الخميس، 23 فبراير 2012

كشف حساب ماذا فعلت لربك ولدينك طوال العام



كشف حساب
ماذا فعلت لربك ودينك طوال العام

كل يوم جديد على عملك شهيد
إنما خف الحساب على أقوام كانوا يحاسبون أنفسهم في الدنيا
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم
سبحانك ما عبدناك حق عبادتك
حاسب نفسك فى الرخاء قبل حساب الشدة
توشك السنتين الهجرية والميلادية على الرحيل...ويوشك أن يمضي معهما عام من عمرنا...فهلا وقفنا مع أنفسنا وحاسبناها؟؟؟؟ ماذا فعلتِ من أبكيت ومن أسعدت؟؟؟ كم لك من الحسنات وكم عليك من السيئات؟؟؟؟
توشك أن تمضي أياما...ستشهد علينا أو تشهد لنا يوم القيامة, فما من يوم يولد فجره إلا وينادي أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فتزود منى فإنى لا أعود إلى يوم القيامة .
لذا يجب على المسلم محاسبة نفسه ومراجعتها ليعرف ما له وما عليه, ويسأل نفسه هل كان أقرب لعبادة الله وطاعته؟؟ هل شكر الله تعالى أن هداه للإسلام وأعانه على طاعته وحسن عبادته؟؟؟ هل أيقظ نفسه اللوامة حين قصَّر؟؟ هل عقد النية والعزم على التوبة وتعويض ما مضى؟؟؟ هل وضع خطة مستقبلية ليتدارك ما فاته ويتجنب الوقوع في المعاصي ويزيد من أعمال الصالحات ليبدل سيئاته حسنات؟؟ كما قال تعالى "إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيما" الفرقان70.
والعجيب أنك أحيانا تجد من بلغ من العمر عتيا لا يستطيع الإقلاع عن المعاصي متمسكا بحجج واهية, ولو قبض الله روحه على معصيته سيجادل ربه!!!كما قال تعالى "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا" المؤمنون99, وقال النبي صلى الله عليه وسلمأعذر الله إلى إمرئ آخرَّ أجله حتى بلغه ستين عاماً "أي أنه لن يجد عذرا عند ربه يتعلل به لترك عبادته طوال هذا العمر المديد.وفي الحديث القدسي أحب ثلاثا وحبى لثلاث أشد.. أحب الغني الكريم وحبي للفقير الكريم أشد وأحب الفقير المتواضع وحبي للغني المتواضع أشد وأحب الشيخ الطائع وحبي للشاب الطائـع أشـد, وأبغض ثلاثاً وبغضي لثلاث أشد...أبغض الغني المتكبر وبغضي للفقير المتكبر أشد وأبغض الفقير البخيل وبغضي للغني البخيل أشد، أبغض الشاب العاصي وبغضي للشيخ العاصي أشد."
وينبغي أن ندخر حسنات في بنك الآخرة...ولا نستنفذها كلها في الدنيا ونقف يوم القيامة بين يدي الله صفر اليدين "ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون" الأحقاف20
وعلينا أن نحاسِب أنفسنا قبل أن نحاسَب ونتُب إلى الله قبل أن يقفل باب التوبة ولا نستطيع أن نتب, وفي الحديث "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" فماذا لو استيقظت يوما ورأيت الشمس طلعت من مغربها وأنت لم تتب بعد؟؟؟
اللهم إقبل توبتنا وإنابتنا وإجعلنا ممن ثقلت موازينهم يوم القيامة.... ولا تجعلنا مثل "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" الكهف104.
ونسأل الله أن يخفف عنا الحساب وييسر لنا السؤال ونكون من الناجحين الفائزين... ويجعلنا مثل الذين قال عنهم "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّـٰتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلا* خَـٰلِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِولا" الكهف 107 , 108َ.
وفي السطور القادمة سنتعرف من بعض العلماء على كيفية محاسبة النفس.

يؤكد أ.د. عبد الفتاح إدريس- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون  جامعة الأزهر بالقاهرة والخبير الفقهي بالمجامع الفقهية في العالم الإسلامي- أنه يجب علي المرء أن يحاسب نفسه كل لحظة وكل يوم, وذلك باستعراض ما عمله وما صدر منه من أقوال أو أفعال علي مدار يومه, كم منها يحسب في حسناته وكم منها يحسب من سيئاته, ويجتهد كل يوم أن يزيد من جانب حسناته بحيث تطغي علي ما يرتكبه من سيئات, إنه إن فعل ذلك أقلع عن السلوك غير السوي, والتزم بآداب الإسلام ولم يُرَ إلا علي طاعة الله تعالي, واجتهد في مضاعفة حسناته وابتعد بنفسه عن موارد الهلكة وارتكاب المعاصي, وهذه المحاسبة امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم".

د. حسين شحاته
 أما أ.د. حسين شحاتة - أستاذ المحـاسبة والمراجعة بكليـة التجارة جامعـة الأزهر وخبير استشاري فى المحاسبة والمراجعة والزكاة في دول العالم الإسلامي- فيعتبر محاسبة  النفس من موجبات التربية الروحية لتقويمها لتلتزم بالصراط المستقيم...صراط المؤمنين المتقين، ولقد أشار الله إلى ذلك فى كتابه الكريم فقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" الحشر 18, كما أمر الله عباده المؤمنين بضرورة خشيته وتقويم ما قدموه من الأعمال قبل الوقوف بين يديه فقال تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" التوبة 94، وفي الحديث "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى"
ويضيف شحاته أن للمسلم وقفة مع الله يوم القيامة ليحاسبه عن البيعة التى فى عنقه عندما دخل الإسلام ونطق بالشهادتين، ثم عاهد الله على الالتزام بفرائض الإسلام وأركان الإيمان...ولقد إلتزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذه التربية الروحية للنفس والمحاسبة أمام الله فكانوا أشد الناس محاسبة لأنفسهم والنموذج المتميز لذلك هو عمر بن الخطاب القوى فى الحق الذى قال "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".

ويرى الشيخ سالم الدوبي -الواعظ بدائرة الشئون الإسلامية والأوقاف بالشارقة- أن محاسبة النفس هي أن ينظر العبد في أعماله وأحواله وأقواله ليومه أو شهره أو سنته أو عمره فما وجد من حسنة حمد الله عليها وما وجد من سيئة أحدث لها ندماً، ومحاسبة النفس سمة المؤمن...و يقول الحسن البصري "المؤمن قوام على نفسه يحاسبها وإنما خف الحساب على أقوام لأنهم كانوا يحاسبون أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب على أقوام لأنهم لم يأخذوا هذا الأمر بالجد ولم يكونوا يحاسبون أنفسهم".
والمحاسبة لها مجالات كثيرة ومنها :محاسبة النفس على أداء الفرائض والمحافظة على النوافل والتخلق بجميل الاخلاق، والبعد عن المحرمات وترك تضييع الاوقات، والنظر في نعمة المال اكتسابا وانفاقا، كما تشمل المحاسبة الندم على ما ارتكبنا من أخطاء واستدراك ما فات والتخطيط للمستقبل، ومتى ما كانت المحاسبة شاملة لهذه المجالات كانت المحاسبة مثمرة.

ويؤكد علاء الشورى – خبير اقتصاد إسلامي- أن المؤمن الحق يشعر بالتقصير تجاه الله ودائما ما يحاسب نفسه ويعاتبها على تقصيرها في حق الله, وعندما نزلت آية "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" بكى المسلمون الأوائل على عتاب الله لهم ولم يمر على ظهور الإسلام سوى أربع سنوات!!!!
ويضيف أن محاسبة النفس هى عبادة ودعاء إلى الله وتربية روحية للمؤمن, وعندما يحاسب الإنسان نفسه فورياً ويومياً وأسبوعياً وشهرياً وسنوياً فإنه يعرف توفيقه فى الصالحات فيكثر منها, وكذلك يقف على تقصيره فيعاقب نفسه ويندم ويتوب ويستغفر ويجدد العهد مع الله على عدم العودة للذنوب ثانية ويُكثر من الأعمال الصالحات تكفيراً للسيئات...
ويقول الشورى "إن لله تعالى ملائكة في السماء الدنيا خشوعا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان ذي الملك والملكوت، فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ولله تعالى ملائكة في السماء الثانية ركوعا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان ذي العزة والجبروت، فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، ولله تعالى ملائكة في السماء الثالثة سجودا منذ خلقت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة يقولون‏:‏ سبحان الحي الذي لا يموت فإذا كان يوم القيامة يقولون‏:‏ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك" فإذا كانت الملائكة تقول ذلك فماذا نقول نحن؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق