الخميس، 23 فبراير 2012

كيف نجعل طوال العام رمضان؟؟؟


كيف نجعل رمضان طوال العام؟

مرت أيام رمضان سراعا ككل عام , كالضيف الخفيف ,الذي لا يريد أن يُثقل على الناس.
ولا أدري لماذا تتناقض أحوال الناس بين شهر رمضان , وبقية شهور السنة , فتجد المنحنى الإيماني في أعلى قمته في رمضان , ثم ترى آخر عهد لمعظم الناس بالمساجد هو صلاة العيد , وإذا مررت على أي مسجد في صلاة الظهر بأول أيام الفطر, لن تجد الصف الأول مكتملا  , وكل رمضان نُمنى أنفسنا بالمداومة على الأعمال الصالحة طوال السنة , وتأخذنا مشاغل الحياة , ولكن بالطبع عدم تنظيم الوقت هو السبب الرئيسي , وليس مشاغل الحياة.
فالوقت في رمضان منظم بطريقة ربانية, ولكن في غير رمضان نحتاج لقليل من الجهد , لنغيَّر أنفسنا ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد11 , فيجب أن ندير وقتنا بطريقة تمكننا من العمل والعبادة في آن واحد. ولا نهدم طوال العام, ما بنيناه في شهر رمضان , وقال تعالى (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) النحل 92
النكث : هو الغزل المنقوض
وعن عبد الله بن عمرو, قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله لا تكن مثل فلان , كان يقوم الليل فترك قيام الليل) متفق عليه.
وعاتب الله تعالى المؤمنين , سائلا  أما حان للمؤمنين أن ترق قلوبهم, وتلين لمواعظ الله , وألا يكونوا مثل أهل الكتاب , الذين طال عليهم الزمن , فأصبحت قلوبهم قاسية مثل الحجارة لا تلين لموعظة ولا لذكر ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)  الحديد 16  , وقال ابن مسعود : ( ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين).
فما بالنا نحن وقد مرت علينا القرون الطوال, ألم يحن الوقت لتخشع قلوبنا وتلين لذكر الله؟  
وقد بشرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بالجنة نتيجة لما اكتسبنا من عمل صالح في حياتنا ,  ( لن يشبع مؤمن من خير ,حتى يكون منتهاه الجنة) رواه الترمذي.
وقد حثنا الله تعالى في أكثر من آية  على المسارعة والمسابقة بالخيرات , وعمل الصالحات , فالتعبير بالمسابقة , يوحي لك بميدان السباق والرغبة في الفوز , فالمؤمنين يتنافسون أيهم يسبق في فعل الخير, وينبغي أن نعلم أن أمور الآخرة تأتي بالمسارعة , والمسابقة , كقوله تعالى ( فاستبقوا الخيرات) البقرة 148 , (فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا )  المائدة48 , (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) آل عمران 133 , (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)الحديد 21  , ويصف المؤمنين ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون)  المؤمنون 61, وفي وصف نبي الله زكريا وزوجه ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات)    الأنبياء 100  , وحتى موسى عليه السلام عندما ذهب للقاء ربه قال: ( وعجلت إليك رب لترضى ) طه 84 .
ولكن في أمور الدنيا يأتي الأمر بالسير دون التعجل ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه )  الملك 15
وينصحنا النبي صلى الله عليه وسلم  بعمل الصالحات قبل أن تهزمنا واحدة من سبعة أمور عظام , مثل الفقر , أو الغنى الذي ينسينا فعل الخير , أو المرض , أوالخرف في الكلام عند الكبر ,أو الموت  , أو فتنة الدجال وهي أعظم فتنة للبشر , أو قيام الساعة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال سبعا , هل تنتظرون إلا فقرا منسيا , أو غنى مطغيا , أو مرضا مفسدا , أوهرما مفندا , أو موتا مجهزا , أو الدجال , فشر غائب ينتظر, أو الساعة فالساعة أدهى وأمر) .
مفندا: الفند الخرف والتخليط في الكلام.
وعن كيفية جعل طوال العام رمضان ؟ طرحنا هذا السؤال على بعض علماء الدين......

وقالت ابتسام سالم بو سمنوه – الواعظة بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة,
في شهر رمضان , تتنزل الرحمات, وتكثر الهبات من الله تعالى , وترتفع الدرجات عند الله , ويقبل الإنسان بالكلية إلى الله , ونجد الغني والفقير يتصدقون , وبعد رمضان , يختلف الوضع!!! ولكن يجب أن يداوم الإنسان على الطاعة , حتى يصبح طوال العام رمضان  , لأن من أعظم الدلائل على قبول الطاعات , هو المداومة عليها.   وقال تعالى ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فيجب أن تبقى النفس كما كانت في شهر رمضان.
وتضيف , الصلوات من أجَّل الأعمال التي يجب أن يحافظ عليها الإنسان طوال العام, وهي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة, ( والذين هم على صلواتهم يحافظون) ,  وإذا انتهى رمضان فإن قيام الليل لا يجب أن ينتهي , وقال تعالى ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) , كذلك إذا انتهى رمضان , فلا يجب أن تنتهي الصدقة , فهي من الأعمال الصالحة التي يجب المداومة عليها , كذلك المداومة على قراءة القرآن ,فلا نجعل القرآن مهجورا.
وتنصح بو سمنوه , لجعل طوال العام رمضان , يجب أن نتحلى بالعزيمة الصادقة, وهذا يتطلب منا ترك الكسل والعجز, الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم , يتعوذ بالله منهما (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, والعجز والكسل, وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).

ويقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس – أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن- كلية الشريعة والقانون ,  جامعة الأزهر بالقاهرة – أن شهر رمضان هو شهر الطاعة والبر, والإحسان والمعاملة الحسنة , والإلتزام بالمواعيد , وهو شهر التقوى, ومراقبة الله تعالى, وهو شهر التواصل, ففيه يصل المسلمون بعضهم بعضا , غنيهم يصل فقيرهم, ويصل المرء فيه قريبه وذي رحمه, وهو شهر العمل والنشاط, فلا يفتر أحد فيه عن العمل, ولا ينقطع فيه عن أدائه, إيمانا وامتثالا لقول الحق سبحانه: (وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون) , وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ( من بات كالا من عمل يده , بات مغفورا له).
ويؤكد الدكتور إدريس , أن هذه الأخلاق التي انتهجها المسلمون في هذا الشهر يجب أن ينتهجوها في كل شهور السنة , بحسبان هذا الالتزام الإسلامي والأخلاق التي دعا إليها الإسلام, لا يقتصر التمثل بها في شهر معين من شهور السنة, بل يجب أن تترسم في كل وقت وحين, لأن ذلك هو تعاليم الدين الإسلامي, الذي لا يفرق في شأن الالتزام بتعاليمه وآدابه بين شهر وشهر, أو بين وقت وآخر.
ونصيحته للمسلمين أن يلتزموا في بقية شهور السنة بما التزموا به في رمضان , من أداء العبادات في أوقاتها, والاجتهاد في الطاعات تقربا إلي الله تعالي, ورغبة فيما أعده للطائعين من عباده , ومن البر والإحسان إلي الفقراء والمساكين والمحتاجين, وتواصل المسلمين مع بعضهم البعض, وصلة ذوي قرباهم, والتخلق بالخلق الحسن, والبعد عن الصخب واللغو والبذاءة والغيبة والنميمة وقول الزور, والتفاني في العمل وإتقانه, انتهاجا لمدرسة رمضان في كل شهور السنة, والتزاما بشرع الله تعالي, وتأدبا بآداب الإسلام القويمة .

وأفاد الشيخ على سلمان – الواعظ بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة – أن  النبي صلى الله  عليه وسلم , قد حثَّ أمته على أن يشغلوا أوقاتهم كلها في طاعة الله عز وجل فقال: (افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده) رواه الطبراني. وأوضح الشيخ سلمان , أن هذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم , على أنه ينبغي استغلال موسم العمر في فعل الخير، ولا يقتصر في ذلك على زمان معين ، أو وقت محدد ، ثم نبه النبي صلى الله عليه وسلم  , بعد ذلك على أن نتعرض لنفحات رحمة الله من القيام بالأعمال الصالحة واغتنام المواسم التي يضاعف فيها الأجر، ومن تلكم المواسم موسم رمضان.
وينصح كل مسلم , أن يجعل رمضان موسماً يزداد فيه من الأعمال ، فإن رب رمضان هو رب بقية الشهور، بل إن من علامة قبول العمل في رمضان الاستمرار في طاعة الله عز وجل بعده.
                                                              
وقال الشيخ محمد سلامة – الواعظ بوزارة الأوقاف المصرية - كثير دائم خير من قليل منقطع , فيجب أن نداوم على أداء ولو القدر اليسير من العبادات التي نستطيع فعلها يوميا , وقال صلى الله عليه وسلم قال ( كان أحب الدِين إليه , ما داوم صاحبه عليه).
ويضيف , في رمضان يختم الناس قراءة القرءان مرة أو أكثر, وبعد رمضان يُهجر المصحف حتى تتراكم فوقه الأتربة , وقال تعالى ( وقال الرسول يارب إن قومي إتخذوا هذا القرءان مهجورا )  الفرقان 30 , لذا يجب أن نجعل لنا وِردا يوميا من قراءة القرءان , حتى ولو كان صفحة واحدة أو صفحتين فقط , فهكذا لا يهجر القرءان أبدا.
وينصح الشيخ سلامة أيضا , بأداء الصلاة في وقنها لأنها من أحب الأعمال إلى الله تعالى , وكذلك صوم ثلاثة أيام من كل شهر, وقال ابن مسعود : ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم :أي الأعمال أفضل ؟ قال :الصلاة على وقتها, قلت: ثم أي ؟ قال: بر الوالدين , قلت :ثم أي ؟ قال: الجهاد في سبيل الله) متفق عليه  , وقال أبي الدرداء رضي الله عنه : أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: ( بصيام ثلاثة أيام من كل شهر, وصلاة الضحى, وبألا أنام حتى أوتر). رواه مسلم.,  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله , إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) متفق عليه.
                                                                         سوسن سحاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق