديدة كان التغيير للأحسن- فقد أنهت قناة MTV تعاقدها مع المذيعة الأشهر في المحطة لا لشيء إلا  لإسلامها!! ثم اختفت كل العروض التي كانت تقدم من قنوات تلفزيونية عديدة والتي كان أصحابها يتمنون أن تعمل معهم!!!! وفجأة وجدت نفسها بلا عمل وكأنهم يعاقبونهاعلى إسلامها!!
وفي عام 2006 ذهبت كريستيان لأداء فريضة الحج بمكة المكرمة...وكان لتلك الزيارة تأثيرا عظيما في مجريات حياتها, فقد أصبحت هي الفعل وليس رد الفعل!!! فبعد أن كانت تعاملاتها مجرد ردود أفعال فيما يخص إسلامها أصبحت تلعب دور الفاعل فتدافع عن الدين وتصحح المفاهيم المغلوطة عنه.
وبعد عودتها من الحج فُتِحت لها كل الأبواب المغلقة وجاءها الكثير من العروض بما فيها عرضا لكتابة قصة إسلامها...فكتبت كتابها الأول "من MTV إلى مكة", وكان هذا الكتاب بمثابة حجر ألقي في مياه راكدة فحركها،فقد حاولت كريستيان تقديم صورة واقعية للإسلام دون مزايدة أو مجاملة وقد حقق الكتاب نجاحا منقطع النظير، حيث حلت كريستيان ضيفة على معظم القنوات الأوروبية تناقش كتابها، وعُقدت لها عشرات الندوات ووجد المجتمع الغربي حائط صد للأكاذيب المنتشرة حول الإسلام.
وتعكف الآن على دراسة اللغة العربية حتى تحقق حلمها بأن تكون أول إمرأة تترجم تفسير القرآن الكريم إلى الألمانية.
وزارت كريستيان العديد من الدول العربية لتتعرف على العالم الإسلامي والمسلمين عن قرب.

كيف كان رد فعل أهلك وأصدقائك؟ وكيف تقبلوا الخبر؟
لم تكن أسرتي سعيدة بإسلامي,ولم يتفهموا الخطوة في بادئ الأمر واستنكروها كما عتبوا علي لتدميري المستقبل المهني الذي كان ينتظرني، ولكنهم غيروا رأيهم بعدما وجدوا أن الإسلام غيرني للأفضل, وأصبحت أكثر حفاظا على العائلة بعدما كنت قبل إسلامي مرتبطة أكثر بأصدقائي, فأصبح أهلي يحترمون قراري والتزامي وصلابتي التي لازمتني طوال السنين التي مضت,وقالوا أني أصبحت أكثر روحانية واستقرار...أما أصدقائي فهم يحترمونني ويحترمون قراراتي قبل وبعد إسلامي.

كيف تقارنين بين كريستيان قبل وبعد الإسلام؟
قبل إسلامي كنت المذيعة الأولى في قناة "إم تي في" كما كنت من الإعلاميات الأكثر شهرة في أوروبا وكنت مذيعة لأهم العروض والبرامج, وقمت باجراء العديد من اللقاءات مع أشهر النجوم وكان يتم استقبالي دائما على السجاد الأحمر ووقفت أمام حوالي 70 ألف متفرج في إحدى الحفلات, ورغم ذلك كنت دوما أحس بالفراغ الروحي وهناك شيئا ينقصني, كما كنت أعاني من أزمة قوية في حياتي، فقد حصلت على كل ما يمكن للمرء أن يحلم به، من لقاء كبار النجوم إلى حضور أفخم الحفلات وارتداء أجمل الأزياء...لكنني لم أكن سعيدة، فقد كانت التعاسة تملأ قلبي والشعور بالفراغ يرافقني دوماً...أما بعد الإسلام فقد امتلأ هذا الفراغ ووجدت السلام النفسي الذي كنت أبحث عنه بمعنى أصح وجدت نفسي كما خلقها الله على الفطرة.

هل خسرت بعض الامتيازات التي كنت تتمتعين بها من أجل الإسلام؟
بدأت الحرب الشعواء بمجرد تصريحي أني مسلمة وتعرضت للتجريح الشخصي والإهانات ثم تم إيقاف برنامجي الشهير الذي ذاع صيته في أوروبا بأسرها مع أول ظهور لي كمسلمة وأبلغتني إدارة قناة Bravo للشباب بعدم تجديد عقدها، بعد أن بذلت القناة كل جهدها لإقناعي بالإنضمام إليها. وبعد أسابيع تم تسريحي من قناة MTV التي كنت أول ألمانية تعمل فيها لتنتهي رحلة النجاح والشهرة....ولكني لم أستسلم و قررت الثبات أمام الهجوم الشرس،والذي بدأه الإعلام الألماني الذي لم يدخر وسعاً في الهجوم عليَّّ ـــ ولا يزال- لم يغفر لي اعتناقي دين التوحيد. وكانت البداية بخبر نشرته صحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية في 1995 تحت عنوان "اليوم تؤدي كريستيان خمس صلوات في اليوم"، وشنت الصحيفة هجوماً عنيفاً وتهكمت عليَّ, ولكن إيماني ساعدني على تخطي الأوقات الصعبة ولم أشعر أبدا بالندم على ضياع النجومية والأضواء والمال.

كنت ضمن نشطاء بريطانيون مسلمون أطلقوا حملة" مستوحاة من النبي محمد" لتصحيح الصورة السلبية عن الإسلام في بريطانيا..فهل حققت الحملة أهدافها؟
نعم, وقد أطلقتها مؤسسة "استكشاف الإسلام" وقمنا بوضع الملصقات في وسائل المواصلات كلها, من أجل التصدي للحملة العنصرية المتصاعدة ضد الإسلام في الغرب وحاولنا تقديم صورة إيجابية عن الشخص المسلم وإبراز ما يجهله الغرب عن الإسلام, وكذلك قمت تقديم برامج حوار الأديان في محاولة لتقريب بين الإسلام وأوروبا.

قتلت المصرية مروة الشربيني في ألمانيا بـ18 طعنة حتى الموت بسبب العنصرية ضد الحجاب, فلماذا تجاهل الإعلام الألماني هذه الحادثة تماما؟؟
حزنت جدا لهذا الحادث المؤسف...واستغربت لعدم الإشارة إليه من قريب أو بعيد في الإعلام الألماني, حتى أني علمت الخبر من الإعلام العربي, وبعد أن تركزت أضواء العالم على الحادث بدأ الإعلام الألماني يتابع المحاكمة بانتظام حتى لا يوصف بتجاهل الخبر أو التعصب ضد الإسلام.

برأيك ما الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام العربي لخدمة الإسلام إيجابيا؟
 يجب على المسلمين أن يقوموا بالتعريف أكثر بالإسلام وبشكل منظم، فهناك فراغ ثقافي شاسع يعاني منه المسلمون في الغرب، فعليهم أن يقوموا هم بالمبادرة بالحوار مع الغرب وأن يبينوا الصورة الحقيقة للإسلام، خاصة أن الاعلام الغربي في يد الأطراف غير المسلمة وهذا يجب النظر إليه باهتمام شديد، ولا يوجد في الغرب من يخاطبهم بلغتهم عن الاسلام وعن التسامح والتراحم الاسلامي الحقيقي الذي نادى به الرسول عليه الصلاة والسلام بعيدا عن ما يروج له الإعلام الغربي المتعصب.

طبعت كتابك "من MTV  إلى مكة" باللغة الألمانية فقط ولكن فاجأني الشهرة والاهتمام الذي لاقاهما الكتاب, فهل توقعت هذا النجاح؟
أجابت بالعربي "الحمد لله" ,الحقيقة أنني تلقيت ردود أفعال إيجابية للغاية وتناولت كل وسائل الاعلام الكتاب والمقابلات التي أجريت معي وكانت كلها محايدة واحترمت وجهة نظري في اعتناق الإسلام, ولحسن الحظ كانت تعليقات القراء ايجابية والشيء الوحيد الذي أربكني هو تعليقات بعض المتطرفين التي جاءت في منتدياتهم, فقد تعرضت للهجوم والتشكيك في معتقداتي.. أما أكثر ما أعطاني القوة والدفعة المعنوية فهو ردود الأفعال الإيجابية جدا في العالم العربي مما شجعتني كثيرا للتفاعل أكثر مع الحياة والثقافة العربية.

ما الذي دفعك لتأليف هذا الكتاب؟
 هناك الكثير من الأفكار الخاطئة عن الإسلام في الغرب, وهذا السبب من أهم الاسباب التي حفزتني لتأليف كتاب أخاطب فيه المجتمع الأوروبي بطريقة يفهمونها, وحاولت رفع الظلم والتشويه الذي ألحقه الأوروبيون والمتطرفون بالإسلام, وفي الكتاب نقد للأحكام المسبقة التي ورثتها من بيئتي...مثل دعوة المسلمين إلى الجهاد تعني قتل غير المسلم، في حين أنّ فرض الجهاد يقتضي مجاهدة النفس لمعرفة الطريق إلى الله وصحيح الدين, وكنت أسمع عن إهانة الإسلام للمرأة!!! ولكني وجدت أنه لا يوجد دين كرم المرأة كما كرمها الإسلام.

هل هناك نية لترجمة الكتاب إلى لغات أخرى؟
لقد ترجم إلى العربية والتركية وأقوم الآن بترجمته إلى الإنجليزية,وقريبا سأحضر حفل توقيع النسخة العربية في مصر إن شاء الله.

هل واجهتي يوما موقف الدفاع عن الإسلام؟
نعم..كثيرا...فالعنف الذي تمارسه بعض الجماعات الاسلامية يعطي صورة سلبية عن الإسلام في الغرب, بالرغم من تحريم الإسلام للعنف مثله مثل الديانات الأخرى, والقرآن الكريم يحذر من قتل النفس بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا وهذا في حد ذاته ينفي أي تهمة لوصف الإسلام بالارهاب، وللأسف تفتقد المجتمعات الغربية وجود دعاة للتعريف بسماحة الدين الإسلامي والذي هو في الأصل رسالة سلام،وكان هذا أحد الأسباب التي دفعتني بقوة إلى نشر كتابي وبعد نجاحه أشعر أن دوري كداعية تزايد للتخفيف من ظاهرة الإسلام فوبيا التي تجتاح أوروبا

هل تعتقدين أن اختلاف الثقافات أثر على صورة الإسلام لدى الغرب؟وهل هناك سبل لتقارب هذه الثقافات؟
كل المسلمين في الغرب هم بمثابة رسل للإسلام في هذه الدول ويجب أن يكونوا منفتحين ولا ينغلقوا على أنفسهم إطلاقا، بل عليهم التقرب إلى الآخرين ولا ينتظروا أن يأتي الآخرين إليهم، والإسلام يحث على التعليم والتفوق لذا يجب الاهتمام بالتعليم والثقافة واللغات لأنها ستسهل الإنخراط في المجتمع،فهناك الكثير من المسلمين المتوفقين في الغرب مثل العلماء زويل والباز واللاعب زيدان وغيرهم...فالتفوق يجعل مهمتك سهلة وإيجابية للآخرين، ويجب أن يقتحم المسلم كل المجالات كالإعلام والتأليف والموضة ولا يقف على هامش الحياة.

برأيك ما الدور الذي ينبغي أن يلعبه الإعلام العربي لخدمة الإسلام إيجابيا؟
أود أن أنبه إلى نقطة هامة وهي أنهم في الغرب يحتاجون إلى برامج بلغات أجنبية وأهم لغة هي الإنجليزية لأنها لغة عالمية، وهناك برامج في قناة الجزيرة بالانجليزية ولكنها غير كافية...وأتساءل لماذا لا تبث قنوات مثل العربية و mbc ودبي 1 برامج بالإنجليزية موجههة للغرب, والموضوع ليس صعبا فالأموال متوفرة والخبرات كذلك...والعالم العربي سيكسب نقاطا لصالحه ثقافيا واقتصاديا فضلا عن خدمة الإسلام.

أطلقتي مجموعة سواروفسكي الإسلامية للفنان نورجان في جاليري ميكا الإسلامي في لندن, فهل لاقت هذه المجموعة الفنية الإسلامية القبول لدى الغرب وهل تأثرتي بالثقافة الإسلامية؟
لقد لاقى المعرض نجاحا باهرا وحقق مبيعاتً خيالية وقد أحب الناس الفن الإسلامي بشدة, وعن نفسي فإن الفنون الاسلامية تستهويني بشكل كبير وأقتني بعض الأعمال الفنية والآيات القرآنية المزخرفة, وقد إنبهرت بالعمارة الإسلامية ووقفت مذهولة أمام روعة قصر الحمراء في غرناطة، ومسجد القبة الزرقاء في تركيا، وبساطة مسجد ابن طولون في مصر وعراقة خان الخليلي وروعة المسجد الأموي في سوريا,وأيضا البوابات والقلاع في فاس والقاهرة وحلب وغيرها..وأحب الشعر الصوفي للبوصيري والغزالي وكذلك الموسيقى الصوفية فهذا النوع من الموسيقى والغناء يجعلني أبكي.

كيف تصفين شعورك لحظة رؤيتك للكعبة المشرفة؟
شعور لا يوصف!!!فقد وجدت روحي تنجذب إليها وقلبي يتعلق بها ولا تستطيع النظر إلى شيء آخر سواها....هذا التعلق والإنجذاب يجعلك تشعر أن الأرواح هي التي تطوف وليست الأبدان...والشعور الإنساني الرائع أنك تجد كل الناس سواسية في الشكل والملبس, فترى الغني والفقير والرئيس والمرءوس والأبيض والأسود والعربي والعجمي وكل هؤلاء تحت راية واحدة هي راية لا إله إلا الله..

ما أقرب الدول الإسلامية إلى قلبك؟
أحببت كل الدول العربية التي زرتها فكل دولة لها سحرها وخصوصيتها ولكن الأقرب إلى قلبي هي مصر.

يحيي فلود



 يحيي (دونـالد) فـلود
" أخي لا تمت إلا مسلماً "
نشأ دونالد فلود في عائلة أمريكية تحترم حرية الرأي والتعبير عن النفس وتتسم بالتحرر من كل القيود وخاصة فيما يتعلق باختيار الاعتقاد الديني. وكان فلود يعشق السفر والتنقل من مكان إلى آخر مما أتاح له التعرف على ثقافات مغايرة للثقافة الأمريكية، وبدأ في مراجعة تصوراته الدينية وخاصة عن الكون والخالق, وبدأت تتكون لديه قناعات بأن هذا الكون لم يوجد عن طريق الصدفة وهناك الكثير من الدلائل علـى وجود قوة خفية منظمة لهذا الكون، و لكنه لم يكن يعرف كيفية الوصول إلى الحقيقة.
وكانت عودته إلى الجامعة هي نقطة التحول في حياته !!!!
فقد  شاء الله أن يتعرف على صديق مسلم سعودي الجنسية قد جاء للدراسة في أمريكا فتعرف على الإسلام عن طريق ارتباطه بهذا الصديق السعودي"أبو حسين".
وبعد رحلته الطويلة في بحثه عن الحقيقة....دخل الإسلام وأدرك بعد إسلامه أهمية اكتساب العلوم الشرعية وكيفية تطبيقها في الحياة اليومية، وفرح كثيرا عندما علم أن من مرونة وتسامح الدين الإسلامي هو أنه يَجُبّ ما قبله فلا يكون الشخص مسئولاً عن جهله السابق بالإسلام. وشعر أنه كان محظوظا للغاية بوجوده في بلد إسلامي وقت دخوله في الإسلام، لوجود الكثير من العلماء المسلمين والمصادر الإسلامية المتنوعة,ومما سهل عليه فهم الإسلام واستيعابه هو التطبيق المباشر لتعاليم الدين الإسلامي في الحياة اليومية.
ويقيم " يحي فلود " حالياً بالمدينة المنورة حيث يعمل أستاذاً للغة الإنجليزية في كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز في المدينة المنورة، وهو يحب إقامة حوارٍ بنّاء مع غير المسلمين ليشاركهم خبراته في الحياة....
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيه أعظم الثواب والأجر على ما يبذله من جهود مخلصة في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين.
وسألته.....
س كيف كانت البداية؟؟
كانت البداية في دعوة من صديق هندوسي, تلقيتها أنا وصديقي أبو حسين لحضور حفل عشاء بإحدى الكنائس, وبدأ رئيس الكنيسة بغناء الأهازيج النصرانية باللغة العبرية وطلب منا ترديد هذه الأغاني المكتوبة على لوح، ففوجئت بأبو حسين ينهض على الفور فغادرت المكان معه على وجه السرعة بدون معرفة السبب, ولم أسأله ما السبب!!!
ولماذا لم تتخل عن صديقك الذي وضعك في حرج أمام مجتمعك الأمريكي؟
لا أدري, ولا أعرف لماذا تبعته وتركت صديقنا الثالث مندهشا لخروجنا المفاجيء, ولكني بعد ذلك سعيت لتوطيد ارتباطي بأبي حسين, وقررنا استئجار شقة للسكن مع صديقين كويتي وإيراني.
كويتي وإيراني وسعودي؟؟ لا أستطيع اخفاء دهشتي من سعيك للسكنى مع ثلاث شخصيات مسلمة
نعم, ولقد اندهش كل من سمع ذلك الخبر ايضا, ولكن في سعيي للبحث عن الحقيقة...آثرت الاقتراب من عادات وطبائع شعوب شرقية إسلامية.
ولكن هناك الكثير من العادات المختلفة بينك وبينهم, لاختلاف الثقافات, والعادات الغذائية وغيرها....
نعم. لم أتوقع أن أجد تلك الاختلافات الكبيرة, ولكنها اختلافات أدهشتني !!! خاصة اختلاف العادات الغذائية بيننا, ونوعية الأكلات وأكثر ما لفت انتباهي هو حـُسن الضيافة الرائع الذي يظهرونه لزائريهم, وأكثر ما أدهشني هو إيمانهم اليقيني الذي اعتقدت في البداية أنه مظهر من مظاهر الثقافة لديهم, ولكني لاحقا علمت إنه من تعاليم الدين.
ولكنك ذكرت أنك ذهبت إلى المملكة العربية السعودية, فما سبب الزيارة؟
بعد التخرج من  الجامعة وعودة الجميع إلى بلدانهم جاءتني دعوة من صديقي السعودي أبو حسين لزيارة السعودية لمدة أسبوعين, والقيام برحلات سفاري في صحراء المملكة...فوافقت على الفور.
وكيف كانت تجربتك في المملكة العربية السعودية؟
كانت تجربة رائعة, فقد استقبلوني بحفاوة بالغة كأني أمير أو سفير لدولتي, وقضيت أياما لا تنسى في منطقة صحراوية خارج الرياض, وكان صديقي يذبح الخراف ويدعو فقراء المنطقة ليشاركوهم طعامهم. واستمتعت بأكلات ذقتها لأول مرة وكذلك حليب الناقة.
حليب الناقة؟؟ أنا شخصيا قضيت الكثير من وقتي في الخليج ولم أتذوق حليب النوق!!
أتذكر عندما أبديت إعجابي بهذا الحليب, قال لي والد صديقي حسين: "إذا دخلت في دين الإسلام سوف أعطيك عشرة جمال",  فقلت له مازحا: "وأنت لو أصبحت نصرانياً سوف أقدم لك كذلك عشرة جمال". ثم عدت إلى أمريكا بعد تجربة لا تنسى.
وهل عدت ثانية أم انقطعت علاقتك بصديقك؟؟
لم تنقطع علاقتي بصديقي, ولكن أتيحت لي فرصة السفر للخليج العربي مرة أخرى لتدريس اللغة الإنجليزية في مدينة أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، ومكثت فترة تعرفت خلالها على المزيد من الثقافة العربية, وزاد إعجابي بكرم وضيافة الشعوب العربية وما يتمّيزون به من  حُسن خلق وثقة في الله.
وهل استقر بك المقام في أبو ظبي؟؟
لا...فبعد عامين أخذني الحنين لوطني وأهلي وانتقلت إلى مدينة "لاس فيجاس" مدينة القمار...ووقعت في بعض الذنوب والمعاصي التي أندم عليها كثيراً الآن.
ولكن ألم تشعر برغبة في الإقلاع عن تلك المعاصي؟؟
كان داخلي قوة تمنعني عن المضي في هذا الطريق, وبعد وقفة مع النفس - عرفت فيما بعد أنها النفس اللوامة – وجدت نفسي أحن إلى أيامي في الشرق حيث الفطرة السليمة, فأرسلت أوراقي الخاصة وسيرتي الذاتية لصديقي أبو حسين للبحث عن عمل في السعودية, فوجد لي عملا في شركة بتروكيماويات بمدينة الجبيل الصناعية في شرق السعودية.
"أخي لا تمت إلا مسلما"
وعــدت إلى المملكة العربية السعودية مرة أخري؟؟ فما الجديد هذه المرة؟؟
نعم عدت...وتأقلمت سريعا مع المجتمع هناك, وكانت نقطة التحول الحقيقية في حياتي عندما دُعيت إلى حفل عشاء مع بعض المسلمين وحدثتهم عن حياتي في مدينة لاس فيجاس قبل حضوري إلى السعودية, و فجأة قال لي أحد الحضور جملة كانت السبب في تغييري من النقيض إلى النقيض.
من هذا الرجل؟؟ وماذا قال؟؟
كان أمريكياً مسلما يعمل في السعودية وقال لي: " أخي تأكد تماماً بأن لا تموت إلا مسلماً".
ماذا يقصد بهذه الجملة؟؟ ولماذا قالها لك أنت بالذات؟
 لم أفهم قصد هذا الرجل, فطلبت منه إيضاح قصده من هذا الكلام، فحدثني الرجل بالطريقة التي أفهمها جيدا- طريقة لاس فيجاس- وقال: "لو مت على غير الإسلام فكأنك تغامر باستخدام فرصة واحدة فقط للفوز في لعبة الروليت - لعبة قمار أمريكية مشهورة- معتقداً أن حياتك كلها وجميع معتقاداتك وأفعالك في الدنيا ربما بضربة حظ تشملك رحمة الله وتدخل الجنة.  ولكن إذا مت على دين الإسلام فأنت كالذي يستخدم كل الفرص المتاحة في هذه اللعبة وأي فرصة منهم ستكسب حتماً وبذلك ستفوز وتنجو من العذاب وعليه ستكون فرصتك في دخول الجنة كبيرةً جداً، أي وباختصار فالموت على دين الاسلام هو الضمان الأكبر للنجاة من النار ودخول الجنة."
وماذا قلت له؟؟
لم أتكلم, بل كأني أصابني الخرس التام!! واستعدت كلامه كله وهذا القياس العجيب بين الدخول في دين الإسلام والموت عليه وبين ضمان الكسب في لعبة الروليت, وقررت أن أبحث عن الحقيقة بدلاً من الاتباع الأعمى لدين آبائي.
وكيف كانت أول خطوة على طريق الحقيقة؟؟
بدأت بسماع محاضرات عن الإسلام، وأصابتني دهشة عظيمة عندما علمت أن الدين الإسلامي يدعو للإيمان بجميع أنبياء الله و بجميع الرسالات السماوية كما أنزلها الله تعالى وعلمت كذلك ولأول مرة أن القرآن هو آخر الكتب السماوية التي أنزلها الله وأن سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الرسل من عند الله .
وهل اكتفيت بسماع الخطب الدينية فقط؟؟
لا, كنت أحاول معرفة كل شيء عن الإسلام, وفي خطوة كانت جريئة ولها تأثير السحر, فقد دعاني بعض أصدقائي السعوديين إلى أحد المساجد لأشاهد كيف يصلي المسلمون، ودعوني أيضا للصلاة معهم ولطلب الهداية والمغفرة من الله تعالى - رغم أني لم أكن مسلماً بعد-  وبعد تجربة الصلاة مع المسلمين شعرت بارتياح كبير وإحساسٍ جميلٍ بالقناعة والرضا لم أشعر به من قبل، ومنذ ذلك الوقت قررت أن لا أُفوت أي فرصة لأداء الصلاة معهم رغم عدم دخولي في الدين الاسلامي بعد, وعدم معرفتي بكيفية الصلاة على الوجه الصحيح .
لا أستطيع إخفاء دهشتي من هذه الخطوة الجريئة جدا....ولكن ما الذي يمنعك من دخول الإسلام حتى الآن؟؟
كان أكبر ما يعيقني عن دخول الإسلام هو عدم استعدادي لتقديم تنازلات  بعد اعتناقي الدين الاسلامي، كخسارة أصدقاء الطفولة وأفراد عائلتي وتغيير نمط حياتي بكاملها بما فيها من بعض الممارسات الخاطئة.
وإلى متى بقيت في هذا التردد ؟؟
تحدثت مع صديق أمريكي عما أعاني من تناقضات بين تردد وخوف يبعدني عن هذا الدين, وبين شيء ما يدفعني دفعا نحوه.
وبماذا نصحك ؟؟
أخرجني صديقي من الحيرة وأعطاني شريط فيديو بالإنجليزية وكان عنوانه: "ما  الهدف من الحياة؟ ماذا تعرف عن الإسلام؟"  وأول ما دار في خلدي حين قرأت هذا العنوان هو الإجابة عن هذا السؤال المحير جدا: ما هو الهدف من الحياة؟ - والذي ظننت أني لن أجد له إجابة أبدا.
وهل وجدت إجابة لسؤالك؟؟
المفاجأة أني وجدت الإجابة في هذا الشريط. وكانت اجابة مختصرة بسيطة, وليست كما تخيلتها ستكون معقدة وغامضة....وعرفت أن الهدف من الحياة في الإسلام وبكل بساطة هو التسليم الكامل لله الخالق الواحد، ويا للمفاجأة !!!!
وتفاجأت أيضا عندما علمت أن هذا الدين ليس بجديد على الإطلاق وأنه ثالث الأديان السماوية التي تدعو إلى التوحيد، بل أن الإسلام كان دعوة جميع الرسل السابقين، واكتشفت الحقيقة التي لا يعرفها الكثير من غير المسلمين...بل ومن المسلمين أيضا وهو أن الإسلام هو دين كل الأنبياء والرسل من آدم ونوح وإبراهيم حتى موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم جميعا.
نعم هذا صحيح وأنت محق, هناك الكثير من المسلمين يجهلون هذه المعلومة.....ولكن ماذا فعلت بعد ذلك؟؟
غمرني شعور عظيم أن الإسلام هو الدين الحق, وأخبرت أبو حسين برغبتي  بدخول الإسلام، فنصحني بعدم التسرع والإطلاع على المزيد من المعلومات حول الإسلام قبل الدخول فيه، فأخبرته أني قد أخذت وقتي في التردد مدة طويلة وقد حزمت أمري الآن, فطلب أبو حسين مني التلفظ بالشهادتين ثم أعلن للجميع دخولي في الإسلام وسط جو من البهجة والسعادة.
وما قصة الاسم الجديد ؟؟
في أول صلاة جمعة لي – كمسلم - اقترح أبو حسين أن أعلن إسلامي أمام جموع المصلين في المسجد، وسألني الإمام قبل تقديمه لي للمصلين كمسلم جديد هل اخترت اسما جديدا؟، فقلت له: "لا أعرف, قدمني باسمي الأمريكي" وكان أبو حسين بجانبي يتلو سورة مريم ووصل إلى كلمة يحيي فوكزني وقال لي بهدوء: ما رأيك في هذا الاسم؟ فسألته: ماذا يعني؟  فقال:  John the Baptistأي يحيي المعمدان أي "يعيش" ، فأعجبني الاسم لأني فهمت معناه في لغة الإنجيل وكذلك أعجبني معناه بالعربية, حيث أني بدخولي الإسلام قد بدأت أحيا حياة جديدة، وبعد انتهاء الصلاة أعلن الإمام دخولي في الإسلام ودعاني إلى ترديد الشهادتين أمام جموع المصلين الغفيرة الذين قاموا على الفور بتهنئتي ومعانقتي.
وماذا كان رد فعل عائلتك؟؟
كان التعامل بيني و بين أهلي يقوم على أساس من التقدير والاحترام المتبادل, لذا إنصدموا في البداية من خبر إسلامي, ولكن بعد أن وجدوني سعيدا ومرتاحا لحياتي الجديدة قالوا: "إذا كان هذا الاختيار سيكون سببا لسعادتك، فسنكون نحن سعداء أيضاً بالتأكيد".
وماذا عن زوجتك..هل هي مسلمة أيضا ؟؟
بعدما ذقت حلاوة الإيمان تمنيت أن أتزوج حتى أنجب أبناءً ينعمون بالإيمان,وفكرت أن أعظم هدية يقدمها الأب لأبناءه هي اللغة العربية - لغة القرآن- فقررت الزواج من فتاة عربية. و فعلاً تزوجت من فتاة سورية وأنعم الله علينا بأبناء يجيدون اللغة العربية.
وكيف استقبل المحيطين بك هذا الزواج؟
بطبيعة الحال فقد هنأني أصدقائي العرب وفرحوا لزواجي من فتاة عربية, وفي نفس الوقت كان زواجي هذا مثار سخرية بعض أصدقائي الأمريكيين غير المسلمين والذين لم يتقبلوا زواجي من فتاة لا تربطني بها علاقة  أو معرفة سابقة، فأوضحت لهم قدسية الزواج من المنظور الإسلامي وأن الزواج أمر مقدر من عند الله".
وما أهم شيء حدث لك بعد دخولك في الإسلام ؟؟
كانت أكبر نعمة أنعم الله بها علي بعد إسلامي, هو دخول والدتي في الدين الإسلامي...
هذه مفاجأة...كيف حدث هذا ؟
في أحد الأيام اتصلت بي أختي من أمريكا لتخبرني بمرض والدتي الخطير، فأسرعت بالسفر إلى أمريكا أنا وزوجتي للإطمئنان على صحة والدتي، و أثناء وجودي إلى جانب والدتي سألتها: "هل تؤمنين بإله واحد يا أمي؟" فقالت: "نعم" فطلبت منها أن تردد "لا إله إلا الله" فقامت بترديدها ثلاث مرات بالعربية والإنجليزية أيضا، ثم سألتها: "هل تؤمنين بجميع الأنبياء مثل آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد؟" فقالت: نعم، فطلبت منها ترديد الشهادتين "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله" فقامت بذلك باللغتين العربية والإنجليزية.
وبالطبع عدت إلى السعودية في منتهى السعادة بسبب إسلام والدتك؟
في منتهى السعادة ومنتهى الحزن....
لا أفهم لماذا منتهى الحزن؟؟
لأن والدتي قد ماتت بعد خمسة أيام فقط من دخولها في الإسلام ونطقها الشهادتين، ولكني أحمد الله سبحانه وتعالى كثيراً على هذه النعمة باهتداء والدتي إلى الصراط المستقيم  في آخر حياتها...رحمها الله رحمةً واسعةً.
آمين

عماد المهدي




 قصة إسلامه.....أغرب من الخيـــــــال
عماد المهدي

أسلمت الأم واستودعت أبناءها الذي لا تضيع ودائعه
تملكني شعور أن أقبل قدمي أمي وهي تصلي
حصلت على لقب شماس وقصوا شعري على شكل صليب
عندما رأى والدي أثر السياط على ظهري بكى
شماس سابقا.. داعية إسلامي حاليا

هذا الرجل إذا رأيته على الفضائيات الإسلامية - سواء مقدما للبرامج أم ضيفا عليها,أو وهو تحت قبة مجلس الشورى كوكيل لجنة الثقافة والاعلام بمجلس الشورى- لن تصدق أنه يمتلك هذا العلم الوفير في هذا السن الصغير, وستتعجب عندما تعلم أنه لم يولد مسلما لأبوين مسلمين...بل ولد في أسرة نصرانية متدينة تذهب للكنيسة وتحضر قداس الأحد والجمعة بانتظام!!!وستندهش أكثر عندما تعلم قصة إسلامه وأخته ومن قبلهما أمهما.

هذه قصة أخرى من قصص أناس عرفوا طريقهم الصحيح, ولكن المختلف هنا أن هذه القصة لو شاهدتها في فيلم سينمائي لن تصدقها, فالواقع أحيانا يكون أغرب من الخيال...فقد أسلمت الأم ولم تجد أمامها إلا صغيرها عماد لتستأمنه على سرها الكبير...
فقد تسلل نور الهداية في بداية الأمر إلى قلب الأم, وبدأت تنفر من تعاليم المسيحية وترفض الذهاب  للكنيسة, وفي تلك السنة وافق صيام شهر رمضان الصيام عند الأقباط، حيث يفطر المسلمون عند المغرب ويفطر الأقباط عند ظهور النجوم في السماء عند اقتراب المغرب أي قبل الآذان.
وقد تعجب الطفل "عماد" عندما كانت أمه لا تفطر إلا بعد سماع أذان المغرب كالمسلمين!!! وأتمت الأم صيام شهر رمضان بالتمام, ولم تصم صيام العذراء وهو 15 يوما.
 ومما أكد له أن أمه قد أصابها شئ ما هو انتظارها لدرس الشيخ الشعراوي يوم الجمعة وجلوسها أمامه كأنها طفل صغير, وكذلك إصرارها على مشاهدة برامج فقهية أخرى, وكانت تركز عندما سماع الأسئلة والأجوبة بطريقة تستفز من حولها.
كل هذه التغيرات الواضحة في الأم أثارت الشكوك حول نيتها في دخول الإسلام, وفي عام1985  أجلست الأم ابنها أمامها وقالت وهي مترددة وخائفة, "أنت أبني الكبير وأول فرحتي في هذه الدنيا وأعلم أنه لا يمكن أن تفكر يوما أن تؤذي أمك ولن أجد أحداً يسترني غيرك" وسألته ماذا تفعل لو حاولوا قتلي؟! شعر عماد بالرعب يدب في قلبه لسماع هذه الكلمات وقال:من سيقتلك ولماذا؟!! قالت: إخوتي..أبوك والعائلة كلها. فقال ولماذا وهم يحبونك جميعاً؟؟ فأجابت بصوت مرتعش: ماذا تفعل لو أسلمت هل ستحاربني مثلهم؟ قال لها: الأم هي الأم وأنت في كل الأحوال أمي, فقالت: هذا سرٌ بيني وبينك.....

سألته هل سبَّب إسلام أمك صدمة لك؟
بالطبع سبب لئ صدمة شديدة, ولكن الصدمة الأشد كانت عندما عدت يوما من المدرسة فلم أجد أمي، ولا ملابسها ولا كل متعلقاتها، فشعرت ساعتها بوحشة الفراق وغربة البعاد فكيف سأحتمل هذا البيت بدون أمي؟ كيف سيظلني سقفا لا يظل أمي؟؟ كيف أصحو ولا أراها مستيقظة تعد لنا الإفطار؟؟ كيف أعود ولا أجدها تنتظرنا بكل حب وحنان؟؟ هل هناك من هو أغلى على الأم من أبنائها وبيتها حتى تتركهم من أجله؟؟!! سؤال لم أعرف إجابته إلا بعد ما ذقت حلاوة الإيمان.

ماذا كان موقف الأهل والكنيسة من إسلامها؟
نزلت المفاجأة عليهم كالصاعقة وحاولوا إرجاعها, ولكنها رفضت  كل إلحاح واستعطاف للعودة لأبنائها وتمسكت بدينها, وقالت إنها تركت أبنائها وديعة عند الذي لا تضيع ودائعه فهو سيحفظهم-كانت على يقين المؤمن الصابرأن الله سيجمعها بأحبائها عن قريب - أما الكنيسة فقد هاجمتها وقد سمعت القس يقول أنها باعت نفسها للشيطان وأنها الآن ملقاة في السجن في قضية من قضايا الآداب.

وماذا كان رد فعلك عندما علمت أن أمك مسجونة في قضية مخلة بالشرف؟؟
تمنيت الموت ليخلصني من هذا العذاب,أو تبتلعني الأرض حتى لا أرى نظرات من حولي..وخرجت من الكنيسة هائما حزينا كارها كل شئ لا أعرف أين أسير, وبينما أنا على هذه الحال....سمعت صوتا مناديا "عماد" "عُمدة" اهتزت أعماقي بشدة "هذا صوت أمي"  ورأيت أمي التي كانت تحوم حول المنزل علَّها تلمحني أنا أو أختي.

وماذا فعلت عندما رأيتها هل ارتميت في أحضانها؟؟
 شَعُرت بصراع شديد وتضاربت المشاعر في داخلي، إنها أمي الحبيبة الحنون...وهي السيدة التي باعت المسيح ولا بد من الانتقام منها.. وفوق ذلك فقد باعت نفسها للشيطان كما قال القس, ووسط هذا الإعصار تذكرت فجأة وسألتها متى خرجت من السجن؟؟ وكانت معها صديقاتها الذين قالوا "أي سجن؟؟"أمك فضّلت الآخرة على الدنيا, وقالت أمي: ألم أقل لك إنهم سوف يرمونني بأبشع التهم؟ وأعطتني عنوانها ورجتني ألا يعلم أحدا بهذا العنوان وودعتني وإنصرفت.

وهل ذهبت لزيارتها؟
زرتها في بيتها الجديد ذي الفرش المتواضع مقارنة بمنزلنا, واستقبلتني بكل حب, وسمعت "الله أكبر..الله أكبر" وكان أذان المغرب, وفي ذاك اليوم اخترق نور الإيمان قلبي المظلم وكأني أسمع الأذان لأول مرة برغم سماعي له مئات المرات، ولكن في هذه اللحظة بالذات كان له وقعا عظيما في قلبي, وقامت أمي للصلاة وسمعت لأول مرة القرآن بصوتها، إنها سورة "الإخلاص" ونزلت هذه السورة على قلبي كأنها غسلتني بماء الإيمان وسقتني بلسما شافيا وتملكني شعور غريب أن أجلس على الأرض لأقبل قدمي أمي وهي تصلي،وأحسست أن روحي أُستبدلت بروح جديدة، وشعرت بإشراق شمسِ يومٍ جديد بعد الغيوم القاتمة وظلام الليل الدامس, وانتهت أول زيارة ولكن شتان ما بين دخولي وخروجي فقد خرجت إنسانا جديدا لا أعرف نفسي.

وماذا فعلت مع هذا القس الذي افترى عليها؟؟
ذهبت للكنيسة لحضور محاضرة القس, وأراد أن يكمل حديثه القذر عن أمي الطاهرة البريئة, فقال: أما عن فلانة فزرتها أمس في السجن وقلت لها يا إبنتي إن أولادك أحوج ما يكونون إليك، ولم أتمكن من الحديث معها بتوسع لأنكم تعرفون السجن، وفي هذه اللحظة تحولت نظرات الكل إليّ فلم أتمالك نفسي ووقفت وقلت بأعلى صوتي: كفاية يا أبونا. ثم توجهت للجميع قائلاً أنا كنت عند أمي أمس في بيتها وهي لم تدخل السجن كما سمعتم وهذا الرجل كاذب, وحاول الجميع تهدئتي ولكني قلت هاكم العنوان لمن يرغب في زيارتها, تغير لون القس وإسوَّد وجهه وارتعشت يداه وظهر على وجهه الاضطراب والهزيمة والفضيحة, وقال كلمته الأخيرة الدالة على ألم الهزيمة ومرارتها: اتركوا هذا الولد .. فقد أجرَت له أمه غسيل مخ .

 وما الخطوة التالية التي فكرت فيها بعد تبرئة والدتك؟
خرجت من الكنيسة مرتاح البال لدفاعي عن أمي وتبرئة ساحتها رغم خوفي مما سيحدث من أبي، وضاقت نفسي فتوجهت لبيت صديق فلم أجده, وقالت أمه عندما رأتني حزينا: منها لله أمك هي السبب فلينتقم الله منها. وأوشكت أن أهجم عليها وأخنقها هي وذلك القس الكاذب، ولكني تماسكت وقلت لعلها وسوسة شيطان، فلأرجعن إلى الإنجيل لعلي أجد فيه السكينة والهداية والهدوء. وأمسكت الإنجيل  فاشتد حزني، وكثرت علامات الاستفهام حولي من المتحدث في كل هذا؟ أو من الذي كتب هذه الأخبار بعد رفع المسيح، ولماذا تتعدد الروايات وتختلف وتتناقض أحياناً.

ومن أجاب على هذه التساؤلات؟
لا أحد. لقد ذهبت إلى الكنيسة وجاء دوري في الاعتراف وقلت للقس هناك أسئلة كثيرة من داخل الإنجيل لم أجد من يُجيب عليها، فوعدني القس أن يجيب عليها, وبعد عدة أيام أرسل لي القس هدية ثمينة- سلسلة عنق مع صليب من الذهب الخالص-ولاحظت أن معاملة القس تغيرت تماماً إلى أحسن معاملة واعتذر لي عما قاله في حق أمي وقال أنه يريد أن يقابل أبي وعمي لأمر ضروري سيسعدني جداً جداً.

وما هذا الأمر وهل أسعدك فعلا؟
لم أكن أعرف أن ذلك القس الخبيث يدبر لي مكيدة لينتقم مني ومن أمي, وعندما ذهبت مع أبي وعمي رفض القس أن أدخل معهما, وانتظرت ساعة حتى خرجا في حالة حزن شديد, وفي المنزل أخبرني أبي أن القس يُريد أن أمكث أنا وأختي معه في الدير لمدة ثلاثة أيام, وقد استبشرت جدا لما يتمتع به ذلك الدير من مكانة عالية في نفوس الأقباط.

وما سر الحزن المخيم على أبيك؟
لم يجبني...ولكنه قام بمساعدتنا في إعداد حقيبة السفر ولكني تعجبت عندما وجدته يضع كل ملابسي أنا وأختي!!! وسألته لماذا تضع يا أبي كل ملابسي؟ إنها ثلاثة أيام فقط... ولكن أيضا لم يجب.وخرجنا من بيتنا في محافظة الشرقية-وجه بحري-  وذهبنا إلى بني سويف –وجه قبلي- وفي الطريق سألته لمَن سنذهب؟؟ وليس لنا أقارب في بني سويف !! فأجابني أننا سنكون في أحسن حال، وأنه سيزورنا بعد أسبوع, فقلت ألم تقل إنها ثلاثة أيام فقط؟؟ وإذا بأبي يبكي ويحضن هبة الصغيرة ويقول: منها لله أمكما هي السبب.
ووصلنا "مطرانية" بني سويف وتحدث الوالد مع المطران ثم ودعنا أنا وأختي, وأخذوني إلى بيت الشماسة وأختي إلى بيت الفتيات.

وكيف وجدت المطرانية؟ وهل تأقلمت مع الموجودين؟؟
أخذني المشرف إلى مكان غير مريح, يشبه عنابر السجن حيث الأسِرَّة ذات الطابقين والملابس الموحدة المرقعة من الخلف وكثرة عدد المقيمين, ووجدت صحبة لا تعاشر فضلا عن بيت لا يطاق...وسألت المشرف متى سنعود إلى بيتنا؟ ولكني كنت محل سخرية الجميع, وبدأت أتأقلم مع شباب البيت وأصبحت محبوباً لديهم لحُسن تعاملي مع الجميع, واعتدت حياتي الجديدة وتهيأت بكل التعاليم من القساوسة والمشرفين، وحصلت على لقب (شماس) داخل الهيكل، وقصوا شعري على شكل صليب، ولكن بعد فترة شعرت بالملل بسبب التعاليم التي تصب فوق رؤوسنا صبَّا بلا شرح أو تعليل, فكتبت خطابات كثيرة لوالدي أخبره بحزني وغربتي وألمي,لكن دون جدوى !

وخلال هذه المدة ألم تر أختك ولا مرة؟
صدر قرار- غير معلوم- بنقلي أنا وأختي من بني سويف إلى المنيا (مطرانية بني مزار) وفي تلك الرحلة التقيت بأختي لأول مرة منذ ستة أشهر كاملة، وتعانقنا وبكينا من شدة الفرحة، وعرفت منها أن تلك الشهور كانت أصعب أيام حياتها. وفي الطريق أخبرنا القس المرافق بأنهم علموا بأننا غير مستريحين في بني سويف,ولذا فقد أكرمونا بنقلنا إلى " بيت النعمة".

وهل كان بيت النعمة اسما على مسمَّى؟
كان المنزل أفضل بكثير من بني سويف, ولكل فرد سرير ودولاب منفرد به,  وأحضرَتْ المشرفة بعض الملابس الجديدة,وأخذت هبة إلى غرفة الفتيات, وأخذتني إلى غرفة مع ثلاث فتيان كانوا في منتهى الأدب والاحترام وأحببتهم جداً. وكان المنزل كله يرتعد من المشرفة العجوز التي اكتست ملامحمها بالقسوة والقبح, وكانت تتعامل معنا بالسياط الحامية وكأنها تتعامل مع حيوانات, وأذاقتنا العذاب والهوان ألوانا, وأصبحنا نطلق على هذا البيت "بيت النقمة" لا "النعمة" وصارت أيام بني سويف بالنسبة لنا حلما وراح, فقد كانت أيامي فيها نعيماً قياساً بأيام بيت النعمة.

ألم يكن هناك أي رادع لهذه المرأة؟
ذات يوم جاء القس الكبير يتفقد أحوالنا, فتبدلت المرأة الشريرة وأصبحت في منتهى الأدب والأخلاق معنا أمام القس, وسألني القس هل هنا أحسن من بني سويف؟ فقلت له: إن بني سويف كانت أرحم بكثير,فسألني متعجباً: ولماذا؟! فشكوت له هذه المرأة فعاتبها وأمرها أن تتعامل معنا بالحسنى, ففعلت طوال فترة بقاءه وبعد سفر القس رجعت أسوأ مما كانت وخاصة معي.

وكيف تحملت هذا العذاب وهل عانت أختك مثلك؟
لقد عانت أختي الكثير وقصوا لها شعرها, ولم تجد محاولاتي للهروب من البيت لأن الحراسة كانت مشددة، ولم يكن أمامي إلا الكتابة لأبي لأستعطفه لينقذنا من هذا الكرب الشديد, ومرت علينا خمسة شهور في بني مزار كأنها سنين،ومرضت ونحل جسمي... وفي يوم أهانتنا المشرفة بشدة فلم أتمالك نفسي وقلت لها ربنا ينتقم منك, فجن جنونها وكادت تقضي عليَّ ضربا بالعصا...

وهل وصلت تلك الخطابات لوالدك أم لا؟
بعد هذه العلقة الساخنة- فقدت الأمل في أي شئ وكل شئ, وتأكدت أنه لن يأتي الفرج أبدا, وقامت هذه العجوز بضربي في الصباح أيضا، ولكن برغم طول عذابي فقد جاء الفرج...فقد جاء حارس المنزل بعد المغرب مُهرولاً يناديني وقال أبوك خارج المنزل جاء ليراك أنت وأختك هبة, رفعت صوتي بكلمة الله ... الله، هل أنت صادق؟ فقال الرجل: أبوك والله يا بني .ارتميت في أحضان أبي ولم أتمالك نفسي من البكاء,وسألني عن هبة, ونظر إليَّ وقال ما هذا الضعف هل أنت مريض؟فنظرت له نظرة لوم وعتاب ولم أتكلم، وأريته أثر السياط على جسدي من ضرب المشرفة.
صمم والدي على أخذنا ورفض القس بشدة فهدده والدي بالذهاب إلى محافظ المنيا وفضحهم في كل مكان على إساءة معاملة الأطفال,وحينها وافق القس.

وهل كانت بني مزار آخر محطة للعذاب أم كانت هناك محطات أخرى؟
لم أصدق أني خرجت من سجن بني مزار الرهيب, ولكني كنت حزينا على رفاقي الذي ظلوا في هذا العذاب...وفي الطريق سألت والدي عن أمي, فقال أمك ماتت من حوالي ست شهور في حادث,فقد صدمها خالك فلان بسيارته...أصابتني الصدمة بالذهول وأردت العودة مرة أخرى لبني مزار...

وكيف تجاوزت صدمة فقدانك لأمك؟؟
مضت أربعون يوما كانت أصعب أيام حياتي, ثم عاد الأمل من جديد...فبينما كنت في دكان أبي وحدي سمعت صوت أمي يناديني, لم أصدق أنها مازالت حية فارتميت في حضنها وأنا أردد بلا وعي ماما على قيد الحياة؟ الله أكبر ... !! وأيقنت أن والدي أخفى عليّ الحقيقة حتى لا أفكر فيها أو أتأثر بها.

هل ذهبت للكنيسة عندما عدت إلى بلدتك؟
 استدعاني نفس القس للعمل كشماس-مساعد كاهن- في الكنيسة, وكان هذا طلب كل  عائلتي, فمكثت حوال تسع قداسات ولم أطق هذا العمل أبداً, فطلب القس أن أعمل مدرساً للأطفال في مدارس الأحد فرفضت أيضا, لأني وجدت أخطاء لا أستطيع تدريسها في الإنجيل- سفر التكوين  ويوحنا والخروج- وهي فيها إساءة للأنبياء,وقد أوضحت كل هذا- فيما بعد- في كتابي "عقيدة كتاب المقدس في الأنبياء".

وهل استمرت زيارتك لأمك أم كانت هناك صعوبة؟
 بل على العكس...كنت أزورها على مرأى ومسمع من أبي والعائلة, فقد استدعاني والدي لمَّا علم بزياراتي لها,فقلت له: ألم تكن هي سبب ما حدث لنا في بني سويف والمنيا وما حدث لك أنت أيضاً؟ قال:نعم ربنا ينتقم منها كانت السبب, قلت له: لذلك أنا عاودت زيارتها لأنتقم منها ولأنها خانت المسيح, أصبر وسترى بنفسك.

في فترة اقترابك من والدتك هل سنحت الفرصة للتعرف إلى الإسلام؟
بالفعل تعلمت الإسلام وما فيه وتدارست القرآن على يد الرجل الفاضل خطيب المسجد الذي بجوارنا الشيخ حسين أحمد عامر الذي يتعامل مع الجميع بأخلاق الإسلام فتعلمت على يديه الكثير, وله الفضل الأول في صعودي المنبر بعد ذلك.

ألم تحن اللحظة الحاسمة لإعلان إسلامك؟
بعد أخذت قسطاً من الثقافة والتعاليم الإسلامية بشكل عام- لأستطيع الرد على أي إنسان فيما يتعلق بأمور الإسلام- قلت لأمي لقد آن الأوان أن أعلن إسلامي...قالت بحكمتها المعهودة:أختك هبة قبلك, لأنك لو أسلمت قبلها ستضيع وتلقى عندهم كل شقاء وهوان.

كلام حكيم بالفعل وماذا فعلت لمساعدة أختك؟
أشعرني كلام أمي بالخوف على أختي, ولكن كانت الهداية من عند الله, فكنت جالساً في المنزل وإذا بهبة عائدة من الكنيسة وهي غير راضية- كان عمرها لا يتجاوز الإثني عشر عاماً- وقالت أنا راغبة في الإسلام معك وأعلنت إسلامها ونطقت بالشهادتين "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فاكتملت بذلك فرحتي والحمد لله.

وكيف استقبل من حولك إسلامك وخاصة الوالد؟
أعلنا إسلامنا وسط حفاوة رائعة من الإخوة المسلمين, وإنقلبت الكنائس في بلدنا, ولم يصدقوا أن عماد الذي من المفترض أن يصبح قسيساً يوم ما قد أسلم, لكن نفذت مشيئته وتحققت إرادته وهدايته سبحانه, فيجعل من يشاء سعيداً ويجعل من يشاء شقياً "فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ", وبقي الوالد مع زوجته التي تزوجها بعد رجوعنا من بني مزار,وكان ينهرني كل مرة أزوره فيها حتى أصبحت الآن أحب شيء إلى قلبه, وامتنع عن الذهاب إلى الكنيسة ولم يعد يصوم صومهم, وزهد الدنيا وما زلت أحاول لإقناعه بدخول الإسلام,وإني أحوج ما أكون لدعاء كل قارئ بأن يفتح الله قلبه وينير بصيرته. ( الأب توفى الآن)

قلت إنك نهلت من الثقافة الإسلامية للرد على أي إنسان,فهل حدثت أي مواجهات؟
نعم. حدثت محاورات كثيرة حول التثليث ومسألة الصلب ونفي ألوهية المسيح وغير ذلك كثير, ولقد قابلت القس نفسه, وقال بانفعال أهلا يا ابن المسيح الضال, فقلت دعك من هذه الخرافات, وسألته هل تعرف أن البابا تزوج؟! فقال على الفور البابا لا يتزوج, فقلت سبحان الله البابا لا يتزوج، والإله يتزوج وينجب ابناً !! عجباً لكم تحرّمون هذا الأمر على البابا وترضونه للإله!!

أخبرنا عن إحساسك في أول يوم صمته في رمضان؟
إحساسي أول مرة وأنا صائم كان غريبا جدا...إحساس راقي هو شعورك بمراقبة الله عز وجل فى السر والعلانية, ورغبة بتمني الموت لأنني فى طاعة الله قريب من الرحمن أشتاق للرجوع اليه فارا منه إليه صائم بالنهار قائم بالليل, ومع أول لحظة سجدت فيها لله الواحد الأحد الفرد الصمد بخضوع ويقين أني صائم له وساجد له وحده لاشريك له وأسال الله أن يديم علينا هذا الإحساس الراقي.