الأربعاء، 22 فبراير 2012

بالوالدين إحسانا

بروا أباءكم تبركم أبناءكم

وبالوالدين إحسانا



بقلم: سوسن سحاب                                         














رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما
ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين
إلزم رجلها فثم الجنة


صدر أمك وظهر أبيك
الوالدان هما أكثر إثنين في الحياة يحبانك لنفسك حبا فطريا خالصا, فلو كنت غنيا أو فقيرا, كنت مُعافى أو معاقا, جميلا أو قبيحا, ذكيا أو قليل الذكاء, فلن تجد أحدا بجوارك ويحبك كما أنت إلا والديك, ولو شاء الله أن تولد معاقا لا تستطيع الحراك, فلن يحملك أو يتحملك إلا والديك, وكذلك وأنت سليم مُعافى فلا تجد صدرا تلجأ إليه إلا صدر أمك, ولا ظهرا تحتمي فيه إلا ظهر أبيك, فإذا كبر أحدهما أو كلاهما ولم يستطيعا الحراك, فيجب علينا أن نحملهما ونحتملهما, وندعو لهما "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".   


العقوق أكبر الكبائر
وبر الوالدين فرض واجب على الأبناء, وعقوقهما حرام ومن أكبر الكبائر, بل أنه الذنب الوحيد الذي يعجل الله تعالى عقابه في الدنيا قبل الآخرة, فترى من يعق والديه يعقه أبناءه, وقال صلى الله عليه وسلم "كل الذنوب يؤخِّر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات".


عقوبة الدنيا عقوق أبناءك لك
وإذا كان الله تعالى يرضى عن العبد الذي يبِّر والديه مؤمنين كانا أم كافرين, ففي تعجيل العقوبة في الدنيا يكون الله ساخطا على العبد, للحديث "رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما",وأيضا من عقوبته في الدنيا أن يعقك أبناءك كما عققت والديك, للحديث "بِرُّوا آباءكم تبِرُّكم أبناءكم". أما عن عقوبته يوم القيامة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة, العاق لوالديه, والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة, العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنّان بما أعطى.


أهناك أقل من أفٍ
وهذا العقوق أدناه كما ذكره الله تعالى هو التأفف "فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما", وعندما يذكر الله تعالى الحد الأدنى الذي يجب أن نتجنبه في العقوق, فعلينا ألا نفكر في هذا الأدنى أو ما هو أكثر, ولو كان هناك أقل من "أف" لنهانا الله تعالى أن نقولها لوالدينا, وفي الحديث "لو علِمَ الله شيئاً هو أدنى من أُفّ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق".





بر الوالدين هدي الأنبياء
أما بر الوالدين الذي أوصى الله تعالى به فقد قَرَنّهُ بالتوحيد في آيات عديدة كقوله تعالى "لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً", وقوله "وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً", وأيضا "أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" وغيرها..
وبر الوالدين هو صفة لازمة وهديا يتمسك به كل الأنبياء وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, يبر أمه حتى بعد وفاتها، وفي عام الحديبية توقف بالأبواء – بين مكة والمدينة- حيث دفنت هناك وذهب يزور قبرها، وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبكى من حوله.
وقوله تعالى عن بِر عيسى عليه السلام بأمه حين تكلم في المهد "وَبَرّا ً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجعلني جَبَّارا ً شَقِيّا ً" وأثنى الله تعالى على يحيى عليه السلام بقوله "وبرًا بوالديه ولم يكن جبارًا شقيًا".
 وإبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه بالرفق واللطف واللين - مع أنه كان كافراً- فقال "يا أبت" وهو يدعوه لعبادة الله وحده، وترك الشرك ولما أعرض أبوه وهدده بالضرب والطرد قال "سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً".ولم ينس إبراهيم أباه من دعاءه"ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين".
وكذلك بِر إسماعيل عليه السلام بأبيه "قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين", وكان من دعاء نبي الله نوحٍ "ربّ اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمناً".


إلزم رجلها فثّم الجنة
وبر الوالدين يعدِل جهادا في سبيل الله, ولقد أتى أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم, وقال يا رسول الله إني أريد الجهاد في سبيل الله قال: أمك حية؟ قال نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إلزم رجلها فثم الجنة.





رغم أنفه
وبر الوالدين والإحسان إليهما من أسباب دخول الجنة, ولقد ذمَّ النبي صلى الله عليه وسلم من لم يبر أحد والديه أو كليهما وهما كبار السن ولم يُحسن إليهما, ولم يدخل الجنة بسببهما "رَغِم أنفه ثم  رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة".
الرغام: هو التراب, ورغم أنفه: أي وضعت أنفه في التراب وهو كناية عن الذل والهوان.


صاحبهما بالمعروف لو كانا مشركين
وبالرغم من إقتران بر الوالدين بوحدانية الله, إلا أن الله لم يجعل شرك الوالدين بالله سببا لعقوقهما أو عدم برهما, بل العكس فقد وصى الله تعالى بالإحسان إليهما حتى وهما على شركهما "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا". وهذه الرحمة من رب العالمين التي يلقيها في قلب إنسان أشرك والداه بالله, حتى لا يكون شعوره بالحرج أو الإستحياء من شِرك والديه سببا لمقاطعتهما أو عدم بِرِهما.
وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت:"قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال:نعم، صلي أمك", ونزل قول الله تعالى:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين".


بر الوالدين طاعة لله
وإذا لم يكن بِرَّك بوالديك أمرا فِطريا طبيعيا, فليكن طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فكل آيات بر الوالدين تأتي في صيغة أمر, ولذا يجب علينا أن نطع الله فيما يأمرنا به, وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال "سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله ثم بر الوالدين".


شكرهما شكر لله
ومن بر الوالدين أيضا شكرهما, لأنهما سبب وجودنا في هذه الدنيا وأيضاً نشكرهما على تربيتنا في الصغر, ورعايتنا في الصغر والكبر،وقال الله تعالى "وأن اشكر لي ولوالديك".
وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه بإسناد صحيح " لا يشكر الله من لا يشكر الناس", وأقرب الناس إلينا والواجب شكرهم هم أمهاتنا وآبائنا.


حق الحمل والوضع والرضاع
ولا ننسى حق الأم الذي يزيد ثلاثة أضعاف عن حق الأب, بسبب الحمل والوضع والرضاع, فهذه الثلاث تنفرد بها الأم وتشقى بها بجانب مشاركة الأب في التربية والرعاية, وفي الحديث "جاء رجل إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمّـك، قال: ثم من؟ قال: أمّك، قال: ثم من؟ قال:أمّـك، قال ثم من؟ قال: أبوك" وكذلك يوصي الله تعالى بالأم "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ".










برهما بعد وفاتهما
ولا يقتصر بر الوالدين على حياتهما فقط, بحيث إذا توفيا انقطع ذكرهما من الدنيا، بل يجب على الأبناء برهما أيضا وذلك بالدعاء لهما, والتودد إلى أقاربهما ومعارفهما وزيارة قبريهما والتصدق عنهما وأداء ما كانا يحبانه, وقد سأل أحد الصحابة "فقال: يا رسول الله هل بقي لأبوي شي‏ء من البرّ أبرهما به بعد وفاتهما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنقاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلاّ بهما".

اللهم اغفر لوالدينا, وارحمهم كما ربونا صغارا, وإجزهم عنّا خير ما جزيت به عبادك الصالحين.....................آمين


أدعية الأنبياء لآباءهم
 دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام:
"رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ﴾ إبراهيم.
دعاء سيدنا نوح عليه السلام:
"رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ(28)  نوح.
دعاء سيدنا سليمان عليه السلام:
"رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) ﴾ النمل.
دعاء الصالحين فى القرآن الكريم:
"رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)الأحقاف






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق