الثلاثاء، 19 فبراير 2013

وصايا وخطايا في تربية الأبناء



وصـــــــايا وخطـــــايا في تربية الأبناء

بقلم: سوسن سحاب



"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم"


نصائح للوالدين....

أصلح نفسك ينصلح أبناءك
راعَى الإسلام حقوق الطفل, ليس من سنواته الأولى ولا يوم ولادته......ولكن قبل ذلك بكثير, فحث الرجل على اختيار المرأة الخلوقة التي ستصبح زوجة  ثم أما صالحة, وعن عائشة رضي الله عنها "تخيروا لنطفكم, فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" حديث صحيح.
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزوجة باختيار زوجها على نفس المعيار الإصلاحي, وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
وراعى الإسلام كذلك الاهتمام بالمرأة الحامل وجنينها وتحريم إجهاضه, وجواز أن تفطر المرأة في رمضان خوفا على جنينها.....
وبعد ولادته جعل من حقوقه الاستبشار بقدومه والتأذين في أذنيه واستحباب تحنيكه (دعك فمه بتمرة) وحلق شعر رأسه والتصدق بوزنه ثم اختيار اسم حسن له.
وفي الحديث"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم" رواه أبو الدرداء بإسناد حسن.
ثم العقيقة في اليوم السابع..
وأهم حقوقه هو حقه في الرضاعة والحضانة والنفقة والتعليم والتربية الإسلامية الصحيحة...وهذه التربية لن تنشيء طفلا صالحا فقط ولكنها ستنشيء جيلا...بل مجتمعا صالحا بأكمله.

الوصايا

طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
من الوصايا الهامة في تربية الأبناء هي غرس حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في النشء منذ الصغر, وقال تعالى"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" آل عمران 31.
 ولا يتم إيمان المرء إلا بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا يتم حبه صلى الله عليه وسلم إلا باتباع أوامره والابتعاد عن نواهيه.

وأفضل شيء أن الأب يجمع أسرته للصلاة في الأوقات المتواجد فيها في المنزل, وإذا لم يتواجد تقوم الأم بهذا الدور....وتعطي فرصة للأبناء أو البنات  للإمامة في الصلاة ، حتى نعطيهم ثقة في أنفسهم ويتعودوا على القيادة...

حُسن الإنفاق
حث النبي صلى الله عليه وسلم الرجال على الإنفاق على أهليهم وحبب إليهم هذا العمل "أفضل دينار ينفقه الرجل, دينار ينفقُه على عياله" صحيح مسلم, وكذلك "خيركم خيركم لأَهله وأنا خيركم لأَهلي, ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم", أما إعالة البنات أو الأخوات فأجرها عظيم,وعن عائشة رضي الله عنها "ليس أحد مِن أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيُحسن إليهن إلا كن له سترا مِن النار" حديث حسن.
ويأثم من لا ينفق على أبناءه, وقال صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت"حديث صحيح.

القدوة الصالحة
ومن الوصايا أيضا ضرورة وجود قدوة حسنة....ففي مرحلة الطفولة المبكرة, يبدأ الطفل في تقليد من حوله وخاصة الوالدين,فيبدأ الطفل في تلقي مكارم الأخلاق والعبادات تلقائيا....فالذي يصلي ويصوم ويتصدق ويَصدُق سيقلده أبناءه..وهنا يجني الوالدان ثمار غرسهما الحسن بدون أي عناء....فقط أصلح نفسك ينصلح أبناءك.


الرحمة على الأبناء
رحمة الأباء بأبناءهم من أهم الوصايا في التربية...ليس من أجل الأبناء فقط, ولكن أيضا من أجل الآباء أنفسهم. فما يغرسه الأب من رحمة في نفوس صغاره سيجني آثاره عندما يكبر, وقال تعالى"ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون" الأعراف 156
وفي صحيح أبي دواد
"أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل حسينا فقال إن لي عشرة من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لا يرحم لا يرحم".

الاستقرار الأسري
الشعور بالأمان والدفء والاستقرار الأسري من الوصايا الهامة في تربية الأبناء وبناء شخصية سوية, فالطفل المستقر أسريا ونفسيا يكون متزنا ومنتجا, ويفقد الطفل الشعور بالأمان في منزل يكثر فيه الشجار , فيصبح منطويا لأنه لا يستطيع إنهاء النزاع بين والديه, وكذلك يصبح مترددا وحائرا لأيهما ينحاز...

"أنا أحبك"
أهم وصية تعطي الطفل ثقة كبيرة في نفسه هي أن يسمع هذه الكلمتين من ذويه....والكثير لا يقول لأبناءه أنه يحبهم, يجوز لعدم اعتياده على قولها أو لعدم شعوره بأهميتها,أو يقول لنفسه أنا أحبهم وهم يعلمون فلماذا أقولها؟؟
ولكن أثرها الكبير يتضح في تعويد الطفل للتعبير عن نفسه...وخاصة بألفاظ إيجابية تأسر من حوله, وقد شجع النبي صلى الله عليه وسلم الناس على التعبير عن مشاعرهم, وفي صحيح أبي داود عن أنس بن مالك "أن رجلا كان عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فمر به رجل، فقال: يا رسول الله! إني لأحب هذا, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعلمتَه؟ قال: لا! قال: أعلِمه قال: فلحقه، فقال: إني أُحبك في الله، فقال أَحبك الذي أحببتني له".
ويجب أن نعبر عن حبنا لأطفالنا بكلمة أنا أحبك وأنت أجمل هدية من ربي....لأن ربك اختصك بهدية هناك من يتمناها....

الاحترام
من الوصايا الهامة والتي تؤثر في المجتمع ككل, وتعليم الطفل كلمات بسيطة مثل لو سمحت من فضلك شكرا, واحترام الكبير والمعلم وآداب الاستئذان...





 

الخطايا
 أما الأخطاء التي نفعلها كأباء وأمهات فإنها تصل لدرجة الخطايا, وتسبب لهم عاهة نفسية تترك أثرا عميقا في  نفوس الأطفال...
فكثير من الآباء والأمهات يتمنون أن يكون أبناءهم الأفضل, وفي سبيل ذلك فإنهم يحطمون معنوياتهم  ويدمرون نفسياتهم بسبِّهم بألفاظ تسبب لهم الإحباط وتدفعهم للخلف لا للأمام.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السباب في أكثر من حديث ومنها "سباب المسلم فسوق", وأثبتت بعض الدراسات أن الطفل حين يصل إلى سن المراهقة يكون قد استمع الى حوالي خمسة عشر ألف كلمة سيئة من والديه.

الشتم
وأول الخطايا وأهمها هي شتم الطفل بأوصاف الحيوانات مثل: كلب,حمار, حيوان, ثور, تيس وغيرها,وقال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم" الإسراء7, وأيضا "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" التين 4, فكيف لمن كرمه الله وخلقه في أحسن تقويم أن تسبه بهذه الألفاظ....والشتم يعود الطفل على سماع الكلمة البذيئة وعدم استهجانها اذا سمعها من أي أحد، حتى يتعود لسانه على البذاءة.

التهديد
والخطيئة الثانية هي تهديد الطفل بتهديدات واهية غير حقيقية, ولكنها تحدث له رعبا مثل: أذبحك بسكين, أكسر يدك أو رأسك، سأضعك في غرفة الفئران, وغيرها....وهذا أيضا يفقده الثقة في أهله.....وبعض حالات التبول عند الأطفال الكبار تحدث أثناء نومهم وهم في حالة رعب شديد.

الفضيحة
خطيئة يفعلها بعض الأهل أحيانا بسبب الضحك والمزاح, ولكنها تسبب شرخا في نفسية الطفل وعدم ثقته بأهله تماما, وإفشاء أسرار الآخرين.
كأن تكون الأم في جلسة عائلية وتحكي خطأ فعله الطفل أمام الآخرين فيسخرون منه.

الإهانة
التقليل والإهانة باستخدام ألفاظ مثل" كذاب, سمين, قبيح, أحول, لص" سيتسبب في إنعدام ثقته بنفسه وانطواءه وعدم تقبله للآخرين أو محاولة النيل منهم بالبحث عن عيوب الآخرين.

الاستخفاف والمقارنة
الاستخفاف بقدرات الطفل ومقارنته بغيره, مثل أنت مهمل وفلان نشيط وهذا يجعله يكره المقارن به, ويكسبه عقدة النقص, ولا بد أن نعرف أن هناك فروق فردية بين الأطفال وكل منهم له مميزاته وقدراته ومواهبه....

الحب المشروط
من الخطايا الهامة الحب المشروط, إذا فعلت كذا سأحبك, لو ذاكرت لو نجحت لو كذا سأحبك...هذا الحب المشروط سيعلم الطفل الأنانية وأن لكل شيء ثمن.
ولكن دائما تقول لطفلك أنا أحبك لأنك أجمل شيء في حياتي، لأنك هدية من ربنا...إلخ.


صد الطفل
عدم الاستماع أيضا من الخطايا الهامة, مثل صد الطفل عن الكلام وإسكاته ومنعه من التعبير عن رأيه, وهذا يصيبه بالإحباط والإنطواء والبعد عن الناس.

العنف الأسري وضرب الطفل
العنف الأسري هو جاهلية العصر الحديث, ولا أعلم كيف يستطيع أي إنسان أن يضرب أطفاله ضربا مبرحا بلا رحمة لأي سبب كان....وبعضهم للآسف يضرب ضربا يفضى للموت وهناك حالات كثيرة سنتناولها بالتفصيل فيما بعد...
مثلا إذا أخطأ الطفل خطأ كبيرا ثم جاء ليحكي لوالديه، فيجب أن يشجعوه على قول الصدق وعدم ضربه مهما كانت فداحة الخطأ...إذا ضربته مره، فقد صنعت كاذبا صغيرا، سيخطيء ويخطيء ولن يخبركم شيئا....وستتفاجأ بعد ذلك على مصائب يفعلها وأنتم لا تعلمون. 


والضرب يـُعـوِّد الطفل على البلادة وتقبل الإهانة من الآخرين وعدم ممانعته في أي إيذاء, لأنه اعتاد الضرب والإهانة.وكما نقولها بالمصري ( جلده تخن..أو جسمه نحـَّس).


 النهاية....
وفي النهاية يجب أن ننتقي ألفاظنا خاصة مع أقرب الناس إلينا, وخاصة إن الطفل مثل الورقة البيضاء...كل ما نكتبه عليها الآن سنقرأها لاحقا....ونتذكر أن قرآننا العظيم حثنا في كثير من الآيات على قول الكلمة الطيبة "قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى" البقرة 263 , "وقولوا للناس حسنا" البقرة 83, "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" الإسراء 53, وقال سبحانه "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " فاطر 10.

سوسن سحاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق