الأحد، 25 فبراير 2018

العنف الأسري ... جاهلية العصر الحديث

العنف الأسري...جاهلية العصر الحديث
اتقوا الله في أهليكم


بقلم: سوسن سحاب
الرحمة هي ما نحتاج لنشعر بإنسانيتنا
كفى بالمرء إثما أن يُضيِّع من يقوت

العنف الأسري هو جاهلية العصر الحديث, وقد أعاد إلى الأذهان صورا بغيضة من العنف قد محاها الإسلام.
فعندما بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا العنف متواجدا وبشدة, وأخبرنا الله تعالى في أكثر من آية عن أشد أنواع العنف الأسري وهو قتل الأبناء خوفا من الفقر, فقال تعالى "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا" الإسراء 31 .

العنف ضد الكائن الأضعف
وأيضا أخبر الله عز وجل عن العنف ضد الكائن الأضعف في الأسرة  "وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت*" التكوير8 ,9 . فكانت النظرة المتخلفة للأنثى أنها الجالبة للعار, حتى جاء الإسلام فأبطل هذا المفهوم.
وكرم الله تعالى النفس البشرية بأن من قتلها بغير حق  كأنما قتل الناس جميعا, كما قال تعالى: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" المائدة 32.

أسباب العنف
ونحن في هذا العصر نرى العنف الأسري بصورة مفزعة وقاتمة, ويرجع أغلبه بسبب الجهل والفقر .
وقد بيَّن الإسلام حقوق وواجبات كل فرد في الأسرة, ولكن ابتعاد البعض عن الإسلام جعل البعض يسرف في استعمال حقوقه, ويبتعد عن أداء واجباته.
وأشكال العنف الأسري إما بدنية مثل (الضرب, الإعتداء الجنسي), وإما نفسية مثل ( الإهمال, السب,الإذلال , الحرمان من التعليم) .

أولى ضحايا العنف الأسري
والزوجة هي أولى ضحايا العنف الأسري, وقد تتعرض للعنف إذا طالبت ببعض حقوقها الشرعية, وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: "قلت يارسول الله ما حق زوجة أحدنا علينا؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت, ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت". رواه أبو داود .                   (لا تقبح :لا تقول قبحك الله).
وتأملوا معي الحديث (ولا تضرب الوجه) لأن في ضرب الوجه منتهى الشعور بالمذلة والمهانة, وقد أمر الله تعالى الرجال بالعشرة بالمعروف: "وعاشروهن بالمعروف"  النساء 19
ولا تستثنى أي أنثى من العنف الأسري, بداية من الأم والزوجة والأخت والإبنة, حتى الخادمة التي قد تتعرض للعنف من أنثى مثلها.

استوصوا بالنساء خيرا
وكانت آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع هي "ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم, ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة, فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح, فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا".
 وفي كل كتب التفاسير (واضربوهن) معناها الضرب بالسواك ضربا غير مبرح أو موجع.
ولكن للأسف فإن بعض الرجال يستعمل هذا الحق بلا ضابط, فنجده يضرب امرأته ضرب العبيد, وفي كثير من الأحيان أمام أطفالهما, فيكبر الولد على حالين لا ثالث لهما,إما ظالما متجبرا كأبيه, وإما خانعا ذليلا كأمه, فأي تربية وأي أبناء يقدمهم الأباء والأمهات للمجتمع.
وقد تجد رجلا غير ملتزم دينيا ولا يعرف طريق المسجد ولا حتى كيف يصلي, ويضرب زوجته....فإذا سألته لماذا تضربها؟ يرد بمنتهى التبجح: القرآن والسنة يقولوا اضربوهن....كأنه لم يقرأ في القرآن والسنة غير واضربوهن!!

أتريدينني أن أنافقك؟
 
وأحيانا يكون العنف معنويا فيحرمها الرجل حقها في كلمة طيبة أو بسمة أو مجاملة رقيقة, ونجد الرجل خارج المنزل يسرف في توزيع الإبتسامات والمجاملات, ولكن إذا طلبت زوجته أن يثني عليها في أي شيء, فيقول لها أتريدينني أن أنافقك؟
مع أن في الإسلام حتى لو لم تكن زوجته ذات جمال فهو مطالب بأن يجاملها, ويقول لها كلاما يرضيها من أجل دوام العشرة, وعن أم كلثوم قالت: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث الحرب, والإصلاح بين الناس, وحديث الرجل إمرأته وحديث المرأة زوجها", أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم الكذب إلا في ثلاثة مواضع, ومنها قول الرجل لامرأته: أنتِ أجمل النساء في عيني, ولو لم تكن كذلك.
 



كفى بالمرء إثما أن يُضيِّع من يقوت
 
أما العنف ضد الأطفال فأصبح اليوم يأخذ أشكالا عديدة, فبعض الآباء  يحرمون أطفالهم من حق التعليم , ويدفعونهم للعمل في سن صغيرة, حتى يتفرغ الأب لملذاته بعيدا عن أي إلتزامات تجاه الطفل, بل يصبح الطفل ملتزما بإعطاء راتبه للأب الذي ضيَّعه, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يُضيِّع من يقوت" رواه أبو داود وغيره.
فواجب الإنفاق على الوالد لا على الولد, كما قال تعالى "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" البقرة 233

اعدلوا في أولادكم
 
وكذلك من العنف المعنوي ضد الأطفال هو في التفريق بينهم ومنح أحدهم أموال أو حتى محبة زائدة عن إخوانه, وقد حكى النعمان بن البشير رضي الله عنهما, "أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت إبني هذا غلاما كان لي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا, قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" فرجع أبي ,فرد تلك الصدقة.       (نحلت : منحت أو أعطيت)
وأيضا التفريق بين البنت والولد وتخصيص الولد بالحب والإحترام والتعليم هو من أنواع العنف, وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:"من كانت له ابنة فأدبها وأحسن دبها وعلمها فأحسن تعليمها فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له منعة وستراً من النار".

بالرفق واللين
 
ولهؤلاء الذين تتزايد عليهم ضغوط الحياة, ولا يجدون غيرأقرب الناس إليهم لتفريغ هذه الشحنات السلبية, أذكرهم بأن الإسلام لم يشرع الضرب للمرأة إلا لأعظم الأمور, ولم يشرع الضرب للأولاد إلا عند ترك الصلاة,  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علموا الصبي الصلاة  لسبع سنين, واضربوه عليها ابن عشر سنين" رواه أبو داود والترمذي.
وفي كلتا الحالتين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق واللين والضرب بأهون الأشياء وهو السواك.

من لا يرحم لا يُرحم
 
ويجب أن نرحم بعضنا البعض فمن لا يَرحم لا يُرحم فالرحمة هي ما نحتاج لنشعر بإنسانيتنا, وقد رفض عمر بن الخطاب رضي الله عنه, تعيين أحد الولاة لأنه عرف عنه أنه لا يُقبِّل أبناءه, وقال من لا يرحم أبناءه فلن يرحم رعيته.

أعظم النفقة
 
ويجب أن يعلم الأب أن ما يزرعه من بغض وكره في نفوس أبناءه وهم أطفال, سوف يحصده جفاءً وقسوةً وهم كبار وهو في أمس الحاجة إليهم, بل يجب أن يزرع فيهم الود والتراحم حتى يجدههم حوله عندما يكبر, ويدعون له ولأمهما "وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" الإسراء 24
ويعلم أن كل ما ينفقه على أهله سيؤجره الله عليه أعظم أجر, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم.
 

السبت، 24 فبراير 2018

أنا من القاهرة 20 - مرسى مطروح


أنا من القاهرة
20- مرسى مطروح

كنت أبحث عن أحد الكتب في مكتبتي، فعثرت على كتاب آخر فتح لي خزانة الذكريات، فعدت لأوائل التسعينات....
كنت في الجامعة وقد أهداني أحدهم كتاب (عصفور من الشرق) للكاتب الكبير توفيق الحكيم. .






في تلك الأيام دعانا خالي لقضاء العطلة الصيفية مع أسرته أنا وأختي وفاء المحامية ...
أعددنا أغراض السفر وعلمت أن الرحلة ستسغرق أكثر من ثمان ساعات لذا أخذت معي عدة كتب من ضمنها عصفور من الشرق.
استقلينا القطار من محطة مصر، وكان الطريق طويلا ومملا ولكن الكتب والجرائد هونت من الملل كثيرا...
كتبت على هوامش هذا الكتاب تفاصيل الرحلة من الألف للياء....
ولأول مرة منذ بدأت تدوين قصتي لا أجهد ذاكرتي في العودة للوراء واستحضار الماضي...
فقد وجدت الماضي مسطورا كما سجلت أحداثه بيدي وقتها.

وكل ما سأفعله الآن أن أنقل ما كتبته على هوامش الكتاب برقم الصفحة....





الثلاثاء 5 يوليو الساعة  8:30 ص
قطار مطروح
طريق مصر الأسكندرية
صفحة 19
كنت أظن أني لم أقرأ هذه الرواية من قبل لكنني بمجرد قراءتي لأول صفحتين تذكرتها،  ولكني فقط كنت قد نسيت العنوان لأنني قرأتها منذ زمن طويل.

الثلاثاء 5 يوليو الساعة 9:00 ص
صفحة 31
لا استطيع التركيز مع أحداث الرواية، أشعر بألم شديد في رأسي لأني لم أنم الليلة الماضية.

الثلاثاء 5 يوليو
الساعة 10:15 ص
صفحات 43، 44، 45
منذ وقت أبحث عن باقي أقلامي الأزرق والأحمر والأخضر ، فشلت كل محاولاتي في العثور عليهم
في الغالب قد نسيتهم في القاهرة
القلم الذي يريحني نفسيا عند الكتابة - شكلا وموضوعا- هو اللون الأحمر، فهو لون يعبر عن الصدق والصراحة والوضوح الشديد، كما يعبر أيضا عن الثورة داخل الإنسان وعن المشاعر الفياضة، كما أني قرأت يوما أن اللون الأحمر يعتبره القدماء لونا واقيا من الشر.
ولكن الشيء الذي ألاحظه على نفسي...أني عندما أكون سعيدة جدا فإني أرتدي اللون الأحمر .

الثلاثاء ه يوليو
صفحة 62
دخلنا طريق مرسى مطروح،  وكان طريقا طويلا شديد الرتابة، وخصوصا لأني أجلس وحيدة، فأختي نائمة بجواري وتقريبا كل الناس نيام، ولكني استمع الآن بالصدفة إلى أغاني محمد فؤاد وهذه الاغاني تذكرني بحفل زفاف كنت مدعوة فيه بالأمس..

نحن الآن نمر بشاطئ سيدي عبد الرحمن وفي طريقنا لاستراحة العلمين.

الثلاثاء 5 يوليو
صفحة 73
مازال الطريق مملا  لدرجة أني فكرت -درأ للملل- في عد فلنكات قضبان السكة الحديد.
ومازلت لا أستطيع النوم ولا أستطيع القراءة.
اقتربنا من الاستراحة وقبل أن نصل تحدث إلى أختي شاب يجلس بجوارنا، فلم أعره التفاتا.. ثم بعد ذلك عرفتني أختي عليه واتضح أنه وكيل نيابة منتدب إلى مرسى مطروح ولديه  بعثه إلى فرنسا بعد عدة أشهر، وبعد ذلك فاتح أختي في رغبته في الزواج مني والسفر معه إلى فرنسا.

ولا أعرف ما هذه السرعة العجيبة التي دعته إلى اتخاذ هذا القرار وطلبت أختي أن أقول رأيي المبدئي فيه فقلت لها : بالرغم من أن آخر ما أنظر إليه في الرجل هو ملامحه أو مظهره، ولكني قلت لها رأيي فيه بأني لا أحب الرجل الأشقر ذو العيون الملونة، بالرغم من أنه صعيدي الأسرة لكنه كان يشبه الأجانب....

الثلاثاء 5 يوليو
الساعة 12:00 ظهرا
صفحة 82
كنت أأمل أن أنتهي من قراءة أكثر من كتاب في هذا الطريق الطويل ، لكني مازلت في منتصف الكتاب الأول...
لا أعرف ماذا حدث؟؟  أشعر هذه الأيام بأحاسيس غريبة، أحاسيس تطرق بابي لأول مرة.... أحاسيس لذيذة كإحساسي بعصفور يلتقط الحب من راحة يدي، أو كإحساس الداخل مكان بارد بعد أن لفحته أشعة الشمس الحارقة !!!!

الثلاثاء 5 يوليو
الساعة 12:45 م
صفحة 92
نحيت رواية عصفور من الشرق جانبا وقرأت قليلا في مجلة صباح الخير ( مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة) كما يكتبون على الغلاف.
وقرأت  "شيء ما" للكاتبة نادية عابد، التي كنت أعشق كتاباتها وأشتري المجلة كل أسبوع خصيصا من أجلها، ثم بعد ذلك كانت الصدمة عندما علمت وتأكدت أن نادية عابد هي نفسها الكاتب الصحفي مفيد فوزي !!!!

الثلاثاء 5 يوليو
الساعة 1:30 م
صفحة 104
أخيرا وجدت القلم الأزرق، دائما يتوه مني هذا القلم....
دخلنا حدود مطروح وباقي لنا حوالي نصف ساعة على الوصول.

الثلاثاء 5 يوليو
الساعة 2:00 م
صفحة 109
وصلنا مطروح، وقف القطار في المحطة وكان ينتشر فيها جميع وسائل المواصلات من عربات النقل والنصف نقل والميكروباص والأتوبيسات والموتيسكلات والتريسكلات والعجل وعربات الحنطور بالإضافة إلى الكارو، وكان الباعة الجائلين ينتشرون في كل مكان ليبيعون كل شيء، ولكن أهم سلعة كان عليها إقبالا شديدا ووجدت تجمعات كبيرة من الناس تلتف حولها كانت خراف العيد.

ويوجد في مطروح وسيلتين للمواصلات هما الطفطف وعربات الحنطور.

الثلاثاء 5 يولو
الساعة 3:10 م
صفحة 111
بعد عناء وبحث مضني وجدنا العنوان الذي ينزل فيه خالي وأسرته، وما أن وصلنا حتى استقبلونا بالترحاب الشديد كعادة زوجة خالي في استقبال ضيوفها، ولكن وجدنا البيت الصغير ذو الثلاث غرف يكتظ بالزوار من أقارب زوجة خالي الذين جاءوا من القاهرة أيضا لقضاء المصيف !!!!!
والأطفال يركضون في الصالة الصغيرة فيصطدمون بنا في الذهاب والجيئة.
ووجدت أننا لن نستطيع النوم وقوفا حتى، وقلنا لخالي لن نستطيع البقاء وسنذهب لأي فندق فغضب واعترض على الفكرة وقال: حتناموا معانا هنا ، دي حتى حصيرة الصيف واسعة !!!!!
قضينا اليوم معهم ثم نمنا من التعب على مراتب على الأرض (على حصيرة الصيف الواسعة). 
  

الأربعاء 6 يوليو
الساعة 11:00  ص
صفحة 114
خرجنا لنكتشف المدينة قبل أن نقرر ماذا سنفعل، أخذنا الطفطف وشرح لنا السائق تاريخ المدينة باختصار وقال أن المدينة تمتاز بشواطئها الساحرة المختلفة عن شواطيء مصر كلها ، ومنها شاطيء الأبيض وشاطيء عجيبة وشاطئ روميل وشاطئ كليوباترا  أو حمامات كليوبترا (الذي قيل أن الملكة كليوبترا كانت تستحم فيه)  وشاطئ الغرام (الذي سمى على اسم فيلم ليلى مراد شاطيء الغرام)  وشاطئ النخيل وشاطئ الفيروز وشاطئ باب البحر وشاطئ مبارك وشاطئ العوام وشاطئ الليدو وشاطئ مينا حشيش وشاطئ علم الروم
وأخذنا السائق في جولة إلى بعض الشواطيء ثم نزلنا لشاطيء الأُبَيـِّض ....
بالرغم من ذهابي لمعظم الشواطيء المصرية تقريبا، لكني لم أر شاطئا بهذا الجمال والهدوء والرومانسية....


الأربعاء 6 يوليو
الساعة 2:00 م
صفحات 127- 131
شاطيء عجيبة
قد قلت من قبل أنني لم أر مثل شاطيء الأبيض ولكن عندما رأيت شاطيء عجيبة أيقنت أنه لا ولن يوجد شاطيء في العالم يمكن أن يضاهي هذا الجمال !!!!
فألوان الماء تتدرج من الأبيض مرورا باللون الفيروزي ثم الأورق الفاتح ثم الغامق وكل سحر هذا اللون الأزرق بدرجاته يمر بين جبلين من الصخور التي تتشكل أشكالا غريبة عجيبة، جعلتها كأنها بيوتا صغيرة أو كهوفا كثيرة متلاصقة، وعندما مررنا بها وجدناها تحتضن محبي الوحدة والاختلاء بأنفسهم.....


نتيجة بحث الصور عن شاطئ عجيبة
شاطيء عجيبة



كما تأوي هذه الكهوف عشاقا، فهذا الشاطيء مشهور بأنه شاطيء العشاق والمحبين الذين يلتقون وينحتون أسماءهم على صخور أو في الكهوف .


بالفيديو والصور..«مطروح» بلد العجائب السبع.. شاطئ «عجيبة» يجذب المصطافين.. زحام على الجبال والمناظر الطبيعية لالتقاط «سيلفي»..«صخرة ليلى مراد» قبلة العاشقين.. ومحافظ مطروح يتبنى خطة لتطوير هضبة عجيبة



بالرغم من كل هذا الجمال حولي أجدني أجلس على صخرة بعيدة وحيدة، أراقب أطفالا يبنون بيوتا من الرمل، وأحصي عدد الأمواج الآتية، وأقرأ كلمتين من هذا الكتاب (عصفور من الشرق) ثم أعيده مكانه ثم أفتحه مرة أخرى ثم أغلقه.
لا أعرف فيما أفكر وما الذي يضجرني !!!!
ولكني أشعر بحنين شديد للقاهرة، اليوم ذهبت بخيالي إلى مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها، فهو من أحب المساجد إلى قلبي وخصوصا يوم الجمعة بعد الصلاة، هناك يرتل الناس القرآن بصوت مرتفع وهم يطوفون حول ضريح السيدة نفيسة، وكلما أشهد هذا المنظر  لا تطاوعني نفسي فأبكي من شدة الخشوع والرهبة.
















الأربعاء 6 يوليو
الساعة 5 عصرا
صفحات 132- 134
بالأمس حلمت أنني وأختي ننزل جبلا ثم يوجد بعد هذا الجبل بحرا ...
واليوم بعد أن جئت هنا إلى شاطيء عجيبة قلت سبحان الله فقد تحقق الحلم كما هو الحال مع معظم أحلامي، فطريق الوصول للشاطيء لابد أن ننزل أحد الجبلين الذي ذكرتهما من قبل، ويوجد ممر طويل مدرج يؤدي إلى أسفل يستخدمه الناس للنزول للشاطيء أو الصعود للشارع ، وبعض الشباب مثلنا يستخدمون الجبل مباشرة في التسلق نزولا وصعودا كما فعلت أنا ، والأمر لا يخلو من بعض الخطورة خصوصا في النزول فأحيانا تنزلق الصخور تحت قدمي، ولكنها متعة في حد ذاتها أن تشعر بقليل من الخطورة.


وقد أنتجت السينما أجمل الأفلام العربية وأشهرها في مرسى مطروح، وأشهر قفشات الأفلام المصرية (أحمااااااااااااد - منااااااااااااا) لشادية وصلاح ذو الفقار أغلى من حياتي كان على شاطيء مطروح
ولا ننسى فيلم شاطيء الغرام ليلى مراد وحسين صدقي الذي سمي الشاطيء على اسمه 
«يا ساكني مطروح.. جنيه في بحركم، الناس تيجي وتروح وأنا عاشقة حبكم».. كلمات تغنت بها الفنانة الشهيرة ليلي مراد وهي تجلس على إحدى صخور شواطئ محافظة مطروح خلال فيلمها الشهير «شاطئ الغرام»

صورة ذات صلة


الأربعاء 6 يوليو
الواحدة بعد منتصف الليل
صفحة 134
لم أجد متعة كبيرة في هذا المنزل ، فأنا في الرحلات لا أحب الأطفال والدوشة خصوصا في الرحلات الطويلة.
وأيضا لأني لا أشعر بالرغبة في الحديث مع أي أحد، وأول مرة أجدني تواقة للكتابة وخاصة على كتاب وليس الأوراق بيضاء !!!

حدثتني أختي عن رغبتها في السفر إلى القاهرة غدا... ولن أقل إني فرحت، ولكن طرت من الفرحة لأني سأعود غدا إن شاء الله إلى حبي وحبيبتي إلى عشقي الأكبر ومعشوقتي...
بالرغم من كل هذا الجمال حولي لكني لا أستطيع الاستمتاع به، أحس أن شيئا ما ينقصني... ما هو ؟؟ لست أدري.


الخميس 7 يوليو
الساعة 10:00 صباحا
صفحة 139
نزلنا المدينة لحجز تذاكر القطار، ولم نكن قد شربنا الشاي بلبن كعادتنا الصباحية تلك الأيام، ولا حتى تناولنا طعام الإفطار...
اشتريت خبز ( عيش بلدي ) وجبن أبيض وبسطرمة وطعمية ، ثم توجهنا إلى قهوة بلدي لنشرب شايا ونفطر .
عندما ذهبنا للقهوة نظر إلينا الرجال بمنتهى الاستغراب وأعينهم تتابع خطواتنا فاغرين فاههم من الدهشة !!!
فجلسنا أنا وأختي ثم صفقت بيدي للجرسون ليأتي كما هي العادة لطلب القهوجي (النادل) في المقاهي.
ما يلفت نظرك في رجال مطروح هو تمسكهم بزيهم الوطني، فالرجال يرتدون الجلباب والسروال الأبيض وفوقه صديري أزرق اللون أوبني، مفتوح الصدر ومطرز من عند الأكتاف والحواف ....
ولكني لم أر سيدات مطروح أبدا إلا في الصور والمجلات !!!!
تناولنا الفطار والشاي بسرعة وذهبنا الى البيت لأخذ الحقائب ، والتوجه إلى محطة القطار.


الخميس 7 يوليو
الساعة 2:00 بعد الظهر
صفحات 146 - 148
نحن الآن في القطار في طريقنا إلى القاهرة، كنا قد وصلنا منذ قليل بعد كفاح مضني من الحمار الذي أوصلنا !!!
فوسيلة المواصلات الرئيسيئة هنا هي العربة الحنطور التي يجرها حمار....
هذا الحيوان الصابر الذي لا أعرف كيف يحتمل كل هذا العذاب الذي يراه طيلة ساعات النهار والليل، وخصوصا أن كل الطرق المؤدية إلى محطة القطار مطالع ، وفي كل مطلع كان الحمار يتلقى (علقة ساخنة) ضربا مبرحا من صاحبه !!!!
عرفت بعدها السبب في وصف شدة الضرب الذي يتلقاه شخص ما بأنه ( أخد علقة ما أخدهاش حمار في مطلع) !!!!
وكنت كلما ركبت الحنطور لابد من عمل مشكلة مع أي أحد يعذب حماره الذي يخدمه ولولاه لعمل الرجل بنفسه في جر العربة!!!!
المهم وصلنا القطار وكان على وشك التحرك، كأنه كان بانتظارنا.
جلست على الكرسي وبدلت وضع الكرسي الذي أمامي لأنه خاليا فأصبح الكرسيان متواجهان فوضعت قدماي على الكرسي المواجه وأسندت رأسي للخلف داعية الله أن نصل بالسلامة.


الخميس 7 يوليو
الساعة 5 مساء
الصفحات 163- 166
كل فتاة تحلم برجل تكمل حياتها معه، رجل تحبه وتقدره، رجل - على الأقل في نظرها- يجسد المعنى الأكمل للرجولة....
ومن منطلق إيماني بأن داخل كل رجل طفل، فإني أريد أن أخرج الطفل الكامن في أعماقه فأداعبه وأهدهده وأمسح دموعه إن جاءني باكيا، وأهديء صياحه إذا جاءني شاكيا أن أحدهم كسر لعبته أو خطف دميته فأسرع لأشتري له لعبة أخرى, يرجوني أن أحكي له حكاية قبل النوم فأحكيها له، يطلب كوبا من الماء فآتيه به، فيسألني بعض الدفء لأن الطقس باردا، فأحتويه في أعماقي كما تحتضن المحارة اللؤلؤة....


الخميس 7 يوليو
الساعة 7 م
صفحة 177
مازلنا في القطار، ولا أدري لماذا يسير بهذا البطء، أو هكذا إحساسي به ...
ولكني داخلي إحساس غريب بالراحة لأني في طريقي إلى مسقط رأسي.

نحن الآن نمر بكينج مريوط  وبقى على القاهرة حوالي أربع ساعات .
أجمل ما في القطار أن طول الطريق والمسافة جعل من الركاب والمسافرين أصدقاء طريق فتبادلنا الطعام والفاكهة واللب والتسالي.
وجلس بجوارنا رجلا عمره كما قال لي 74 عاما، ولم يبخل علينا بنصائحه الثمينة ، وحكى لنا عن ذكرياته في بلاد كثيرة فهوَّن علينا الطريق قليلا ، وأعارني أحدهم جهاز تسجيل لأسمع فيه بعض الأغاني وكانت البطارية ضعيفة وفوق ذلك لا يوجد غطاء للبطارية، فكانت بين الحين والآخر تسقط على الأرض فكنا ننزل تحت المقاعد للبحث عنها ....

الخميس 7 يوليو
الساعة 7:30 م
صفحة 194
نمر الآن بمنطقة محرم بك الأسكندرية، ولا أستطيع أن أصف روعة منظر الشمس وهي تغرب في البحر، نسير الآن بجوار طريق أسفلت للسيارات، وأعتقد أنه بدأ من هنا فقط، فهذه أول مرة منذ حوالي ست ساعات نرى سيارات بجوارنا.
بعد ذلك وقف القطار أمام مزلقان فمنع مرور السيارات فتكدست طوابير طويلة من السيارات ، ووقتها تذكرت زحام القاهرة الذي بدونه ستفقد القاهرة أهم مميزاتها.

لا أعرف لماذا أشعر كأني غبت عن بلدي ليس ثلاثة أيام كما هو الواقع، بل أشعر كأني غبت شهرا أو سنة !!!!
فالساعات كانت تمر كأنها شهور أو دهور .

الخميس 7 يوليو
الساعة 7:45
صفحة 205
الحمد لله انتهيت من قراءة عصفور من الشرق أخيرا... هذه الرواية التي أخذت من وقتي الكثير جدا بالرغم من صغر حجمها، والآن أقرأ أو استرجع قراءة "أحلى 20 قصيدة حب" هذه القصائد كنت أقرأها خلال قراءتي لهذه الرواية، وأكثر ما يعجبني هذه الأبيات لعباس بن الأحنف:
متى يكون الذي أرجو وآمله
أما الذي كنت أخشاه قد كانا
يا ليت من نتمنى عند خلوتنا
إذا خلا خلوة يوما تمنانا

الخميس 7 يوليو
الساعة 10:30 م
الصفحة الأخيرة
نحن الآن في طريقنا إلى محطة مصر فقد مررنا بمدينة رشيد ثم كفر الزيات ودمنهور وطنطا وبنها.
وبالرغم من طول الطريق إلا أنه كان أمتع من طريق الذهاب لأن رفاق الرحلة كانوا مسليين جدا .
وقد لعبت أختي الشطرنج معهم ثم جاء أناس آخرين من آخر القطار للعب والفرجة، واشتركنا جميعا في مسابقات ذهنية وشعرية، هونت طول الطريق
وقد أتحفني شاب في الثانوية العامة ببيت شعر كله تشاؤم ويأس أول مرة أسمع عنه، ولا أعرف ولا يعرف هو من كاتبه وهو:
حظي كدقيق فوق شوك نثروه...
وقالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
فقلت له : ( ليه كده يا عم التشاؤم ده كله ؟؟)

الصفحة الأخيرة
الساعة 11:00
رأيت بيتنا من نافذة القطار...

الصفحة الأخيرة
الساعة 11:30
وصلنا بيتنا بحمد الله، فقد وقف القطار فجأة أمام المنزل بالضبط ، فقفزنا من القطار بمساعدة رفاق الرحلة ، ثم ألقوا لنا حقائبنا قبل أن ينطلق القطار في طريقه لمحطة مصر بميدان رمسيس.


لم تكن هذه رحلتي الأخيرة لمرسى مطروح بل ذهبت هناك أكثر من مرة بعد ذلك لمشاهدة هذا السحر مرات ومرات...


وكما قلت في البداية (أهداني أحدهم) وأحدهم هذا كان صديق أخي كتاب ، وكان هذا الشاب يحبني جدا ويريد أن يتزوجني ولكن أمي رفضت بشدة، بدون تقديم أي مبرر!!
بالرغم من شهادة الجميع له بحسن الخلق وكان من أسرة ميسورة يعملون في تجارة الجلود... ولهم معرض في أشهر شارع للجلود في وسط البلد هو شارع ذكي بالتوفيقية.
وكنت أتمنى أن يوافق أهلي ليس حبا في الشخص ذاته بل كي أكون مخطوبة مثل معظم صديقاتي...

وفي يوم رأيت في أحلامي أمي وهي تحمل فوق ظهرها حمل شديدا تنوء بحمله وقد انحنى ظهرها من ثقله!!!
فأحسست أن هذا الحلم رسالة أو علامة لي...
فاعتذرت له عن الخطوبة، وبعد فترة تزوج من أخرى وأنجب ثم أصيب بمرض الكبد الوبائي ( فيروس سي ) وتوفى في ريعان شبابه تاركاً زوجة وطفلين....
رحمة الله عليه...


سوسن سحاب

الأحد، 18 فبراير 2018

أنا من القاهرة 9 - لبيك اللهم لبيك


أنا من القـــاهــــرة

9- لبيك اللهم لبيك (حج ماما)

 

أعدت أمي عدتها وجهزت نفسها للذهاب لحج بيت الله الحرام، وكان هذا الحدث جللا وقتها

فكانت وفود المعارف والجيران والأقارب تأتي لمنزلنا للتهنئة وطلب الدعاء عند الكعبة أو في الروضة الشريفة وكانت أمي تعدهم بالدعاء لهم هناك بإذن الله.

 

يوم السفر حضر كل الأقارب للبيت حتى نذهب سويا للمطار، تحركت القافلة منهم من كان يملك سيارة والباقي بالأتوبيس.

 

التقينا جميعا في مطار القاهرة وكانت أول مرة يذهب معظم الموجودين للمطار فقط رأيناه في أفلام السينما، وأنا شخصيا كنت معجبة بصوت مذيعة المطار جدااا. وصلت طائرة كذا.. النداء الأخير على  طائرة كذا...

 

ذهبنا أنا وأطفال العائلة نتجول ونكتشف المكان، كنا نبحث عن السلم المتحرك ذو الدرابزين العريض جدا الذي شاهدناه في فيلم من افلام عادل إمام (لا أذكر اسمه الآن) والذي كان يهرب من العصابة فكان يتزحلق على الدرابزين بسرعة فينزل في لحظات بينما الآخرين لا يستطيعون اللحاق به وهم ينزلون بسرعة على السلم المتحرك !!!!

وعندما وجدناه صرخنا من السعادة والإثارة مثل الذي وجد اليوتوبيا (مدينة الأحلام أو المدينة الفاضلة) !!!!!

وأخذنا نتزحلق عليه أكثر من ساعة وكان هذا اليوم من أجمل أيام حياتي.

 

ثم فجأة سمعنا مذيعة المطار تنادي أسامينا في إذاعة المطار على أننا أطفال مفقودة، وركضنا بأقصى سرعة فقابلنا خالي وبعض أقاربنا الذي عنفونا جدا لشقاوتنا وكانت أمي تنتظر على أحر من الجمر للإطمنئان علينا قبل أن تذهب للطائرة، سلمنا عليها ثم ذهبت للطائرة وصعدنا للشرفة التي تطل على مدرج المطار في الدور الثاني والتي منها نرى الركاب الذاهبين إلى الطائرة ونلوح لهم، وعندما رأينا والدتي صرخنا بأعلى صوتنا حتى تنظر لنا ماما ماما، لوحت لنا ودخلت إلى الطائرة ثم عدنا إلى البيت بعد يوم حافل مشحون بكل لحظات السعادة للفسحة الجميلة ، وكل لحظات الحزن لسفر أمي.

 

بعد يومين من السفر بدأت استعدادات الاستقبال وهي بدهان حوائط المنزل من الخارج وحتى الدور الثالث حيث نسكن، وأحضر أبي رساما وخطاطا لرسم لوحات الحج المشهورة وقتها وكتابة عبارات الحج مثل حج مبرور وذنب مغفور ، حمد لله على السلامة يا حاجة وهكذا.....



 

بعد شهر بالتمام والكمال وصلت أمي بسلامة الله وبالطبع ذهبنا لاستقبالها في المطار بنفس تفاصيل رحلة السفر ، لعب على السلالم المتحركة، صعود شرفة المطار لاستقبالها وهي نازلة من الطائرة، انتظارها للخروج من الصالة....

 

استقبلنا أمي وكانت ترتدي الملابس البيضاء مثلها مثل كل النساء القادمات من الحج، وعلى وجهها كل النور من الرحلة الإيمانية، وعندما وصلنا البيت أعجبها جدا الألوان والعبارات والرسومات، وبدأت تنهال وفود المهنئين بالحج أياما حتى كان لا يخلو بيتنا من الزوار إلا وقت النوم.

 

أحضرت أمي الكثير من الهدايا للجميع ولكل من هنأها كان له سبحة وتمر ،أما هديتي فكانت أجمل شيء رأيته في حياتي وقتها عروسة تقول ماما وبابا وتفتح عينها وتغمضها.

 

كان اختراع العروسة مبهرا وكانت تنام في حضني وكنت أتباهى بها أمام أطفال العائلة والجيران.

عندي عروسة تقول ماما وبابا بعد سنين طوال كانت عروستي عبارة عن قماش محشو قطن وشعر خيوط صوف وكنت أخيطها أنا وأمي..

هل تتخيلون حجم السعادة؟؟؟؟

الأحد، 4 فبراير 2018

أنا من القاهرة 13 يا اسكندرية





أنا من القاهرة  

   13-يا اسكندرية يا مجنناني

عندما رأيتها لأول مرة وقعت في غرامها من وقتها ولغاية الآن، ذهبنا مع الأسرة ونزلنا في شاطيء ميامي، في شارع موازي لشارع خالد بن الوليد، هذا الشارع الحيوي الذي كنا نشتري منه الحلويات السكندرية كالهريسة واللديدة في نهاية الرحلة.

ولا يمكن أن تذهب لشاطيء ميامي أو سيدي بشر ولا تقف على بير مسعود وتلقي قطعة من النقود المعدنية وتتمنى شيئا في خاطرك...
فبئر مسعود أو كما يطلق عليه العامة بير مسعود هو عبارة عن فجوة داخل الصخور عمقها حوالي 4 أمتار، وله قناة متصلة به طولها حوالي 5 أمتار تصله بالبحر،
فتغمره مياه البحر، وإذا ذهبت في الشتاء فسترى بير مسعود في أروع صوره ومياه البحر وأمواجه تخرج من فوهته فتجعله مثل البركان الهادر....

وهو يعتبر أحد أشهر المزارات السياحية في الأسكندرية، وذاع صيته من كثرة الأساطير التي نسجت حوله، سواء من حيث تسميته، أو تحقيقه لأمنيات البعض، فبعض الناس يقسمون بأغلظ الأيمان أنهم ألقوا قطعا معدنية من أجل تحقيق شيئ ما ثم تحقق هذا الشيء بعد ذلك.
أما الأساطير التي نسجت حوله تسميته بهذا الاسم فهي كثيره وزادت من غموضه.

فمنهم من قال أنه سمي على عبد حبشي هرب من التعذيب في العصر الفاطمي ونام بجوار البئر وفي الصباح توفى، فاعتبر الناس أن هذا البئر مسعود لأنه أراح الحبشي من التعذيب.

والرواية الثانية أن مسعود صبي صغير هرب من جحيم زوج أبيه ثم وجدوا جثته بجوار البئر فسموه على اسمه

 والرواية الثالثة أنه أول صعيدي جاء للمنطقة هاربا من الثأر ومكث قرب البئر وعندما اكتشفوا أمره قتلوه ،وأطلق الناس اسمه على البئر.

 ومنهم القائل بأنه كان رجلا صالحا اسمه الشيخ مسعود أتى كي يتقرب من سيدي بشر وكان يذهب إلى البئر للتعبد والتأمل وذكر الله، وعندما مات سموه باسمه.

أما الرواية الخامسة فهي أن مسعود كان تاجر مخدرات وكانت الشرطة تطارده فقفز داخل البئر ومات على الفور، ولم تتمكن الشرطة من العثور على جثته فأطلق الناس اسمه على البئر....
وحكايات أخرى كثيرة من نسيج خيال الناس زادت الأمر تشويقا وغموضا....

أما بالنسبة لنا كأطفال فكان لدينا اعتقاد يصل لحد اليقين أن أقصى أمانينا يمكن تحقيقها بمجرد إلقاء قطعة نقود معدنية في البئر، وكان كل مصروفنا في الإجازة يذهب على أم الخلول والفريسكا وبئر مسعود.
 
كانت شوارع اسكندرية كلها متقاطعة على البحر ومتجهة لأسفل ، فعندما تأتي من نهاية الشارع تجده كأنه منزل وترى البحر من بعيد من آخر الشارع...
كان حلم أهل القاهرة أن تشاهد أعينهم الأسكندرية وساحلها الذي يمتد طوله لحوالي 32 كيلومتر من أبي قير حتى بحري...
كانت متعة حقيقية أن تركب الأتوبيس وتجلس بجوار الشباك تجاه البحر وتمتع ناظرينك برؤيته وتغمض عينيك وأنت تحاول اختزان أكبر قدر من الجمال... 
 
بعد أول مرة ذهبنا للأسكندرية، لم نرض عنها بديلا وأصبحت هي وجهتنا كل صيف... ولكن كل سنة كنا نذهب لشاطيء مختلف من شواطئها فمرة أبوقير، ومرة ميامي، ثم المندرة وستانلي والمعمورة والمنتزه....
وفي كل مرة لم تتغير طقوس الرحلة في الصغر عن الذهاب للشاطيء صباحا والظهر لسوق السمك ، والعصر نذهب البجر مرة ثانية وفي المغرب نخرج لأي فسحة مثل مسرحية أو السيرك، أو حتى نذهب لأكل الجيلاتي عند جيلاتي عزة أو صابر، أو نأكل رز بلبن أو أحلى بليلة في التاريخ عند الشيخ وفيق في بحري...ولابد أن أذهب مع أمي لمسجدي المرسي أبو العباس والبوصيري.

 كان أهم شيء في الطفولة هو نزول البحر والأكل ونزول البحر ثم الأكل ...
كانت اسكندرية فاتنة المدن وساحرة المصايف لكن أكثر شيء كان يسيء للمنظر العام هو المصطافين الذين ينزلون البحر بملابسهم الداخلية وأعتقد أنهم فهموا خطأ جملة (لباس البحر) ، والأدهى والأمر أنهم يتجولون بهذه الملابس الداخلية في شوارع الأسكندرية والبعيدة جدا عن البحر.....

وعندما كبرت وأصبحت أذهب للأسكندرية مع إخواتي أو صديقاتي أو رحلات الجامعة، فأصبحت لي طقوسي الجديدة أيضا التي لم أغيرها ، وهي المشي على الشاطيء في المعمورة أو المنتزه أو ستانلي ، والذهاب لملاهي المعمورة ليلا.

كنت أعشق قلعة قايتباي ويمكن أن اقضي اليوم بطوله داخل غرفة من غرف القلعة أجلس على الشباك العريض ناظرة إلى البحر....

أول مرة أذهب للأسكندرية مع الجامعة ، كان شيئا غير اعتياديا في البيت، وعُقِدت الاجتماعات .... وذلك لأنها المرة الأولى التي سيكون فيها مبيت خارج المنزل في هذه الرحلة !!!!
فعلى مدار دراستي في كل مراحلها، لم تفوتني رحلة واحدة !! كنت أذهب جميع الرحلات حتى لو كان المكان زرته أكثر من مرة، وبالطبع كانت كلها رحلة اليوم الواحد أو نصف اليوم .... لكن أول رحلة للأسكندرية مع الجامعة كان هناك مبيت لليلتين !!!!
وبعد الاجتماع العائلي لأخذ الموافقة ، كانت الموافقة مشروطة أن تذهب أمي معي للرحلة....

وبالفعل ذهبت معي واستمتعت جدا واطمئنت أن الشباب والبنات في منتهى الاحترام.
كان فندق الإقامة هو فندق سيسيل القديم بطرازه الإيطالي الرائع، وكان الشباب معهم طبلة ودف وكانوا يستخدمونهم في إيقاظنا ( بديل للمنبه) ، وأول مرة أعرف معنى الجملة (ده ما يصحاش ولا بالطبل البلدي !!!!)

كانت رحلات الجامعة إلى الأسكندرية في وقت الشتاء فقط وما أن رأيتها في الشتاء مرة حتى أدمنت الذهاب إليها شتاءً كل ما تحين الفرصة، كنت أعشق المشي تحت المطر في شتاء اسكندرية (وأحيانا الجري إذا كان معي أصدقاء مجانين مثلي)، ولكن عندما يشتد المطر جدا (النوة كما يسموها أهل اسكندرية ) فإنه يجبرنا على البقاء في الفندق.
كان أجمل شيء في صيف اسكندرية انك كنت تعرف كل الجديد في عالم الفن وتستمع لكل نجوم الغناء المتواجدين على الساحة....

محمد منير والليلة يا سمرا وعمرو دياب راجعين ومحمد فؤاد في السكة كانوا شعلة المصيف، وأول مرة سمعت إيهاب توفيق (داني) كان في المعمورة أيضا.

كان مطعم سان جيوفاني بجوار كوبري ستانلي من أجمل المطاعم وألذها إلى الآن وهو جزء من رحلتنا إلى الأسكندرية كل مرة....
وأحيانا كنا نشد الرحال اليه من القاهرة لنتغدى فيه ونعود آخر النهار.
طبعا بالإضافة لأشهر مطاعم السمك هناك ...

أجمل شيء في اسكندرية ان في كل مكان فيها تم تصوير فيلم سينمائي، وكنت أعشق المشي بين الأشواك ، أقصد المشي بين أشجار المنتزه  حيث غنى عبد الحليم حافظ (مشيت على الأشواك)، وكشك الموسيقى الذي صورت فيه وردة الجزائرية أحد أفلامها

كوبري المنتزه هو ملتقى العشاق وقبلة الحبـِّيبة، كنت أحب المشي عليه أنا وصديقتي الإماراتية، وكنا نحب الجلوس على الصخور حيث تضربنا الأمواج وينعشنا رذاذ ماء البحر، وكانت الصخور دائما لزجة من أعشاب البحر وعندما أمشي كنت أتزلج وأقع الأرض، فتمسكني صديقتي وتحاول ايقافي فتقع هي الأخرى، فأقف وأمسك يدها لأساعدها فأقع وظللنا على هذا الحال حولي نصف ساعة من الوقوف والوقوع والضحك الهستيري....




وعلى شطك يا اسكندرية
أتمشى أنا وصاحباتي
ناكل سمك في بحري
وفي جليم أحلى جيلاتي
يا حبيبتي يا ماريا
يا خزينة ذكرياتي

وسحر الماضي والآتي
وعشق كل السنين

سوسن سحاب


سوسن سحاب