الأربعاء، 22 فبراير 2012

الملهيات عن الذكر في رمضان


الملهيات عن الذكر في شهر رمضان



النفس المطمئنة
كثرت الملهيات عن الدين في شهر رمضان بشكل كبير, وإذا ما أطاع الإنسان نفسه الأمارة بالسوء , فسوف يقضي طوال نهاره وليله إما أمام التلفزيون , أو على الهاتف لحل جميع المسابقات والفوازير , أو بالسهر في الملاهي والمقاهي . لذا يجب أن نوقظ نفسنا اللوامة , لتكون جرس إنذار لنا في كل لحظات حياتنا , وتكون طوق النجاة الذي يوصلنا إلى بر النفس المطمئنة.

شهر تنزيل الكتب السماوية
وشهر رمضان المبارك ، هو من أعظم شهور السنة عند الله , ومن عِظم منزلته , فقد خصه الله تعالى بتنزيل كل الكتب السماوية , وكان العرب قبل نزول الإسلام يخصون هذا الشهر بمزيد من التبجيل والتكريم , وبعد الإسلام زادت منزلة هذا الشهر العظيم أكثر وأكثر , فهو الشهر الوحيد الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، لقوله تعالى "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" البقرة 185.

شهر المسلسلات؟
واستمر تعظيم هذا الشهر الكريم , على مدى قرون طويلة - وإن شاء الله حتى قيام الساعة -  وكان المسلمون لا يشغلهم شاغلا عن العبادة إلا العبادة, وكان شهر رمضان مقسما بين العمل والصيام نهارا, والقيام والإعتكاف ليلا .
ولكن أطل علينا زمان..أصبح فيه رمضان مقسما بين الصيام والنوم نهارا, والمسلسلات  والمقاهي ليلا. 
وأصبح شهر رمضان هو أول الشهور في نسبة مشاهدة الأعمال الدرامية, حتى أن بعض الفنانين يتقاتلون لعرض مسلسلاتهم في شهر رمضان, لدرجة أن إحدى الفنانات حاولت الإنتحار العام الماضي لأنها عرفت أن مسلسلها لن يعرض في رمضان؟ هل هذا يُعقل يا مسلمين؟
ولو ابتعدنا عن التلفزيون , وخرجنا قليلا , ترى في الشوارع العجب , فأصبحنا نرى المقاهي  والملاهي,  ما بين تدخين الشيشة من كل أفراد الأسرة, إلى الغناء والسهر إلى الفجر وبالطبع النوم طوال النهار.
دراما لا تليق بالشهر الكريم
وتتعجب وفاء محمد – محامية – من الأرقام الخيالية لمسلسلات رمضان , والتنافس بين الفضائيات للعرض الحصري, وتقول للأسف نجد الهادف والمحترم منها لا يذكر, ونجد معظم الأعمال لا تليق بالشهر الكريم أو أي شهر آخر, ولن نقول أنه وصل إلى السخافة وقلة الإحترام والإستخفاف بالمشاهد, بل لقد وصل في بعض الأحيان إلى البعد عن الدين .
وتتساءل لماذا مشاهد الرقص في معظم الأعمال, ولا بد أن تكون ضمن البطلات راقصة ؟ ولماذا عندما تقابل البطل مشكلة ما , فإنه لا بد أن يتجه للخمر؟ ولماذا عندما تقابل البطلة مشكلة فالإنتحار هو الحل الوحيد؟ ولماذا عندما يتحدث العمل عن الخيانة الزوجية , يظهر الزوج في صورة الرجل العنيف القاس الذي لا يراعي مشاعر زوجته , ويظهر العشيق في صورة الرجل الوسيم الحنون , كأننا نبرر الخيانة أعاذنا الله منها , ولماذا يظهر رجل الدين إما متجهما عبوسا , أو متحدثا بطريقة كوميدية , تدعو للسخرية ؟  ولماذا نرى كل عمل يتحدث عن التعليم والطلبة يستنسخ مدرسة المشاغبين , ويتعامل مع المدرسين بكل سوء أدب , ويُصَّنف عدم الأدب مع المعلم على أنه عمل كوميدي , ولماذا التركيز على عقوق الوالدين طوال حلقات المسلسل , ولا نرى الجزاء الذي نالوه إلا في دقيقتين؟

الاعتكاف أمام التلفزيون
ويقول علاء الشورى - مدير عام- تحرص كل الدول الإسلامية على خفض ساعات العمل في شهر رمضان, نظرا لزيادة المجهود البدني والذهني في هذا الشهر الفضيل, من قراءة قرآن وصلاة القيام والإعتكاف, فعلى الإنسان أن يستفيد من كل لحظة في هذا الشهر تقربا إلى الله. ويضيف أنه على الأنسان أن يستفيق من الغفلة التي يعيش فيها, ويترك كل ما يشغله عن دينه في شهر رمضان لأن الناس اتجهت للإعتكاف في العشر الأواخر أمام التلفزيون لمعرفة النهايات الدرامية للمسلسلات , وكشف أسرار المسلسل , ومشاهدة قمة الإثارة.  
ويهيب الشورى بالحكومات الإسلامية , ووزارات الإعلام فيها , أن تتدخل لمنع القنوات المسيئة , وتضع حدا  للمهازل التي نراها على الفضائيات , وإجبارها على عرض أعمال دينية فقط في شهر رمضان , والتركيز على الخطاب الديني , رأفة بالمسلمين. ويشكر بعض القنوات التي تركز على البرامج الدينية , وتحترم المشاهد وعقليته , وتعرض العشر الأواخر , وختم القرآن من الحرم.
 وينصح من يجلس على المقهى ويترك أسرته من أجل  تدخين الشيشة , أن يخصص وقتا ليجلس مع العائلة , ويتبادل أطراف الحديث في الدين والدنيا لأنه بذلك يتقرب من أسرته ومن الله, ويجب أن تكون هناك وقفة مع النفس لمحاسبتها ما لها وما عليها, ويجب أن يكون شهر رمضان هو كشف حساب المسلم السنوي.
الاهتمام بالثقافة الدينية
وعن دور الأعلام في شهر رمضان تقول د. جيهان رشتى - عميدة كلية الإعلام  جامعة القاهرة سابقا- يجب التنويع فى مضمون البرامج في شهر رمضان والاهتمام بالبرامج الدينية وتبسيطها فيكون العمل دينيا فى قالب اجتماعى مثل مسلسل قصص الأنبياء، أو يكون مسلسلا دينيا يقوم على فكرة جاءت فى القرآن الكريم وأيضا ضرورة الاهتمام بالأفكار والسلوكيات الإيجابية، وليست السلبية. وأضافت  أنه يجب الاهتمام بالبرامج البناءة ، مثل برامج المسابقات الدينية ، التى تزيد من الثقافة الدينية عند الناس ، أى أن نرى فى هذا الشهر الكريم مضمونا دينيا وترفيهيا وثقافيا بعيدا عن الفجاجة ، وبرامج حوارية ودرامية هادفة.
السهر على المقاهي أم للذكر
وتقول فاطمة مبارك – مدرسة تربية إسلامية - إن كلمة رمضان توحي بالأجواء الإيمانية والروحانية, ولكن هذه الأجواء قلَّت عن قبل, بالرغم من أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان, ولكن المؤثرات الدخيلة أثرت بشكل كبير, وأصبحت أجواء رمضان تنحصر في الزحمة في الأسواق والشوارع, وتسأل لماذا يحلو السهر في رمضان على المقاهي؟ ولا يكون السهر لذكر الله, فرمضان ليس للمقاهي, والمقاهي موجودة طوال العام, ومن فضائل الشهر الكريم التزاور وصلة الأرحام وليس الجلوس على المقاهي, حتى جلوسنا في المنزل يجب أن نملأه بذكر الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
وتضيف مبارك أيضا لا نرى قبل شهر رمضان الإستعدادات لهذا الشهر الفضيل على الفضائيات إلا بالتنويه عن المسلسلات وكان الصحابة يستعدون لرمضان ويشحذون الهمة للإستعداد لرمضان من رجب وشعبان ويقولون: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". كما أن 90% من الأعمال التي تعرض في رمضان هابطا ولا يرقى للعرض في رمضان ولا غيره وهناك بعض المشاهد الخليعة والألفاظ النابية ناهيك عن الملابس الفاضحة.

النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية
وتؤكد ابتسام سالم  بو سمنوه - الواعظة بدائرة الشئون الإسلامية بالشارقة- أن الناس تنتظر شهر رمضان بفارغ الصبر, وتبدأ العبادة بحماس شديد وتُنزع الأتربة من فوق المصاحف التي تكون مهجورة طوال العام ويقرأ المسلمون القرآن ومنهم من يختمه أكثر من مرة, ولكن من الممارسات الخاطئة في شهر رمضان أن هناك كثير من الناس يعتقدون أن رمضان فرصة للنوم والكسل نهارا, والسهر ليلا, ويكون الأمر الغالب هو السهر على ما يغضب الله سبحانه وتعالى.
وتنصح أن ننهل قدر المستطاع من حسنات وبركات شهر رمضان لأنه إذا ذهب رمضان وذهب معه بعضك, فتحت يدك إذا هم خاويتين, ونفضت ثيابك فإذا هي دنسة من المعاصي .
وتقول بو سمنوه, أن بعض الناس تفرح وتسعد بدخول شهر رمضان لأنهم يعلمون أنه شهر البركات, وتنزيل الرحمات من الله تعالى, وبعض الناس تحزن لأنهم سيحرمون من ملذاتهم وأفعالهم التي تغضب الله, ونجدهم لا يعبأون بشهر رمضان فيجلسون على المقاهي وهذا مضيعة للوقت, ويستمعون للأغاني وهي تفسد القلب, وتبث الرعونة وقلة الغيرة في نفس الإنسان, والنفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش 
ويؤكد الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس – أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة- أن شهر رمضان هو شهر الالتزام والنظام والورع والاجتهاد في العبادة والطاعة والبر والإحسان والتواصل والمعاملة الحسنة والعمل الدءوب والنشاط المتواصل, ففيه يتعلم الناس الالتزام بمواعيد الإمساك عن المفطرات خلال ساعات النهار بداية ونهاية, وتنظيم الوقت فيه ليلا ونهارا, من وقتٍ لأداء العمل, إلي وقتٍ لأداء الصلوات المفروضات, إلي وقتٍ لأداء صلاة التراويح وصلاة التهجد, إلي وقت للقيام للتسحر وأداء صلاة الفجر, وهو شهر الورع بحسبان تقوي الله تعالي فيه ومراقبته مفضية إلي قبول الأعمال فيه, ولذا فقد حض الشارع فيه علي ترك المنكرات حتى لا يحبط عمل الصائم, ولا ينال من أجر صيامه إلا الجوع والعطش, فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من لم يدع قول الزور والعمل به, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ", وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر, ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ", ولا شك أن من يسمع هذا فإنه يحرص علي أن لا يحبط عمله, فيلتزم فيه بعمل الطاعات ويبتعد جهده عن فعل المعاصي, كما أنه شهر البر والإحسان, ففيه تجب صدقة الفطر التي لا يقبل الصيام إلا بأدائها, وقد حض الشارع علي إفطار الصائمين وإطعام الجائعين خلاله, فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من فطر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجورهم شيء ", بل إن الحكمة من شرعية الصيام هو أن يشعر الصائم بما يعانيه الفقراء والمحتاجون من الجوع والعطش, فيحنو عليهم ويمد لهم يد العون بما يخفف أو يزيل عنهم ما هم فيه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق