الأربعاء، 4 مارس 2015

الأم في القرآن والسنة




الأم في القرآن الكريم 

بقلم: سوسن سحاب                                                             

                                                                                      



أصل الطيب
كلمة "الأم" أطلقها القرآن الكريم على الأصل الطيب والمقدس لكلّ شيء عظيم.
فمكّة المكرّمة هي "أم" القرى، لأنها مهبط الرسالات السماوية التي اختزلها الله عزّ وجلّ في "الإسلام" الذي كان غاية الرسل والرسالات جميعاً، فقال تعالى: "مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها" الأنعام:92، وقال:"وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومَن حولها" الشورى:7.

كما أطلق الله عزّ وجل على كتابه العزيز مصطلح "أم الكتاب"، فقال تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" الرعد:39.


الفرق بين الأم والوالدة
الــوالــدة
وفرّق القرآن الكريم بين الأم والوالدة....فأطلق لفظ "الوالدة" على المرأة التي تنجب الطفل بغض النظر عن مواصفاتها وصفاتها سواء كانت حسنة أم قبيحة. فالموضوع فقط مجرد عملية إنجاب حيث يلتقي الذكر بالأنثى وما يتبع ذلك من حمل وإرضاع، كما قال تعالى:"والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة"البقرة:233]

وأوجب الله تعالى البر والإكرام للوالدة حتى لو كانت كافرة أو غير صالحة....وقال تعالى: "وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" الإسراء:23...

الأم
أما الأم فقد أطلقها الله عزّ وجل على رمز التضحية والفداء والطهر والحب والحنان وكل أصل كريم، وهي مدعاة للفخر والشرف من أبناءها....

الفروق في القرآن
لتقريب الأمثلة من أذهاننا.....نتأمل ما ذكره القرآن على لسان سيدنا عيسى عليه السلام، فعندما تكلّم عن وجوب البرّ والإكرام ذكر وصف "الوالدة"، فقال:"وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" مريم:32.

وحين تكلم القرآن الكريم عن عيسى عليه السلام وعن المواصفات والصفات الكريمة والمعجزة للسيدة مريم، أطلق عليها لفظ "الأم"، فقال عزّ وجل:"ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمّه صديقة" المائدة:75.
وعندما أراد الله عز وجل تكريم الأم...لفت نظر الأبناء إلى معاناة الأم من الحمل والولادة، فأطلق كلمة "الأم" رمز التضحية والصبر المكرمة وأمرنا الله بإكرامها في الدنيا إكراماً لا حدود له.


بر الوالدين
ومن بلاغة القرآن الكريم في هذا المجال أنه عندما يوصينا ببرّ الوالدين فإنه يعقبها بالحديث عن الأم فقط لعظم فضلها على الأب "ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن"لقمان:14

التضحية أم
وعندما ذكر القرآن الكريم شدة المعاناة في الحمل والولادة والتضحيات العظيمة...أطلق عليها لفظ ( الأم ) كما في قوله تعالى: "ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً".

الحنان والشفقة أم
 وعندما ذكر الله عزّ وجل الحنان والعطف على الأبناء، ومدى الشفقة والرحمة والخوف على أولادها عبـَّر الله عنها بلفظ الأم فقال: "وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من الموقنين"القصص:10].

فرحة الأم بعودة وليدها
وعن مدى سعادة الوالدة وفرحها بعودة ولدها الغائب من خطر محدق وشر لا مفر منه.....أطلق عليها القرآن الكريم كلمة "الأم" فقال عز وجل: "فرجعناك إلى أمك كي تقرّ عينها ولا تحزن" طه:40.


الأم قدسية
 وأطلق القرآن الكريم لفظ الأم دلالة على القدسية والاحترام والحب الشديد لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فذكرهم بكلمة "الأمهات" وليس الوالدات فقال: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم" الأحزاب:6.....بالرغم من أن بعضهن لم تنجب منهم فعليا، ولكن تسميتهم بالأمهات تكريم لهن.


الأم في السنة النبوية
كثرت الأحاديث النبوية في هذا الموضوع....ولذا سأكتفي ببعض الأمثلة التي ستوفي بالغرض إن شاء الله.


أكبر الكبائر بعد الشرك
سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر،فقال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس، وشهادة الزور". رواه البخاري
ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن سَبّ الوالدين وبيّن أنه من الكبائر فقال: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه" قيل يا رسول الله! كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: "يسُب الرجل أبا الرجل فيسبّ أباه ويسبّ أمه" . رواه البخاري

أمك ثم أمك ثم أمك
سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك". قيل: ثم من؟ قال: "أمك". قيل ثم من؟ قال:"أمك". قيل ثم من؟  قال: أبوك. .   رواه البخاري .


قضاء دين الأم
ومن تمام الإحسان للأم أيضاً قضاءُ ما كان عليهما من دَين لله أو للناس فقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه، وتُوفيت قبل أن تقضيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاقضِه عنها" رواه مسلم.

وجاءت امرأة تسأله صلى الله عليه وسلم عن أمه التي ماتت وعليها صوم شهر؟ فقال: أرأيتِ لو كان على أمك دَين أكُنتِ قاضيَتَه؟ قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فدين الله أحق بالقضاء".

وكذلك امرأة سألت عن أمها وماتت ولم تحجّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حُجيّ عنها". رواه مسلم



                                                                                            سوسن سحاب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق