الخميس، 31 يوليو 2014

كريستيان بيكر




قصة إسلام المذيعة الألمانية 

كريستيان بيكر من MTV إلى مكة
 زهرة من الشهرة إلى الفطرة

خلال عملها في   MTV

كريستين في مكة



حاورتها: سوسن سحاب 

عدت إلى الفطرة التي فطرني الله عليها
لا يوجد دين كرَّم المرأة كما كرَّمَها الإسلام
رحلة إلى باكستان وضعتها على الطريق الصحيح

في تسعينات القرن الماضي- وهي في أوج مجدها كأشهر مذيعة في أوربا- كانت مفاجأة ارتباطها بالخطوبة بلاعب الكريكيت الباكستاني الأشهر عمران خان....وذهابها معه إلى باكستان في رحلته الخيرية لبناء مستشفى للسرطان ودعمها بالكامل من ماله الخاص, وكان لهذه الرحلة تأثير بالغ عليها، فقد أعجبت كثيراً بكبرياء الناس وشعورهم بالرضا رغم فقرهم المدقع وصراعهم للحصول على قوتهم اليومي، وشعورهم هذا ينبع من إيمانهم بأن الله معهم...وهذه المعنى لم تسمع عنه من قبل في الغرب...

وعرفت كريستيان الإسلام من خلال عمران خان وقرأت ترجمة لتفسير القرآن،ثم كان خبر إعلان إسلامها واختارت لنفسها اسم "زهرة"....
وبدأت الحياة تتغير من  حولها- في نظر الناس للأسوأ ولكن من رؤيتها الإيمانية الروحانية الجديدة كان التغيير للأحسن- فقد أنهت قناة MTV تعاقدها مع المذيعة الأشهر في المحطة لا لشيء إلا  لإسلامها!! ثم اختفت كل العروض التي كانت تقدم من قنوات تلفزيونية عديدة والتي كان أصحابها يتمنون أن تعمل معهم!!!! وفجأة وجدت نفسها بلا عمل وكأنهم يعاقبونهاعلى إسلامها!!
وفي عام 2006 ذهبت كريستيان لأداء فريضة الحج بمكة المكرمة...وكان لتلك الزيارة تأثيرا عظيما في مجريات حياتها, فقد أصبحت هي الفعل وليس رد الفعل!!! فبعد أن كانت تعاملاتها مجرد ردود أفعال فيما يخص إسلامها أصبحت تلعب دور الفاعل فتدافع عن الدين وتصحح المفاهيم المغلوطة عنه.
وبعد عودتها من الحج فُتِحت لها كل الأبواب المغلقة وجاءها الكثير من العروض بما فيها عرضا لكتابة قصة إسلامها...فكتبت كتابها الأول "من MTV إلى مكة", وكان هذا الكتاب بمثابة حجر ألقي في مياه راكدة فحركها،فقد حاولت كريستيان تقديم صورة واقعية للإسلام دون مزايدة أو مجاملة وقد حقق الكتاب نجاحا منقطع النظير، حيث حلت كريستيان ضيفة على معظم القنوات الأوروبية تناقش كتابها، وعُقدت لها عشرات الندوات ووجد المجتمع الغربي حائط صد للأكاذيب المنتشرة حول الإسلام.
وتعكف الآن على دراسة اللغة العربية حتى تحقق حلمها بأن تكون أول إمرأة تترجم تفسير القرآن الكريم إلى الألمانية.
وزارت كريستيان العديد من الدول العربية لتتعرف على العالم الإسلامي والمسلمين عن قرب.

كيف كان رد فعل أهلك وأصدقائك؟ وكيف تقبلوا الخبر؟
لم تكن أسرتي سعيدة بإسلامي,ولم يتفهموا الخطوة في بادئ الأمر واستنكروها كما عتبوا علي لتدميري المستقبل المهني الذي كان ينتظرني، ولكنهم غيروا رأيهم بعدما وجدوا أن الإسلام غيرني للأفضل, وأصبحت أكثر حفاظا على العائلة بعدما كنت قبل إسلامي مرتبطة أكثر بأصدقائي, فأصبح أهلي يحترمون قراري والتزامي وصلابتي التي لازمتني طوال السنين التي مضت,وقالوا أني أصبحت أكثر روحانية واستقرار...أما أصدقائي فهم يحترمونني ويحترمون قراراتي قبل وبعد إسلامي.

كيف تقارنين بين كريستيان قبل وبعد الإسلام؟
قبل إسلامي كنت المذيعة الأولى في قناة "إم تي في" كما كنت من الإعلاميات الأكثر شهرة في أوروبا وكنت مذيعة لأهم العروض والبرامج, وقمت باجراء العديد من اللقاءات مع أشهر النجوم وكان يتم استقبالي دائما على السجاد الأحمر ووقفت أمام حوالي 70 ألف متفرج في إحدى الحفلات, ورغم ذلك كنت دوما أحس بالفراغ الروحي وهناك شيئا ينقصني, كما كنت أعاني من أزمة قوية في حياتي، فقد حصلت على كل ما يمكن للمرء أن يحلم به، من لقاء كبار النجوم إلى حضور أفخم الحفلات وارتداء أجمل الأزياء...لكنني لم أكن سعيدة، فقد كانت التعاسة تملأ قلبي والشعور بالفراغ يرافقني دوماً...أما بعد الإسلام فقد امتلأ هذا الفراغ ووجدت السلام النفسي الذي كنت أبحث عنه بمعنى أصح وجدت نفسي كما خلقها الله على الفطرة.

هل خسرت بعض الامتيازات التي كنت تتمتعين بها من أجل الإسلام؟
بدأت الحرب الشعواء بمجرد تصريحي أني مسلمة وتعرضت للتجريح الشخصي والإهانات ثم تم إيقاف برنامجي الشهير الذي ذاع صيته في أوروبا بأسرها مع أول ظهور لي كمسلمة وأبلغتني إدارة قناة Bravo للشباب بعدم تجديد عقدها، بعد أن بذلت القناة كل جهدها لإقناعي بالإنضمام إليها. وبعد أسابيع تم تسريحي من قناة MTV التي كنت أول ألمانية تعمل فيها لتنتهي رحلة النجاح والشهرة....ولكني لم أستسلم و قررت الثبات أمام الهجوم الشرس،والذي بدأه الإعلام الألماني الذي لم يدخر وسعاً في الهجوم عليَّّ ـــ ولا يزال- لم يغفر لي اعتناقي دين التوحيد. وكانت البداية بخبر نشرته صحيفة "فيلت أم زونتاج" الألمانية في 1995 تحت عنوان "اليوم تؤدي كريستيان خمس صلوات في اليوم"، وشنت الصحيفة هجوماً عنيفاً وتهكمت عليَّ, ولكن إيماني ساعدني على تخطي الأوقات الصعبة ولم أشعر أبدا بالندم على ضياع النجومية والأضواء والمال.

كنت ضمن نشطاء بريطانيون مسلمون أطلقوا حملة" مستوحاة من النبي محمد" لتصحيح الصورة السلبية عن الإسلام في بريطانيا..فهل حققت الحملة أهدافها؟
نعم, وقد أطلقتها مؤسسة "استكشاف الإسلام" وقمنا بوضع الملصقات في وسائل المواصلات كلها, من أجل التصدي للحملة العنصرية المتصاعدة ضد الإسلام في الغرب وحاولنا تقديم صورة إيجابية عن الشخص المسلم وإبراز ما يجهله الغرب عن الإسلام, وكذلك قمت تقديم برامج حوار الأديان في محاولة لتقريب بين الإسلام وأوروبا.

قتلت المصرية مروة الشربيني في ألمانيا بـ18 طعنة حتى الموت بسبب العنصرية ضد الحجاب, فلماذا تجاهل الإعلام الألماني هذه الحادثة تماما؟؟
حزنت جدا لهذا الحادث المؤسف...واستغربت لعدم الإشارة إليه من قريب أو بعيد في الإعلام الألماني, حتى أني علمت الخبر من الإعلام العربي, وبعد أن تركزت أضواء العالم على الحادث بدأ الإعلام الألماني يتابع المحاكمة بانتظام حتى لا يوصف بتجاهل الخبر أو التعصب ضد الإسلام.

برأيك ما الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلام العربي لخدمة الإسلام إيجابيا؟
 يجب على المسلمين أن يقوموا بالتعريف أكثر بالإسلام وبشكل منظم، فهناك فراغ ثقافي شاسع يعاني منه المسلمون في الغرب، فعليهم أن يقوموا هم بالمبادرة بالحوار مع الغرب وأن يبينوا الصورة الحقيقة للإسلام، خاصة أن الاعلام الغربي في يد الأطراف غير المسلمة وهذا يجب النظر إليه باهتمام شديد، ولا يوجد في الغرب من يخاطبهم بلغتهم عن الاسلام وعن التسامح والتراحم الاسلامي الحقيقي الذي نادى به الرسول عليه الصلاة والسلام بعيدا عن ما يروج له الإعلام الغربي المتعصب.

طبعت كتابك "من MTV  إلى مكة" باللغة الألمانية فقط ولكن فاجأني الشهرة والاهتمام الذي لاقاهما الكتاب, فهل توقعت هذا النجاح؟
أجابت بالعربي "الحمد لله" ,الحقيقة أنني تلقيت ردود أفعال إيجابية للغاية وتناولت كل وسائل الاعلام الكتاب والمقابلات التي أجريت معي وكانت كلها محايدة واحترمت وجهة نظري في اعتناق الإسلام, ولحسن الحظ كانت تعليقات القراء ايجابية والشيء الوحيد الذي أربكني هو تعليقات بعض المتطرفين التي جاءت في منتدياتهم, فقد تعرضت للهجوم والتشكيك في معتقداتي.. أما أكثر ما أعطاني القوة والدفعة المعنوية فهو ردود الأفعال الإيجابية جدا في العالم العربي مما شجعتني كثيرا للتفاعل أكثر مع الحياة والثقافة العربية.

ما الذي دفعك لتأليف هذا الكتاب؟
 هناك الكثير من الأفكار الخاطئة عن الإسلام في الغرب, وهذا السبب من أهم الاسباب التي حفزتني لتأليف كتاب أخاطب فيه المجتمع الأوروبي بطريقة يفهمونها, وحاولت رفع الظلم والتشويه الذي ألحقه الأوروبيون والمتطرفون بالإسلام, وفي الكتاب نقد للأحكام المسبقة التي ورثتها من بيئتي...مثل دعوة المسلمين إلى الجهاد تعني قتل غير المسلم، في حين أنّ فرض الجهاد يقتضي مجاهدة النفس لمعرفة الطريق إلى الله وصحيح الدين, وكنت أسمع عن إهانة الإسلام للمرأة!!! ولكني وجدت أنه لا يوجد دين كرم المرأة كما كرمها الإسلام.

هل هناك نية لترجمة الكتاب إلى لغات أخرى؟
لقد ترجم إلى العربية والتركية وأقوم الآن بترجمته إلى الإنجليزية,وقريبا سأحضر حفل توقيع النسخة العربية في مصر إن شاء الله.

هل واجهتي يوما موقف الدفاع عن الإسلام؟
نعم..كثيرا...فالعنف الذي تمارسه بعض الجماعات الاسلامية يعطي صورة سلبية عن الإسلام في الغرب, بالرغم من تحريم الإسلام للعنف مثله مثل الديانات الأخرى, والقرآن الكريم يحذر من قتل النفس بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا وهذا في حد ذاته ينفي أي تهمة لوصف الإسلام بالارهاب، وللأسف تفتقد المجتمعات الغربية وجود دعاة للتعريف بسماحة الدين الإسلامي والذي هو في الأصل رسالة سلام،وكان هذا أحد الأسباب التي دفعتني بقوة إلى نشر كتابي وبعد نجاحه أشعر أن دوري كداعية تزايد للتخفيف من ظاهرة الإسلام فوبيا التي تجتاح أوروبا

هل تعتقدين أن اختلاف الثقافات أثر على صورة الإسلام لدى الغرب؟وهل هناك سبل لتقارب هذه الثقافات؟
كل المسلمين في الغرب هم بمثابة رسل للإسلام في هذه الدول ويجب أن يكونوا منفتحين ولا ينغلقوا على أنفسهم إطلاقا، بل عليهم التقرب إلى الآخرين ولا ينتظروا أن يأتي الآخرين إليهم، والإسلام يحث على التعليم والتفوق لذا يجب الاهتمام بالتعليم والثقافة واللغات لأنها ستسهل الإنخراط في المجتمع،فهناك الكثير من المسلمين المتوفقين في الغرب مثل العلماء زويل والباز واللاعب زيدان وغيرهم...فالتفوق يجعل مهمتك سهلة وإيجابية للآخرين، ويجب أن يقتحم المسلم كل المجالات كالإعلام والتأليف والموضة ولا يقف على هامش الحياة.

برأيك ما الدور الذي ينبغي أن يلعبه الإعلام العربي لخدمة الإسلام إيجابيا؟
أود أن أنبه إلى نقطة هامة وهي أنهم في الغرب يحتاجون إلى برامج بلغات أجنبية وأهم لغة هي الإنجليزية لأنها لغة عالمية، وهناك برامج في قناة الجزيرة بالانجليزية ولكنها غير كافية...وأتساءل لماذا لا تبث قنوات مثل العربية و mbc ودبي 1 برامج بالإنجليزية موجههة للغرب, والموضوع ليس صعبا فالأموال متوفرة والخبرات كذلك...والعالم العربي سيكسب نقاطا لصالحه ثقافيا واقتصاديا فضلا عن خدمة الإسلام.

أطلقتي مجموعة سواروفسكي الإسلامية للفنان نورجان في جاليري ميكا الإسلامي في لندن, فهل لاقت هذه المجموعة الفنية الإسلامية القبول لدى الغرب وهل تأثرتي بالثقافة الإسلامية؟
لقد لاقى المعرض نجاحا باهرا وحقق مبيعاتً خيالية وقد أحب الناس الفن الإسلامي بشدة, وعن نفسي فإن الفنون الاسلامية تستهويني بشكل كبير وأقتني بعض الأعمال الفنية والآيات القرآنية المزخرفة, وقد إنبهرت بالعمارة الإسلامية ووقفت مذهولة أمام روعة قصر الحمراء في غرناطة، ومسجد القبة الزرقاء في تركيا، وبساطة مسجد ابن طولون في مصر وعراقة خان الخليلي وروعة المسجد الأموي في سوريا,وأيضا البوابات والقلاع في فاس والقاهرة وحلب وغيرها..وأحب الشعر الصوفي للبوصيري والغزالي وكذلك الموسيقى الصوفية فهذا النوع من الموسيقى والغناء يجعلني أبكي.

كيف تصفين شعورك لحظة رؤيتك للكعبة المشرفة؟
شعور لا يوصف!!!فقد وجدت روحي تنجذب إليها وقلبي يتعلق بها ولا تستطيع النظر إلى شيء آخر سواها....هذا التعلق والإنجذاب يجعلك تشعر أن الأرواح هي التي تطوف وليست الأبدان...والشعور الإنساني الرائع أنك تجد كل الناس سواسية في الشكل والملبس, فترى الغني والفقير والرئيس والمرءوس والأبيض والأسود والعربي والعجمي وكل هؤلاء تحت راية واحدة هي راية لا إله إلا الله..

ما أقرب الدول الإسلامية إلى قلبك؟
أحببت كل الدول العربية التي زرتها فكل دولة لها سحرها وخصوصيتها ولكن الأقرب إلى قلبي هي مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق