الأربعاء، 27 فبراير 2013

الراكب المهاجر


الراكب المهــــــــــــاجر

كان مثل أبيه شديد العداوة للإسلام وقاتل المسلمين يوم بدر مع أبيه الذي قتل, وخرج يوم أحد ليثأر لقتل أبيه....وظل على عداءه الشديد للإسلام والمسلمين حتى فتح مكة....فمن هو؟؟
هو عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة, واسم أبيه عمرو وكنيته أبو الحكم, ولكن كنَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي جهل فالتصق به ونُسي اسمه وكنيته.
وفي السنة الثامنة من الهجرة عندما ذهب المسلمون إلى فتح مكة, وقرِّر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم العفو عن جميع أهل مكة من المشركين إلا حوالي عشرة رجال...كان أحدهم عكرمة بن أبي جهل, وأمر بقتلهم حتى وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة!!!
فهرب عكرمة إلى اليمن...فركب البحر فأصابتهم عاصفة شديدة, فقال أصحاب السفينة للركاب أخلصوا, فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا هاهنا, فقال عكرمة: "لئن أنجاني الله من هذا لأرجعنَّ إلى محمد ولأضعنَّ يدي في يده".
وأسلمت زوجته أم حكيم - وهي بنت عمه الحارث بن هشام- واستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمِّنه. وسارت الزوجة المحبة الحريصة على نجاة زوجها من النار إليه وهو باليمن, بأمان رسول الله  صلى الله عليه وسلم....فأتي معها وأعلن إسلامه أمام النبي صلى الله  عليه وسلم وحسن إسلامه.
وحينما قدم عكرمة ليعلن إسلامه قام النبي صلى الله عليه وسلم  إليه مستقبلاً له...فرحًا بقدومه, وقال له: "مرحبًا بالراكب المهاجر" فأزال ما على قلبه من ركام الجاهلية, واستشعر محبة النبي صلى الله عليه وسلم وفرحته بنجاته من النار.
ومنذ إسلامه  حاول رضي الله عنه أن يعوض ما فاته من نصرة الدين, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "يا رسول الله، والله لا أترك مقامًا قمتُهُ لأصد به عن سبيل الله إلا قمت مثله في سبيله, ولا أترك نفقة أنفقتها لأصد بها عن سبيل الله إلا أنفقت مثلها في سبيل الله".
روى العديد من الأحاديث منها, ما رواه الإمام أحمد قال: عن عكرمة رضي الله عنه أنه قال: "لما نزلت هذه الآية: "إنا فتحنا لك فتحا مبينا* ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" الفتح 1، 2, قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هنيئًا مريئًا لك يا رسول الله، فما لنا؟ فنزلت هذه الآية:"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم" الفتح 5.
وكان رضي الله عنه قائدًا في الجاهلية, وظل قائدا بعدما أسلم وتجلت ملامح بطولته وسماته القيادية في حروب الردة, فقد استعمله الخليفة أبو بكر رضي الله عنه على جيش وسيَّره إلى أهل عُمان الذين ارتدُّوا فظهر عليهم. ثم وجّهه أبو بكر رضي الله عنه أيضًا إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الرِّدة سار إلى الشام مجاهدا أيام أبي بكر رضي الله عنه مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على بُعد ميلين من المدينة، خرج أبو بكر رضي الله عنه يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة، فانتهى إليه فإذا بخباء عكرمة، فسلم عليه أبو بكر رضي الله عنه وجزاه خيرا, وعرض عليه المعونة، فقال: "لا حاجة لي فيها، معي ألفا دينار". فدعا له بخير، فسار إلى الشام واستشهد رضي الله عنه.  معنى خباء: بيت من صوف أو شعر
وكان رضي الله عنه محبا فياضا للقرآن الكريم وكان يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويقول: "كلام ربي كلام ربي".
وروى حبيب بن أبي ثابت أن الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة رضي الله عنهم جرحوا يوم اليرموك, فدعا الحارث بن هشام بماء ليشربه, فنظر إليه عكرمة, فقال الحارث: ادفعوه إلى عكرمة, فلما أخذه عكرمة نظر إليه عياش فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش. فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعًا وما ذاقوه رضي الله عنهم, ووجد به رضي الله عنه ما يزيد عن سبعين طعنة وضربة ورمية.....رحم الله شهداء اليرموك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق