الأربعاء، 27 فبراير 2013

خديجة بنت خويلد رضي الله عنها


الأولى والوحيدة
خديجة بنت خويلد



اشتهر محمد صلى الله عليه وسلم بين تجار مكة بالصدق والأمانة ولقَّبوه بالصادق الأمين, وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم, فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه...بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج متاجرا في مال لها إلى الشام وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام.


الراهب نسطورا
فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان يسمَّى نسطورا...فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال له من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي!!!

ملكين يظلانه
باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم عاد إلى مكة ومعه ميسرة, فكان ميسرة – إذا اشتد الحر وقت الظهيرة- يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره....
عاد الرسول صلى الله عليه وسلم وميسرة إلى مكة بعد رحلة موفقة وأرباح مضاعفة, وكان ميسرة مبهورا طوال رحلته معه لما رآه من صفات عظيمة وحسن خلق وطيب معاشرة, وذهب النبي صلى الله عليه وسلم لمقابلة خديجة فاستقبلته في دارها وأنصتت إليه بكل اهتمام وهو يحكي خبر رحلته.

أمنية خديجة
كانت خديجة بنت خويلد أرملة في الأربعين وكانت إمرأة حازمة شريفة لبيبة وهي من أشرف نساء قريش وأوسطهن نسباً،وأكثرهن مالا, وأعظمهن شرفاً، وقد رفضت الزواج من أثرياء قريش وتفرغت لتجارتها, ولكنها وجدت في محمد صلى الله عليه وسلم صفاتً كريمة وأخلاقا رفيعة لم تجدها فيمن تقدموا لخطبتها.....فتمنته زوجا لها.
مرسال الزواج
أرسلت خديجة إلى النبي صلى الله عليه وسلم صديقة لها لتسأله ما يمنعك من الزواج؟ فقال:ما بيدي ما أتزوج به.
فقالت: فإن كُفيت ذلك ودُعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاية ألا تجيب؟
قال: فمن هي؟
قالت: خديجة.
وافق صلى الله عليه وسلم على الفور...وذهبت الصديقة إلى خديجة فأخبرتها فأرسلت إليه صلى الله عليه وسلم أن يأتي, وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليُزوِّجها- وذكرت بعض المصادر أن أباها خويلد هو الي أنكحها ولكن المرجح أنه قضى نحبه قبل خطبة خديجة- ودخل محمد مع عمومته وتم الزواج.

لم يتزوج عليها حتى ماتت
وخطب أبو طالب خطبة النكاح وكان مما قاله في تلك الخطبة "أما بعد فإن محمدا ممن لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا، فإن كان في المال قل فإنما ظل زائل وعارية مسترجعة وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك" فقال عمرو بن أسد: هو الفحل الذي لا يقدع أنفه فأنكحها منه. وأمرت خديجة بشاة فذبحت وأعدت الطعام وأكلوا.
انتقل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزواج إلى بيت خديجة 

 وكانت أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها حتى ماتت...فكانت الأولى والوحيدة.
وأنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم- وبه يكنى- وعبد الله، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة, وكانت الوحيدة من زوجاته التي أنجبت له ذريته ثم السيدة مارية التي أنجبت إبراهيم ولكنه توفى...


بدء نزول الوحي
وعندما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم "إقرأ باسم ربك الذي خلق" وبُعث بالرسالة....كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله على الإطلاق- من النساء والرجال- وصدقت بما جاءه من الله وآزرته على أمره، وكانت أول من هونت عليه الصعاب وأول من ساندته ونصرت الإسلام بمالها.
وكانت السيدة خديجة امرأة عاقلة حكيمة كريمة من أهل الجنة، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب...
وعن أبي هريرة: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه خديجة أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب, فإذا هي أتتك فإقرأ عليها السلام من ربها ومني, وبشرها ببيت في الجنة من قصب, لا صخب فيه ولا نصب".
وأيضا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم فاطمة وخديجة وإمرأة فرعون آسية". 
وكان صلى الله عليه وسلم يفضلها – حتى بعد وفاتها- على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها حتى غِرن....وكانت عائشة تقول ما غرت على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد.


غيرة عائشة رضي الله عنها
وقَالت عائشة أيضا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة,لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها..... فذكرها يوما,فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن!! قالت: فرأيته غضب غضبا أسقطت في جلدي, وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء....
وفي الحديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى فأحسن الثناء فغرت يوماً فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها, قال: ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء". 
وكانت لخديجة منزلة خاصة في قلبه صلى الله عليه وسلم فهي الحبيبة العاقلة والزوجة المصونة والأم الحنونة, وحتى بعد وفاتها وزواجه من غيرها من النساء لم تستطع أي واحدة منهن أن تزحزح " خديجة " عن مكانتها في قلبه.


قلادة خديجة
فبعد أعوام من وفاتها وبعد نصر المسلمين في غزوة "بدر" بعثت ابنته "زينب" تفتدي زوجها الأسير"أبي العاص بن الربيع" بقلادة أمها وما أن رآها صلى الله عليه وسلم حتى رق قلبه ودمعت عيناه وقال "قلادة خديجة!!" وطلب من أصحابه أن يردوا على زينب قلادتها ويفكوا أسيرها ان شاءوا.
وتوفيت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة إلى المدينة بثلاث أعوام، وأنزلها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، ودفنها بالحجون "مقابر المعلاة بمكة المكرمة".....وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وتحملها بصبر وجأش, راضياً بقضاء الله ولقد حزن عليها حزنا كبيرا حتى خُـشى عليه ومكث فترة بعدها بلا زواج.....رحم الله أمنا خديجة وجزاها عن نصرتها للإسلام خير الجزاء....

عائشة رضي الله عنها


 حبي لك يا عائشة كعقدة الحبل


بقلم: سوسن سحاب                









                                                                    




قال صلى الله عليه وسلم لعائشة أُريتُـكِ في المنام ثلاث ليالٍ, جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير فيقول:هذه إمرأتك, فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي؟...فأقول: إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ". (سرقة: قطعة)
وسألته عائشة:يا رسول الله, كيف حبّك لي؟ فقال:"كعقد الحبل" مشيرا بيده الشريفة ومدللا على صعوبة فك عقدة الحبك....وكانت تمازحه أحيانا وتقول له: كيف العُقدةُ يا رسول الله؟ فيقول:"هي على حالها".
ومن عظم قدرها عنده وفضلها على النساء,قال عنها صلى الله عليه وسلم " وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وكان صلى الله عليه وسلم يعرف غضبها ورضاها...فكان يقول لها: "ياعائشة إني لأعلم إن كنتِ عني راضية وإذا كنتِ غضبى, فتقول له: من أين تعرف ذلك؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: "أما إذا كنتِ عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد, وإذا كنتِ عني غضبى تقولين لا ورب إبراهيم, فتبسمت وقالت: أجل يارسول الله ما أهجر إلا اسمك .
وكان صلى الله عليه وسلم مضرب الأمثال في المعاملة الحسنة لزوجاته وخاصة لعائشة فكان يلاطفها ويدللها ويقول لها من معسول القول ما تتمنى سماعه, وفي الحديث التي روته عائشة "أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا و الآخرة؟ قلت: بلى قال : فأنت زوجتي في الدنيا و الآخرة" .
ولم تكن هذه المعاملة الحسنة والحب الفياض فقط في بيته, ولكنه صلى الله عليه وسلم كان قدوة - حتى في التعبير عن حبه لزوجته- وعن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملني على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها.
ولذا كان الناس يتحرَُون بهداياهم يوم ‏عائشة،فاشتكت نساء النبي وأرسلن أم سلمة لتقول له أن  يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان فهن يردن الخير مثل عائشة, فقال:" ‏يا ‏أم سلمة، ‏لا تؤذيني في ‏عائشة، ‏فإنه والله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها".
وفي حادثة الإفك كان الأمر عظيما وشاقا على الزوج المحب أن يسمع ألسنة السوء تلوك سيرة زوجته الحبيبة, وكانت هي لا تعلم شيئا عن حديث الناس عنها!! لأنها ظلت مريضة نحو شهر لا تغادر فراشها...ولكنها لاحظت تغييراً في معاملته صلى الله عليه وسلم لها،فلا يلاطفها ولا يداعبها ولا يكلمها بل يوجه حديثه لأمها..فحزنت من جفائه واستأذنته أن تنتقل لبيت أمها لتمرضها,فأذن لها.
ثم بلغها حديث الناس عنها فظلت تبكي بكاءا حارا لهذا الظلم الواقع عليها...وشاع الخبر وانقسم الناس بين مصدق ومكذب,...ودخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها وهي في بيت أبيها ثم قال: "يا عائشة، إنه كان ما بلغك من قول الناس فاتقي الله، فإن كنت قد قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده".
فقالت لأبويها: ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقالا: والله ما ندري ما نجيبه، فقالت: والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني،ولكن سأقول كما قال أبو يوسف: "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".
ثم نزل الوحي فقال صلى الله عليه وسلم: أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك، فقال أبواها: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله، هو الذي أنزل براءتي.
ولم تكن عائشة رضي الله عنها الحبيبة المدللة والزوجة الأثيرة فقط ولكن كانت أيضا أعظم راوية للأحاديث فقد روت عنه أكثر من ألفي ومئتين حديث.
 وفي مرضه الذي مات فيه،كان يقول:أين أنا غداً؟ يريد يوم عائشة!! فأذنَّ له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة ودخل أخوها عبد الرحمن ومعه سواك، فنظر إليه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم،ففهمت أنه يريد السواك فأخذته ثم مضغته وأعطته للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم فاستن به وهو مسند إلى صدرها وخالط ريقه ريقها...وقبضه الله ورأسه بين سحرها ونحرها.


خالد بن زيد الأنصاري


إذهبوا بجثماني بعيدا

اسمه خالد بن زيد الأنصاري الخزرجي, خرج مع وفد المدينة لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة في بيعة العقبة الثانية.
قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الجمعة، وسار وسط جموع المسلمين وكل منهم يريد أن أن يتشرف ويتكرم به عنده، فيجيبهم باسما شاكرا:خلوا سبيلها (ناقته) فإنها مأمورة, حتى وصلت إلى دار بني مالك بن النجار فبركت، فلم ينزل صلى الله عليه وسلم ثم وثبت الناقة ثانية، فسارت قليلا ثم رجعت وبركت مكانها الأول، فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم، وتقدم أبو أيوب الأنصاري وحمل رحله صلى الله عليه وسلم فوضعه في بيته، فأقام صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب الأنصاري حتى بني له مسجده ومسكنه. ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم في السفل، وأبو أيوب في العلو، فأهريق ماء في الغرفة فقام أبو أيوب وأم أيوب بقطيفة لهم يتتبعون الماء شفقاً أن يخلص إليه صلى الله عليه وسلم، فوجدها أبو أيوب لعظيمة فنزل إليه وقال يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في العلو، وننزل نحن فنكون في السفل .
وشهد أبو أيوب المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم،وبعد وفاته لم يتخلف عن أي معركة إلا مرة واحدة تخلف عن جيش أعطى الخليفة إمارته لشاب من المسلمين لم يقتنع أبو أيوب بإمارته، ولكنه ندم ندما شديدا وقال: ما علي من استعمل عليَّ؟
وتجلى إيمانه هو وزوجته في حادثة الإفك، قالت أم أيوب لأبي أيوب: ألا تسمع ما يقول الناسُ في عائشة؟ قال:بلى، وذلك كذب، أفكنتِ يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت:لا والله, قال: فعائشة والله خير منكِ, فلمّا نزل القرآن وذكر أهل الإفك ذكر أيضا الموقف الجليل للزوجين المؤمنين "لولا إذْ سمعتُموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفكٌ مُبين".النور 12
وقد نال أبو أيوب من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم أجملها, فكان صلى الله عليه وسلم يطوفُ بين الصفا والمروة،فسقطت على لحيتِه ريشةٌ، فأخذها أبو أيوب،فقال صلى الله عليه وسلم نزع الله عنك ما تكره.....ولما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بصفية, فبات صلى الله عليه وسلم في قبة له، وبات أبو أيوب الأنصاري أمام القبة متوشحاً سيفه يحرسه,ولمَّا أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، فرآه فسأله:مالك يا أبا أيوب؟ قال: يا رسول الله، خفت عليك من هذه المرأة وقد قتلت أباها وزوجها وقومها، وكانت حديثة عهد بكفر،فخفتها عليك! فدعا له اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.
ولما وقع الخلاف بين معاوية وعلي.....وقف أبو أيوب مع علي لأنه رأى الحق معه في عدم تعجيل القصاص من قتلة عثمان بن عفان، ولما استشهد عليّ وقف أبو أيوب بنفسه الزاهدة الصامدة لا يرجو من الدنيا شيئا.
وخرج أبو أيوب لفتح لقسطنطينية عام 52 هـ، مع من خرج للقتال، فأصيب في  المعركة، وسأله قائد الجيش يزيد بن معاوية:ما حاجتك يا أبا أيوب؟ فأوصاه أن يحمل جثمانه فوق فرسه ويمضي به أطول مسافة ممكنة في أرض العدو وهنالك يدفنه، ثم يزحف بجيشه على طول هذا الطريق حتى يسمع وقع حوافر خيل المسلمين فوق قبره فيدرك آنئذ أنهم قد أدركوا ما يبتغون من نصر وفوز !
وفي قلب القسطنطينية في إسطنبول ثوي جثمانه رضي الله عنه عند سور المدينة وبُنيَ عليه، فلمّا أصبح المسلمون أشرف عليهم الروم، فقالوا:يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأنٌ؟ فقالوا:مات رجلٌ من أكابر أصحاب نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، ووالله لئن نُبِشَ لأضرب بِناقوسٍ في بلاد العرب, فأصبح قبره لأهل قسطنطينية وقبل أن يصل لهم الإسلام قبر قديس يتعاهدونه ويزورونه.

أيوب عليه السلام


صبر أيوب وصبر زوجته


بقلم: سوسن سحاب      
                        

اقترن اسمه بالصبر....واقترن الصبر باسمه....فإذا ذكرنا قصته قلنا "صبرأيوب", وإذا ذُكر الصبر قلنا " كصبرأيوب"....وصبر زوجته لا يقل عن صبره قيد أنملة.
وكان أيوب صاحب مال وعيال فعنده أموال وأراض كثيرة وكان له العديد من الأولاد, وابتلاه الله بزوال كل هذا عنه...فلم يبق له من المال والولد شيئا,حتى جسده... لم يبق من جسده مغرز إبرة سليما سوى قلبه, واستمر مرضه 18 عاما!! اعتزله فيها كل الناس ولم يبق له من الدنيا شيء يستعين به على مرضه وبلاؤه إلا زوجته التي حفظت وده لإيمانها بالله تعالى...فكانت تخدم الناس لكي توفر قُوتهما.

وروي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء...وقد أثنى الله تعالى على عبده أيوب في محكم كتابه "إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" والأوبة هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر, وسكت القرآن عن نوعية مرضه فلم يحدده....وقد نسجت الأساطير الكثير من الحكايات حول مرضه ولكن لم يذكر المفسرون أي شيء عن تساقط لحمه، ونستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مقززا كما تقول أساطير اليهود لتنافي ذلك مع جلال ووقار النبوة..
وكانت زوجته – ويقال اسمها رحمة- تخدم الناس بالأجر حتى تحضر الطعام لأيوب, وعندما علم الناس أنها زوجة أيوب امتنعوا عن استخدامها تشاؤما أن يصيبهم البلاء.. ولما يئست باعت إحدى ضفيرتيها لبعض بنات الأشراف واشترت الطعام وأتت أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً،وفي الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام وأتته فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى يعرف مصدره,فكشفت عن شعرها فلما رآه محلوقاً،دعا ربه "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"الأنبياء 83 و84 وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.
وقيل أن حلفه بضربها لأنها أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداويه إذا رضي أن يقول أنت شفيتني بعد علاجه فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.

وأبطأت عليه إمرأته وكان يريد أن يغتسل, فأوحى الله إليه أن "اركض برجلك" فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا!! فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو.

وكان له أندران أحدهما للقمح والآخر للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاضت,وقال تعالى"وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ*ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ*وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ*وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" ص 41 ـ 44.
فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود رفيع) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر بقسمه.
وجزى الله أيوب عليه السلام بأن آتاه أهله,فقيل أحياهم الله, وقيل:يجوز أن يكون المعنى أن الله أبقى له أهله فلم يصب فيهم بما يكره وزاده بنين وحفدة, وقيل آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم وجمع شمله بهم في الآخرة, وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها وولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا.

آخر الكلام:
لما ابتلى الله أيوب عليه السلام بذهاب الأهل والمال والولد ولم يبق شيء له أحسن الذكر ثم قال أحمدك رب الأرباب الذي أحسنت إلي..أعطيتني المال والولد فلم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخله ذلك, فأخذت ذلك كله مني وفرغت قلبي فليس يحول بيني وبينك شيء...لو يعلم عدوي إبليس بالذي صنعت حسدني.


أبو بكر الصديق


الصِّديق الصادق الصدوق المتصدق

بقلم: سوسن سحاب                             




  
هو التجسيد الحي لمعنى الصدق والصداقة والتصديق والتصدق........فهو أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدق به من الرجال, وهو أول من صدقه في رحلة المعراج لذا سمَّاه الصديق...وهو أول من تصدق بماله كله في سبيل الله....وهو الصديق الصدوق والصاحب حتى عندما نوى الرسول عليه الصلاة والسلام الهجرة للمدينة قال له الصحبة يارسول الله؟ فقال له: نعم وقال تعالى "إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا", وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة....وهو أبو عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وحبيبته...وهو أحب الرجال إليه, سأله عمرو بن العاص أي الناس أحب إليك؟ فقال: عائشة, فقال ومن الرجال؟ قال: أبوها....
هو عبد الله بن أبي قحافة القرشي...كُنى بأبي بكر لحبه للجمال ولتبكيره في كل شيء, ولقب بالصديق لتصديقه النبي صلى الله عليه وسلم.
عمل بالتجارة منذ صغره وازدادت تجارته حتى صار من أثرياء قريش وساداتها,اشتهر برجاحة عقله وكان أعرف قريش بالأنساب, نشأ في حَيّ النبي صلى الله عليه وسلم وكانا متقاربين في العمر والفكر فبدأت صداقتهما منذ الصغر.
أسلم على يديه الكثير منهم خمسة من المبشرين بالجنة وهم عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله, وكذلك افتدى بماله الكثير من العبيد الذين عذبتهم قريش ومنهم بلال بن رباح وعامر بن فهيرة وغيرهم.....
ومن فضائله أنه كان سباَّقا, قال عمر بن الخطاب: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالاً فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما. فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ فقال أبقيت لهم الله ورسوله! قال عمر: والله لا أسبقه إلى شيء أبدا.
 وكان صلى الله عليه وسلم ينيبه في أمور كثيرا, فقد جاءته امرأة فكلمته في شيء فأمرها بأمر، فقالت: أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر.
وهو أول الخلفاء الراشدين واستمرت خلافته حوالي سنتين وأربعة أشهر حارب فيها المرتدين عن الإسلام وجهز أحد عشر جيشا لقتالهم, وبدأ في عهده جمع القرآن الكريم بعد موت الكثير من القراء في حروب الردة, فُتحت في عهده بلاد الفرس وهزم المسلمون الروم ولكنه مات قبل أن يعلم بنصرهم.
مات أبو بكر رضي الله عنه في جمادي الأولى سنة 13 هجرية وما ترك درهما ولا دينارا...ولما احتضر قال لعائشة "أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين، فإذا مت فأردديه إلى عمر، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه أرسلت بهم إلى عمر الذي قال: رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك".
ونعاه عليٌ بن أبي طالب وقال "رحمك الله يا أبا بكر كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وموضع سره ومشاورته, وكنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأشدهم لله يقيناً وأخوفهم لله وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشبههم به هديا وسمتا, وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة فجزاك الله عن رسوله وعن الإسلام أفضل الجزاء... فإنا لله وإنا إليه راجعون رضينا بقضاءه وسلمنا له أمره والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبداً كنت للدين عزا وحرزا ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك".

البراء بن عازب


البراء بن عازب

ولد رضي الله عنه قبل الهجرة بعشر سنوات...وقال: استصغرني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أنا وابن عمر فرَدّنا فلم نشهدها، فمن هو هذا الصحابي؟؟؟
هو البراء بن عازب ابن الحارث ويكنى أبا عمارة الأنصاري الحارثي المدني, وكان فقيها كبيرا من أعيان الصحابة, روى الكثير من الأحاديث، وشهد غزوات كثيرة مع النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا بدر. وقال محمد بن عمر: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة ولم يجز قبلها.
ويروي البراء قصة هجرة الصحابة من مكة إلى المدينة "أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير, وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء, فما جاء حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور مثلها.
وصحب البراء النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أنصاره الأوفياء، كما شهد أكثر الغزوات ويقول: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني عشر غزوة.
وقال البراء لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فصافحني فقلت يا رسول الله إن كنت أحسب المصافحة إلا في العجم قال نحن أحق بالمصافحة منهم ما من مسلمين يلتقيان فيأخذ أحدهما بيد صاحبه بمودة ونصيحة، إلا ألقى الله ذنوبهما بينهما.
وعن البراء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول" فقلتُ أستذكرهن وبرسولك الذي أرسلت قال "لا وبنبيك الذي أرسلت".

وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم شارك البراء في فتوحات بلاد فارس وكان من قادة الفتوح وفتح "الري" سنة 24 هـ.
ومما رواه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وإفشاء السلام وإجابة الداعي وتشميت العاطس ونصر المظلوم وإبرار القسم ونهانا عن الشرب في الفضة فإنه من يشرب فيها في الدنيا لا يشرب فيها في الآخرة وعن التختم بالذهب وركوب المياثر ولباس القسي والحرير والديباج والإستبرق.
توفي رضي الله عنه بالكوفة سنة 72 هــ في إمارة مصعب بن الزبير.
                                              المياثر: مراكب تتخذ من الحرير والديباج. وسميت (مياثر) لوثارتها ولينها
                                              القَسى: بفتح القاف وكسر السين، ثياب خز، تنسب إلى (القس) قرية في مصر.

الحسن بن عليّ


الحسن بن علي "الســـــــبط"

هو سبط النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأوّل ولد للإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة رضي الله عنهما، ولد في نصف شهر رمضان في السنة الثالثة من الهجرة.
سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم "الحسن" بأمر من رب العالمين ولم يكن أحد من قبله يحمل هذا الاسم، وأذن في إذنه اليمنى وأقام في اليسرى وحنّكه (دعك فمه بتمره).
 كان أشبه الناس بجده رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد كان وجهه أبيض مشرب بالحمرة، وعن عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لقي الحسن بن علي فضمه إليه وقال "بأبي شبيه بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس شبيه بعلي" وعلي يضحك.
أمضى السّبط مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يناهز سبع أو ثمان سنوات من حياته وكان الجد يحبه حبا جما, وقال صلى الله عليه وسلم "من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني".
وبعد مقتل الإمام عليّ بايع الناس ابنه الأكبر الحسن أميرا للمؤمنين, ومكث في الحكم ستة أشهر ثم وجد الحسن نفسه سيبدأ الخلافة بحرب مع معاوية فآثر السلام وحقْن دماء المسلمين فعقد صلحا مع معاوية وتنازل له عن الخلافة, على أن ترجع الخلافة بعد معاوية إلى المسلمين يختارون من يشاءون.
وافق معاوية على شروط الحسن وكان أهمها: العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, أن لا يقضي بشيء دون مشورته..وكذلك أن لا يُشتم علياً وهو يسمع، وألا يذكره إلا بخير, وأن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق مما كان في أيام أبيه,  وأن لا يناله بالإساءة.
ووقف الحسن ليخطب فيهم فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "أيها الناس, إن الله هداكم بأوَّلنا وحقن دماءكم بآخرنا, وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه ومعاوية إما أن يكون أحق به مني فقد تركته له, وإما أن أكون أحق به منه فقد تركته لله عز وجل ولخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دماءها".
ثم ذهب إلى المدينة يقضي وقته في العبادة وإلقاء الدروس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم, وكان الناس يأتون للحسن والحسين يشكون ظلم ولاة معاوية.
أحس معاوية أن مكانة الحسن والحسين زادت بشدة في قلوب الناس, فكان يحاول أن يبعد الناس عنهما بالترهيب أو الترغيب.
ومرض الحسن مرض الموت فقد دسوا له السُّم في طعامه وألح الحسين على أخيه ليعرف من سقاه السم ولكن الحسن قال: "إني أكِل أمرهم إلى الله".
وكانت وصية الحسن الأخيرة إلى أخيه الحسين: "إذا مت فأدفني مع النبي صلى الله عليه وسلم فإني قد طلبت ذلك من عائشة وأجابتني....وإذا عارضك بنو أمية فلا تراجعهم وادفني في البقيع".
وبالفعل فقد رفض معاوية وأمر مروان بن الحكم والي المدينة أن يمنع الحسين من دفن أخيه بجوار جدهما صلى الله عليه وسلم.....ودُفِن الحسن رضي الله عنه بالبقيع.
توفى الحسن في 7 صفر سنة 50 هـ, تاركا عشرين من الأبناء من تسعة زيجات, ومن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن والحسين: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة بعد عيسى ويحيى", وقال أيضا "الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا".

سعيد بن جبيــــر



اللهم لا تسلطه على قتل أحد بعدي

سعيد بن جبير الأسدي.....تابعي حبشي الأصل, كان عالما تقيا, درس العلم عن عبد الله بن عباس حبر الأمة وعن عبد الله بن عمر وعن السيدة عائشة أم المؤمنين في المدينة المنورة.
 ولد بالكوفة ونشر العلم فيها وأصبح إماما ومعلما لأهلها ووهب حياته للإسلام، ولم يَخْشْ إلا الله، وكان يفقه الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد كان إمامًا عظيمًا من أئمة الفقه في عصر الدولة الأموية، حتى شهد له عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بالامتياز في الفقه والعلم وكان إذا أتاه أهل مكة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء (وكان يقصد سعيد بن جبير).
وقد وُلِدَ سعيد بن جبير في زمن خلافة الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة, وقد نشأ محبًّا للعلم ناهلا منه مقبلاً عليه, فقرأ القرآن على ابن عباس وأخذ عنه الفقه والتفسير والحديث, كما روى الحديث عن أكثر من عشرة من الصحابة...وقد بلغ رتبة في العلم لم يبلغها أحد من أقرانه, وقال خصيف بن عبد الرحمن عن أصحاب ابن عباس: كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير.
وكان مناهضًا للحجاج بن يوسف الثقفي بسبب خروجه مع عبد الرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية,فأمر الحجاج بالقبض عليه!!فلما مثل بين يديه دار بينهما هذا الحوار:
الحجاج: ما اسمك؟ سعيد: سعيد بن جبير, الحجاج: بل أنت شقي بن كسير, سعيد: بل أمي كانت أعلم باسمي, الحجاج: شقيتَ أنت وشقيتْ أمك, سعيد: الغيب يعلمه غيرك, الحجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى,سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا. الحجاج: فما قولك في محمد؟ سعيد: نبي الرحمة وإمام الهدى,
الحجاج: فما قولك في على بن أبي طالب؟ أهو في الجنة أم في النار؟ سعيد: لو دخلتها فرأيت أهلها لعرفت, الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟ سعيد: لست عليهم بوكيل, الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟ سعيد: أرضاهم لخالقي, الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟ سعيد: علم ذلك عنده.
الحجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي. سعيد: إني لم أحب أن أكذبك, الحجاج: فما بالك لم تضحك؟ سعيد: لم تستوِ القلوب وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار.
الحجاج: ويلك يا سعيد, سعيد:الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار, الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج, فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة. الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟ سعيد: إن كان العفو فمن الله, وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر. الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه...
فلما خرجوا ليقتلوه بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف, فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ الرجل: لما أصابك. سعيد: فلا تبك, كان في علم الله أن يكون هذا...ثم تلا" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" الحديد 22 , ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج فأمر بردِّه, فسأله الحجاج: ما أضحكك؟ سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك.
الحجاج:اقتلوه. سعيد:"وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين" الأنعام79. الحجاج: وجهوه لغير القبلة. سعيد:"فأينما تولوا فثم وجه الله" البقرة 115. الحجاج: كُبّوه على وجهه.سعيد:"منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى" طه 55. الحجاج: اذبحوه. سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله, خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة, ثم دعا سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله من بعدي.
وفعلا مات الحجاج دون أن يقتل أحد من بعد سعيد بن جبير. وبعد مقتل سعيد بن جبير اغتم الحجاج غما كبيرا وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير...ما لي وسعيد بن جبير...كلما أردت النوم أخذ برجلي. 

سلمان الفارسي


سلمــــــان الفــارسي
الباحث عن الحقيـقــــــــــــــــــة


حكى بطلنا رحلة بحثه عن حقيقة الإيمان والتوحيد وعن الصعاب التي لقيها في رحلته, حتى وجد ضالته...
وقال: كنت رجلا فارسيا من أصبهان...وكان أبي دهقان(حاكم) قريته وكنت أحب خلق الله إليه, ومن حبه إياي حبسني في بيته كالجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت موقد النار...لا أتركها تخبو ساعة.
وكانت لأبي ضيعة عظيمة فقال لي: يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها, فإطلعها ولا تحتبس عني(لا تتأخر) فإنك إن احتبست كنت أهم من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري.
قال فخرجت, فمررت بكنيسة من كنائس النصارى...فسمعت أصواتهم وهم يصلون- وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته- فدخلت عليهم فأعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت: هذا والله خير من ديني فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها, وقلت لهم أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. فرجعت لأبي وقد شغلته عن عمله كله, فلما جئته قال أي بني أين كنت؟ أولم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ فحكيت له ما حدث فقال: أي بني ليس في ذلك الدين خير...دينك ودين آبائك خير منه, فقلت له كلا والله إنه لخير من ديننا..فحبسني وجعل في رجلي قيدا.
فبعثت إلى النصارى إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني إن أرادوا الرجعة إلى بلادهم, فجاءني الخبر فألقيت الحديد من رجلي وذهبت معهم للشام, فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين علما؟ قالوا: أسقف الكنيسة.
 فجئته وقلت لقد رغبت في هذا الدين فأحببت أخدمك في كنيستك فأتعلم منك وأصلي معك، قال ادخل. وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوها له اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورِق(فضة).فأبغضته بغضا شديدا ثم مات فجاءوا ليدفنوه فأخبرتهم عنه, فقالوا وما علمك بذلك؟ فأريتهم القلال المملوءة ذهبا وورقا, فقالوا: والله لا ندفنه أبدا...فصلبوه ورجموه بالحجارة, وجاءوا برجل آخر مكانه فما رأيت أفضل منه, وأزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة.
 فأحببته حبا لم أحبه قبله مثله. وأقمت معه زمانا ثم حضرته الوفاة فقلت لمن توصي بي؟ قال أي بني والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه فقد هلك الناس وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل فالحق به.
فلما مات لحقت بصاحب الموصل، وقبل موته أوصاني برجل بنصيبين...ثم أوصاني برجل بعمورية بأرض الروم, ولحقت بصاحب عمورية فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم.
واكتسبت...حتى كانت لي بقرات وغنيمة,ثم نزل به أمر الله فقلت لمن توصي به؟ قال أي بني والله ما أصبح اليوم أحد آمرك أن تأتيه, ولكنه قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب, مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى...يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
 وبعد موته...مر تجار فأعطيتهم بقراتي وغنيمتي كي يحملوني لأرض العرب, حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني وباعوني لرجل يهودي عبدا, فكنت عنده ورأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصفه صاحبي, ثم باعني لابن عمه من بني قريظة وأخذني للمدينة فوالله ما أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها.
وبُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر..لانشغالي بالرق, ثم هاجر إلى المدينة...وكنت على نخل وسيدي تحتي, إذ أقبل ابن عمه فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج) والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
فلما سمعتها أخذتني العرواء (الرعدة من البرد والانتفاض) وكدت أسقط على سيدي, فنزلت عن النخلة وسألت ابن عمه ذلك ماذا تقول؟ فغضب سيدي ولكمني لكمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك.
وجمعت شيء لي فأخذته وذهبت للنبي صلى الله عليه وسلم بقباء, فدخلت وقلت له لقد بلغني أنك رجل صالح وأصحابك غرباء وهذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به...فقربته إليه فقال لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل. فقلت في نفسي هذه واحدة.
وانصرفت فجمعت شيئا فجئته وقلت إني رأيتك لا تأكل الصدقة فهذه هدية أكرمتك بها. فأكل منها هو وأصحابه. فقلت هاتان اثنتان.
ثم جئته وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر لظهره لأرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي، فلما رآني عرف نيتي وألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي, وقصصت عليه حديثي فأعجبه صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه. ثم شغلني الرق حتى فاتني بدر وأحد.
وقال صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخل أحييها له بالفقير وأربعين أوقية. فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني, فأوفيتهم حقهم وعُتقت وشهدت معه صلى الله عليه وسلم الخندق حرا, ثم لم يفتني معه مشهد.
وفي غزوة الخندق كان المسلمون في موقف عصيب, فتقدم سلمان الفارسي  من الرسول صلى الله عليه وسلم واقترح أن يحفر خندقا حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمون في حفر هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته.
توفي بالمدائن في عهد عثمان بن عفان, وقد تولى دفنه والصلاة عليه وتجهيزه علي بن أبي طالب.



بلال بن رباح


غدا نلقى الأحبة...محمدا وحِزبه

اشتهر في التاريخ بأنه أول من أذَّنَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان من السابقين الأولين الذين دخلوا الإسلام والذين عُذّبوا في الله...وشهد بدرًا وأُحُدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان خازنه على بيت ماله، ويقول عن نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان له شىء، كنت أنا الذي ألي له ذلك منذ بعثه الله عز وجل حتى توفي، وكان إذا أتاه الرجل المسلم فرءاه عاريًا يأمرني أنطلق فأستقرض وأشتري البردة فأكسوه وأطعمه.
هو أبو عبد الله, بلال بن رباح الحبشي مولى أبي بكر الصديق, ومؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.....وأحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر إسلامه وهم:رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وبلال وصُهَيْب وعمار بن ياسر وأمه سُمَيَّة وخَبَّاب.
وأما النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقد حماهمها قومهما، ولكن الباقون أُخذوا وأُلبسوا الحديد ووضعوا في الشمس، فكان بلال رضي الله عنه أجلدهم، وكان أُمية بن خلف يُخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بصخرة عظيمة فتوضع على صدره ويقول له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى. فيقول وهو في ذلك البلاء:َحَد أحَد.
ووضع أُمية حبلا في عنقه وجعل الصبية يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد.
ومر أبو بكر رضي الله عنه ببلال وهو يُعَذَّب، فقيل له: اشترِ أخاك بلالا, فاشتراه بأربعين أوقية ثم أعتقه لله, فقالوا لأبي بكر: لو أبَيْتَ أن تشتريه إلا بأوقية لبعناكه، فقال رضي الله عنه: لو أبيتم إلا مائة أوقية لاشتريته. وكان عمر بن الخطاب يقول أبوبكر سيدنا وأعتق سيدنا.
وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث على بلال وقال "اشتاقت الجنة إلى ثلاثة: علي وعمار وبلال". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بلال سابق الحبشة" وأيضا "نِعْمَ المرءُ بلال سيد المؤذنين يوم  القيامة".
وعن أبي هريرة قال رسول الله لبلال عند صلاة الصبح "حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدي في الجنة" قال ما عملت عملا أرجى من أني لم أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي.
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"السبّاق أربعة أنا سابق العرب وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبشة وصهيب سابق الروم".
وجاء في طبقات ابن سعد أن بني أبي البُكير جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، زَوّج أختنا فلانًا، فقال لهم:"أين أنتم عن بلال؟", ثم جاءوا مرة أخرى فقالوا: يا رسول الله، زَوّج أختنا فلانًا، فقال:"أين أنتم عن بلال, أين أنتم عن رجل من أهل الجنة؟"، فزوجوها بلالا رضي الله عنه.
وكان بلال رضي الله عنه أول من أذَّنَ يوم الفتح...فلما دخل صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا، أمر بلالا أن يؤذن على ظهر الكعبة فأذَّنَ على ظهرها.
 ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يستطع بلال أن يبقى في المدينة ويؤذن بها وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعزم بلال رضي الله عنه على الرحيل لبلاد الشام، فجاء إلى الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يستأذنه في الخروج إلى الشام فلم يأذن له بذلك، فقال له بلال: أأعتقتني لله أو لنفسك قال: لله، فقال: فأذن لي حتى أغزو في سبيل الله، فأذن له، فخرج إلى الشام ومكث بها إلى وفاته.
وعندما كان في الشام رأى في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال, أما آن لك أن تزورني  فانتبه من نومه حزينًا, فركب راحلته وقصد المدينة.
ما أن وصل المدينة حتى أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه, فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما فجعل يضمهما ويقبلهما, فقالا له: نشتهي أن نسمع أذانك.
علا بلال السطح ووقف فلما أن قال: "الله أكبر الله أكبر" ارتجت المدينة....فلما أن قال: "أشهد أن لا إله إلا الله" ازدادت رَجَّتها, فلما قال: "أشهد أن محمدًا رسول الله" خرج الناس يبكون فما رؤي يوم أشد بكاءً بالمدينة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم.
وكانت وفاته رضي الله عنه في بلاد الشام سنة عشرين للهجرة ودفن بباب كيسان, وقيل دفن بباب الصغير بدمشق.
ولما حضرته الوفاة قال بلال "غدًا نلقى الأحبة, محمدًا وحِزْبَه" فتقول زوجته: واويلاه، فيقول: وافرحاه.