الأربعاء، 27 فبراير 2013

سعيد بن جبيــــر



اللهم لا تسلطه على قتل أحد بعدي

سعيد بن جبير الأسدي.....تابعي حبشي الأصل, كان عالما تقيا, درس العلم عن عبد الله بن عباس حبر الأمة وعن عبد الله بن عمر وعن السيدة عائشة أم المؤمنين في المدينة المنورة.
 ولد بالكوفة ونشر العلم فيها وأصبح إماما ومعلما لأهلها ووهب حياته للإسلام، ولم يَخْشْ إلا الله، وكان يفقه الناس في أمور دينهم ودنياهم، فقد كان إمامًا عظيمًا من أئمة الفقه في عصر الدولة الأموية، حتى شهد له عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بالامتياز في الفقه والعلم وكان إذا أتاه أهل مكة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء (وكان يقصد سعيد بن جبير).
وقد وُلِدَ سعيد بن جبير في زمن خلافة الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة, وقد نشأ محبًّا للعلم ناهلا منه مقبلاً عليه, فقرأ القرآن على ابن عباس وأخذ عنه الفقه والتفسير والحديث, كما روى الحديث عن أكثر من عشرة من الصحابة...وقد بلغ رتبة في العلم لم يبلغها أحد من أقرانه, وقال خصيف بن عبد الرحمن عن أصحاب ابن عباس: كان أعلمهم بالقرآن مجاهد وأعلمهم بالحج عطاء وأعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب وأجمعهم لهذه العلوم سعيد بن جبير.
وكان مناهضًا للحجاج بن يوسف الثقفي بسبب خروجه مع عبد الرحمن بن الأشعث في ثورته على بني أمية,فأمر الحجاج بالقبض عليه!!فلما مثل بين يديه دار بينهما هذا الحوار:
الحجاج: ما اسمك؟ سعيد: سعيد بن جبير, الحجاج: بل أنت شقي بن كسير, سعيد: بل أمي كانت أعلم باسمي, الحجاج: شقيتَ أنت وشقيتْ أمك, سعيد: الغيب يعلمه غيرك, الحجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى,سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا. الحجاج: فما قولك في محمد؟ سعيد: نبي الرحمة وإمام الهدى,
الحجاج: فما قولك في على بن أبي طالب؟ أهو في الجنة أم في النار؟ سعيد: لو دخلتها فرأيت أهلها لعرفت, الحجاج: فما قولك في الخلفاء؟ سعيد: لست عليهم بوكيل, الحجاج: فأيهم أعجب إليك؟ سعيد: أرضاهم لخالقي, الحجاج: فأيهم أرضى للخالق؟ سعيد: علم ذلك عنده.
الحجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي. سعيد: إني لم أحب أن أكذبك, الحجاج: فما بالك لم تضحك؟ سعيد: لم تستوِ القلوب وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار.
الحجاج: ويلك يا سعيد, سعيد:الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار, الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج, فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة. الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟ سعيد: إن كان العفو فمن الله, وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر. الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه...
فلما خرجوا ليقتلوه بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف, فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ الرجل: لما أصابك. سعيد: فلا تبك, كان في علم الله أن يكون هذا...ثم تلا" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها" الحديد 22 , ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج فأمر بردِّه, فسأله الحجاج: ما أضحكك؟ سعيد: عجبت من جرأتك على الله وحلمه عنك.
الحجاج:اقتلوه. سعيد:"وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين" الأنعام79. الحجاج: وجهوه لغير القبلة. سعيد:"فأينما تولوا فثم وجه الله" البقرة 115. الحجاج: كُبّوه على وجهه.سعيد:"منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى" طه 55. الحجاج: اذبحوه. سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله, خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة, ثم دعا سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله من بعدي.
وفعلا مات الحجاج دون أن يقتل أحد من بعد سعيد بن جبير. وبعد مقتل سعيد بن جبير اغتم الحجاج غما كبيرا وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير...ما لي وسعيد بن جبير...كلما أردت النوم أخذ برجلي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق