الأربعاء، 22 فبراير 2012

وسطية الإسلام

"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً"

الوسطية




بقلم : سوسن سحاب                                















- الوسطية هي الفضيلة بين رزيلتين
- الدين السمح وسطا بين الإفراط والتفريط
- "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط"
- الوسطية ليست هروبا من تكاليف الشرع

خير الأمور الوسط
الوسطية هي الإعتدال في كل شئ وأحسن الأشياء أوسطها, ويقال في اللغة "فلان من أوسط قومه" أي من أعدلهم وأخيرهم, وعندما يُخير الإنسان في أمر ما يختار أوسطه ويقول"خير الأمور أوسطها".


أمَّة وسطا
 وقد وصف الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصفة "أمة الوسط" وهي صفة مَنَّ بها الله تعالى علينا.
وفي تفسير قوله تعالى: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عليكُمْ شَهِيداً" أنه كما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم.

بين الإفراط والتفريط
وهذه الأمة جعلها الله شهيدة على الناس وهي أمة وسط بين مَن أفرط ومَن فرَّط, أي بين الإفراط والتفريط... بين من تشدد ومن تسيب...فهي أمة قائمة معتدلة مقتصدة.


الرفق هو الوسطية
والتوسط هو المذهب الذي إتخذه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم مِن أئمة الإسلام، ومن يتمعن في نصوص الشريعة من قرآن وسنَّة يعرِف أن الوسط هو المحمود في مسائل الإيمان والعبادات والأخلاق, وقوله صلي الله عليه و سلم "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" يدل على الوسطية وأخذ الأمور بالرفق.


التوسط في العبادة
وقد اعترض صلي الله عليه وسلم على الثلاثة الذين اعتزلوا النساء وقاموا الليل كله وصاموا النهار وقال "لكنني أتزوج النساء, وأقوم وأنام, وأصوم وأفطر، فمن رغب عن سنتي فليس مني" وقال النبي صلي الله عليه وسلم "إن الدين متين فأوغل فيه برفق"، ونهى عن التشدد في الصلاة وقال "ليصل أحدكم طاقته فإذا فتر فليرقد".


الفضيلة بين رزيلتين
والوسطية هي الحسنة بين سيئتين وهي الفضيلة بين رزيلتين, فنجد أن الوسطية فضيلة.....فإذا زادت عن حدها أصبحت رزيلة وهي الأفراط, وإذا قلت عن حدها فهي رزيلة أيضا وهي التفريط.


الفضيلة وسطية
وإذا أخذنا أمثلة أخرى فالكرم فضيلة بين رزيلتين هما البخل والإسراف, والشجاعة فضيلة بين الجبن والتهور, والثقة بالنفس فضيلة بين ضعف الشخصية والغرور, والتربية فضيلة فإذا زادت أصبحت كبتا, وإذا قلت صارت تسيبا.....


والحب أيضا فضيلة
حتى الحب فإنه فضيلة..فإذا زاد صار تعصبا وتطرفا, وإذا قل أصبح كُرْها.....
وهكذا سنجد أن كل فضيلة في حياتنا هي حالة من الوسطية لا يجب أن نزيد أو ننقص عنها لأن الله تعالى أراد لهذه الأمة الوسط أن تكون بالفعل وسطا في كل شيء فلا إفراط ولا تفريط.


المغالاة في التدين
ونجد في واقعنا من يغال في التدين لدرجة تحريم الضحك والبهجة والتزين المباح, وأخذ كل شئ بالشدة حتى يحيل حياة من حوله إلى كآبة.


البعد عن التدين
ونرى أيضا النقيض المتمثل في إذابة كل حاجز بين المشروع والممنوع، والحلال والحرام فأصبحت الحياة بالنسبة لهم فقط لهواً ولعبا.... 


بين المغالاة والمجافاة
وجاء الدين الحنيف وسطا بين هذه المغالاة وتلك المجافاة ونبهتنا كثير من الآيات إلى التوسط في السلوك والآداب والإنفاق وغيرها.

-التوسط في المشي بين التباطؤ والهرولة "واقصد في مشيك". 
-والتوسط في الحديث بين خفض الصوت وارتفاعه "واغضض من صوتك".
-والتوسط في الإنفاق بين الإسراف والتقتير"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما".
-التوسط  وعدم الإسراف في الطعام  "كلوا واشربوا ولا تسرفوا".
-والتوسط والإعتدال بين حب الدنيا والعمل للآخرة  "وابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا"،
وكذلك "ربنا آتتا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة".


الوسطية في الفتاوي
وفي مجال الإفتاء والدعوة إلى الله ينبغي أن يبتعد الدعاة عن غلو الغالين، وتفريط المفرطين, وأن يتبعوا منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في التخفيف والتيسير على التشديد و التعسير لقول الله تعالى "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر". 
ولقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن آثما".


الأزهر منارة الوسطية
ونحن في مجال الحديث عن الوسطية لا ننسى دور الأزهر الشريف منارة الوسطية في العالم الإسلامي لأكثر من ألف سنة.
والذي ساهم علماؤه في نشر المباديء السمحة للإسلام, بعيدا عن المغالاة والتعصب الأعمى الذي جعل من لا يعرف الإسلام ينسب 
كل ما يحدث من المتشددين إلى الإسلام....فأتهم الدين ولم يتهم الرجال.


الكلمة الأخيرة:
اتخاذ مبدأ الوسطية لا يعني أبدا الهروب من تكاليف الشرع، إنما هو  المَخَرج من التكلف فالوسطية هي أن تكون ضد الجمود والتقليد والتعصب،  بنفس القدر الذي تكون فيه ضد الانفراط والتسيب.


الجامع الأزهر بالليل

الشيخ مظهر شاهين يخطب أمام الجامع الأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق