أنا من القـــاهــــرة
9- لبيك اللهم لبيك (حج ماما)
أعدت أمي عدتها وجهزت نفسها للذهاب لحج بيت الله الحرام، وكان هذا الحدث جللا وقتها
فكانت وفود المعارف والجيران والأقارب تأتي لمنزلنا للتهنئة وطلب الدعاء عند الكعبة أو في الروضة الشريفة وكانت أمي تعدهم بالدعاء لهم هناك بإذن الله.
يوم السفر حضر كل الأقارب للبيت حتى نذهب سويا للمطار، تحركت القافلة منهم من كان يملك سيارة والباقي بالأتوبيس.
التقينا جميعا في مطار القاهرة وكانت أول مرة يذهب معظم الموجودين للمطار فقط رأيناه في أفلام السينما، وأنا شخصيا كنت معجبة بصوت مذيعة المطار جدااا. وصلت طائرة كذا.. النداء الأخير على طائرة كذا...
ذهبنا أنا وأطفال العائلة نتجول ونكتشف المكان، كنا نبحث عن السلم المتحرك ذو الدرابزين العريض جدا الذي شاهدناه في فيلم من افلام عادل إمام (لا أذكر اسمه الآن) والذي كان يهرب من العصابة فكان يتزحلق على الدرابزين بسرعة فينزل في لحظات بينما الآخرين لا يستطيعون اللحاق به وهم ينزلون بسرعة على السلم المتحرك !!!!
وعندما وجدناه صرخنا من السعادة والإثارة مثل الذي وجد اليوتوبيا (مدينة الأحلام أو المدينة الفاضلة) !!!!!
وأخذنا نتزحلق عليه أكثر من ساعة وكان هذا اليوم من أجمل أيام حياتي.
ثم فجأة سمعنا مذيعة المطار تنادي أسامينا في إذاعة المطار على أننا أطفال مفقودة، وركضنا بأقصى سرعة فقابلنا خالي وبعض أقاربنا الذي عنفونا جدا لشقاوتنا وكانت أمي تنتظر على أحر من الجمر للإطمنئان علينا قبل أن تذهب للطائرة، سلمنا عليها ثم ذهبت للطائرة وصعدنا للشرفة التي تطل على مدرج المطار في الدور الثاني والتي منها نرى الركاب الذاهبين إلى الطائرة ونلوح لهم، وعندما رأينا والدتي صرخنا بأعلى صوتنا حتى تنظر لنا ماما ماما، لوحت لنا ودخلت إلى الطائرة ثم عدنا إلى البيت بعد يوم حافل مشحون بكل لحظات السعادة للفسحة الجميلة ، وكل لحظات الحزن لسفر أمي.
بعد يومين من السفر بدأت استعدادات الاستقبال وهي بدهان حوائط المنزل من الخارج وحتى الدور الثالث حيث نسكن، وأحضر أبي رساما وخطاطا لرسم لوحات الحج المشهورة وقتها وكتابة عبارات الحج مثل حج مبرور وذنب مغفور ، حمد لله على السلامة يا حاجة وهكذا.....
بعد شهر بالتمام والكمال وصلت أمي بسلامة الله وبالطبع ذهبنا لاستقبالها في المطار بنفس تفاصيل رحلة السفر ، لعب على السلالم المتحركة، صعود شرفة المطار لاستقبالها وهي نازلة من الطائرة، انتظارها للخروج من الصالة....
استقبلنا أمي وكانت ترتدي الملابس البيضاء مثلها مثل كل النساء القادمات من الحج، وعلى وجهها كل النور من الرحلة الإيمانية، وعندما وصلنا البيت أعجبها جدا الألوان والعبارات والرسومات، وبدأت تنهال وفود المهنئين بالحج أياما حتى كان لا يخلو بيتنا من الزوار إلا وقت النوم.
أحضرت أمي الكثير من الهدايا للجميع ولكل من هنأها كان له سبحة وتمر ،أما هديتي فكانت أجمل شيء رأيته في حياتي وقتها عروسة تقول ماما وبابا وتفتح عينها وتغمضها.
كان اختراع العروسة مبهرا وكانت تنام في حضني وكنت أتباهى بها أمام أطفال العائلة والجيران.
عندي عروسة تقول ماما وبابا بعد سنين طوال كانت عروستي عبارة عن قماش محشو قطن وشعر خيوط صوف وكنت أخيطها أنا وأمي..
هل تتخيلون حجم السعادة؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق