أم حبيبة
رملة بنت أبي سفيان
هي رملة بنت أبي سفيان بن حرب...كانت من المسلمين الأوائل, تزوجت
عبيــد الله بن جحش وهاجرت معه إلى الحبشة وأنجبت منه ابنتهما حبيبة, ثم ارتد عبيد
الله عن الإسلام إلى المسيحية وهم في الحبشة, ومات نصرانيا.
وفي شهر ربيع سنة سبع من الهجرة, كتب
رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام, وكتب إليه أن
يزوجه "أم حبيبة" رملة بنت أبي سفيان.
وقد ثبتَتْ أم حبيبة رضي الله عنها على الإسلام في اختبارين, هما
كُفْرِ أبيها وتنصُّر زوجها, وكافأها الله على ثباتها بما أعده لها من خير في
الدنيا والآخرة.
تقول أم حبيبة رضي الله عنها أنها رأت
في منامها من يقول: يا أمَّ المؤمنين. فقالت: ففزِعْت, فأوَّلتها أن الرسول صلى
الله عليه وسلم يتزوجني.
قالت: فما هو إلاَّ أن انقضت عِدَّتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على
بابي يستأذن، فإذا بجارية له يقال لها: أبرهة دخلَتْ علَيَّ، فقالت: إن المَلِكَ
يقول لكِ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب
إلَيَّ أن أُزَوِّجَكه. فقالت: بشَّركِ الله بخير. وقالت: يقول لك الملك وكِّلي
مَنْ يُزَوِّجك.
فأرسلتْ خالدَ بن سعيد بن العاص،
فوكَّلَتْه وأعطتْ أبرهة سواريْن من فضة وخلحالين كانتا في رجليها، وخواتيم فضة
سرورًا بما بشَّرتها، فلمَّا كان العشيّ أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومَنْ
هناك مِن المسلمين فحضروا.
فخطب النجاشي فقال: الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن
العزيز الجبار، أشهد أنْ لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي
بشَّر به عيسى بن مريم؛ أمَّا بعد: فإن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كتب إلَيَّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان, فأجبتُ إلى ما
دعا إليه وقد أصدقْتُها أربعمائة دينار...ثم سكب الدنانير بين يدي القوم, وأولم لها وليمة فاخرة وجهزها وأرسلها إلى
المدينة مع شرحبيل بن حسنة.
تزوجت
الرسول صلى الله عليه وسلم سنة 7 هـ وكان عمرها يومئذٍ 36 سنة. وعندما سمع أبو سفيان بزواج ابنته
من النبي صلى الله عليه وسلم, فرح بمصاهرته وقال: هو الفحل, لا يجدع أنفه!!
وذكر في شأنها القرآن
"عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم
منهم مودة" سورة الممتحنة، آية 7- لأن وقتها كان العداء مستحكما بين
أبيها أبي سفيان بن حرب وبين النبي صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه الآية.
وبالرغم من معاناتها من هذه العداوة, إلا أنه في
سنة 8 هـ وقبل فتح مكة قدم أبو سفيان المدينة ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم
طالبًا في أن يزيد في هدنة الحديبية, ولما دخل على
ابنته أم حبيبة في حجرتها أسرعت وطوت بساطًا لديها مانعةً والدها من الجلوس عليه
كونه فراش النبي صلى الله عليه وسلم, وقالت لوالدها: "هو فراش رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأنت امرؤ نجس مشرك".
روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وستين حديثاً.
وكان لها دورا بارزا وبصمات واضحة في
محاولة ردأ الفتنة لمساعدة الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه - ابن خالها- عندما
حوصر من قبل الثوار ولكنهم منعوها وحالوا دون ذلك.
توفيت بالمدينة المنورة سنة 44 هـ, عند خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان ودفنت بالبقيع.
وقال الواقدي: حدثني
أبو بكر بن أبي سبرة, عن عبد المجيد بن سهيل,عن عوف بن الحارث: سمعت عائشة رضي
الله عنها تقول: "دعتني أم حبيبة رضي الله عنها عند موتها, فقالت: قد كان يكون
بيننا ما يكون بين الضرائر, فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك, فقلت: غفر الله لك
ذلك كله وحللك من ذلك, فقالت: سررتني سَرَّك الله, وأرسلت إلى أم سلمة فقالت
لها مثل ذلك"...رضي الله عن أمهاتنا أمهات المسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق