أنــا مـن القـاهـــرة
5- الجمعة اليتيمة في جامع عمرو
احكي لكم الآن عن ست الحبايب ....
كانت امرأة قوية...جريئة وكريمة جدااا كانت ترى فيِ ما لم أره في نفسي...كانت مؤمنة اني صوتي جميل وورطتني في حكاية مضحكة جدا مع الموسيقار الكبير كمال الطويل.....
فقد كان موكلا عند أختي المحامية وفاء ، وفي يوم اتصل في المنزل وسأل عليها فقالت أمي هي مش موجودة، نقولها مين حضرتك ؟ فقال قولي لها كمال الطويل، فقالت له أستاذ كمال الطويل الملحن ؟ قال نعم يا حاجة، قالت له عايزة منك خدمة،أومري، بنتي الصغيرة صوتها حلو جدا لو ممكن تسمعها هي موهبة مدفونة، الرجل رحب جدا وقال لها تحت أمرك يا حاجة أنا حسمعها...
وعندما حضرت أختي اتصلت به فقال لها غاضبا ازاي يا وفاء تكون أختك موهبة وصوتها حلو وما تقوليليش عليها عشان أكتشفها؟؟ قالت له يا أستاذ كمال ماما متخيلة ان صوتها حلو وهي بتغني زي كل الناس في الحمام غنا عادي يعني، وهي آخر العنقود دلوعة ماما، قال لها لازم تجيبيها وتيجي حالا أنا وعدت والدتك إني أسمعها،.
أخدنا الموضوع بتهريج أنا وأختي ولكن أمي كانت متخيلة إنها خلفت أم كلثوم أخرى
كنت وقتها بدأت العمل والعيش في دولة الإمارات وأتيت إجازتي السنوية لمصر وكانت معي صديقة عمري الإماراتية هدى،.
ذهبنا إلى منزل الأستاذ كمال الطويل في حي الزمالك الجميل أنا وأختي وفاء وصديقتي هدى، واستقبلنا بترحاب شديد ودخلنا غرفة التلحين وكانت تحتوي على بيانو أسود كالذي نراه في الأفلام القديمة وطقم جلوس فرنسي والحوائط كانت ألوانها جريئة وجديدة كانت مطلية جدارا أصفر اللون والآخر برتقالي
كنت أول مرة أرى حوائط غرفة بهذه الجرأة...
جلست على الكنبة في مواجهة البيانو فقال هذا المكان الذي كان يجلس فيه المرحوم الفنان عبد الحليم
وفجأة قال لي يلا سمعيني صوتك، قلتله صوتي مش حلو، وماما هي شايفاني احسن واحدة
قال لازم تغني ،يا أستاذ أرجوك، لازم يعني لازم
المهم قعدت ساعتين أكح وأسلك صوتي، قالي أجيبلك ينسون؟ قلتله عايزه يفتكرون يا أستاذ أنا نسيت كل شيء، قالي تحبي تغني إيه؟ قلتله أغني لفايزة أحمد ليه يا قلبي ليه، قال ممتاز وبدأ يعزفها على البيانو وأنا أكح وصوتي أختفى راح في رحلة ولم يعد..
أوقف العزف وقالي مالك يا سوسن ؟ يلا غني
لم أستطع الرد لأن صوتي راح تماما ونظرت لأختي ولهدى وجدتهم وقعوا من الضحك ، مقدرتش أمسك نفسي ووقعنا في هستيريا ضحك احنا الثلاثة
طبعا كانت صدمة أمي شديدة وأحسست إن أملها خاب فيا .....
أمي....كان عليها نظرة..... لما أغلط تنشف الدم في عروقي....
كانت من مواليد العباسية ودائما ما تفتخر بحي العباسية (حي المشاهير) وجيرانهم نجيب محفوظ وعبد الوهاب ومحمد الموجي في العمارة المقابلة، وكانت الأخت الكبرى لخمس بنات وولد....وصاحبة الشخصية القوية والرأي الراجح في العائلة.
كانت جريئة لدرجة أننا كنا مرة في مصر القديمة في طريقنا لصلاة الجمعة بجامع عمرو بن العاص.... فوجدت خناقة كبيرة والشباب واقفين بالأسلحة البيضاء ....فدخلت وسط الخناقة تحاول تهدئتهم ولم تفلح محاوﻻتي في جذبها خارج المعركة....
ولكنها دخلت وسطهم وقالت صلوا على النبي انتم أبناء منطقة واحدة ( وهي أصلا لا تعرفهم) ونجحت في أن تجعلهم يبعدون اسلحتهم ويضعونها في جيوبهم ويحكموا عقولهم ( ويقولوا كلهم خلاص عشان خاطر ست الحاجة البركة)......
وقتها نظرت إليها بإعجاب مغلف بالخوف عليها.
كانت الزيارة لجامع عمرو بن العاص في مصر القديمة زيارة موسمية في الجمعة الأخيرة من رمضان، أو كما يسميها المصريين (الجمعة اليتيمة).
وجامع عمرو هو اول جامع تم بناؤه فى مصر وفى أفريقيا كلها، وهو من أوائل المساجد التي بنيت فى الإسلام بعد مسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة سنة 642.
وتم افتتاح المسجد بأول صلاة جمعة في 6 محرم 21هـ، فكان بذلك أول مسجد جامع في مصر والقارة الإفريقية يخرج منه نور الإسلام والإيمان.
ولم يكن مجرد جامع للصلاة فقط، بل كان أيضًا أول جامعة إسلامية قبل الأزهر والزيتونة والقيروان؛ لذلك اعتبره الكثيرون أزهر ما قبل الأزهر، حيث تلقى فيه طلاب العلم كافة علوم اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف، وهو الأثر الإسلامي الوحيد المتبقي منذ الفتح الإسلامي لمصر.
ومن أشهر تلاميذه الإمام الليث بن سعد، والإمام الشافعي، والسيدة نفيسة، وابن حجر العسقلاني، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام. وقد أقيم المسجد على مساحة هائلة ويعتبر أكبر مساجد مصر من حيث المساحة، وبه العديد من الأعمدة التي يبلغ عددها 365 عمودًا بعدد أيام السنة.
تم بناؤه فى مدينة الفسطاط العاصمه الجديده لمصر، وفى نفس المكان اللى نصب فيه عمرو بن العاص خيمته.
وإلى الآن يعتبر هذا الجامع من أهم الجوامع فى القاهره ومازالت تقام فيه الصلوات الخمسه وأيضا مفتوح للسياح والزوار الذي يعتبرونه على قمة السياحة الدينية في مصر.
بُني الجامع الاصلى من جزوع النخل والسقف من جريد النخل، وقد تهدم الجامع وأعيد بناءه أكثر من مرة.
المبنى الحالى للجامع بُنـِى فى القرن التاسع عشر ومازال محتفظا ببعض التصاميم والزخارف القديمه التى اضيفت له على مر التاريخ.
أساطير حول المسجد وكراماته
أساطير عديدة تناقلتها الناسجيل بعد جيل، وهذه الأساطير سمعت بعضهما من أبي وبعضها من أمي، وأذكر جيدا ما حكاه لي أبي عن عمود كششف الكذب!!!!!
أسطورة عمود كشف الكذب
من الخرافات التي ما زالت مستمرة ومصدقة وبفضلها تحول إيوان القبلة على ما يبدو إلى معقل لهذه النوعية من الأكاذيب؛ ففي منتصف الباكية الأخيرة منه يوجد عمودان رخاميان كان في عهد الفاروق عمر والفاتح عمرو بن العاص، يأتي إلى المسجد المتنازعون ليحتكموا إلى عمرو رضي الله عنه الذي كان - كما أشاع مرددو الأباطيل- يدعو الخصوم إلى أن يمروا بين هذين العمودين، فمن صدق حديثه مر بينهما وإن كان بدينًا ضخم الجسم، أما إذا كان كاذبًا فإنه لا يمر وإن كان نحيفًا. وبذلك يكون هذان العمودان قد تحولا بفضل البدع والأكاذيب إلى جهاز يكاد يتفوق على جهاز كشف الكذب الشهير! والطريف في الأمر أنه وقت عمرو بن العاص لم تكن توجد أعمدة رخامية بالمسجد
ولقد سمعت قصة عمود كشف الكذب من أبي أيضا..
أسطورة الجمعة اليتيمة
وفى العصر الفاطمى ظهرت نبوءة بأن الخليفة حلم بأن يوم جمعة يتيمة ما سيرتفع المسجد بمن فيه ومن حوله إلى السماء ليدخلوا الجنة بغير حساب.
من هنا جاءت بداية هذا الحشد الرهيب الذى ازداد عدداً.. هذا منذ أيام العصر الفاطمى، حيث كان الخليفة يصلى أول جمعة فى رمضان فى مسجده الخاص ثم الجمعة الثانية فى مسجد الحاكم والجمعة الثالثة فى الأزهر الشريف والجمعة الأخيرة اليتيمة فى مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، حيث يتم فرش المسجد بفرش خاص من الحرير الديبقى يتم صنعه فى قرية بجوار دمياط وتعلق على المحراب ستارتان من الحرير الأحمر عليهما عدد من قصار السور.
ولما جاءت الأسرة العلوية عام ١٨٠٥ وحكم البلاد محمد على الكبير حافظ على تقليد صلاة يوم الجمعة اليتيمة فى مسجد عمرو بن العاص ومعه كل أولاده فى المراسم الملكية الخاصة بهذا العصر.. وتطورت الأمور فلما جاء الخديو إسماعيل بدأ تقليداً جديداً.. أصبح يذهب إلى المسجد من سراى عابدين إلى الفسطاط فى عربة حنطور مذهبة مغطاة بالزجاج المذهب أيضاً ويحيط الموكب عدد من الأحصنة المغطاة بفرش مذهب أيضاً.
واستمر هذا الموكب بالذات لم ينقطع حتى يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٢ عند خلع الملك فاروق.. ولكن مع تغيير أيضاً.. حيث كان يركب بجوار الملك فؤاد ثم فاروق، رئيس الوزراء، بنفس الحنطور المذهب - الموجود حتى الآن فى متحف سراى عابدين - وحول الحنطور الموتوسيكلات ذات الصوت العالى مع السير ببطء، لتزدحم الأرصفة بالناس طوال الطريق.
■■■
هل مازال الناس ينتظرون أن يطير بهم المسجد إلى السماء حيث الجنة كل عام؟؟
وإن قيل إن هذا لن يتحقق إلا إذا توافق يوم الجمعة اليتيمة مع ليلة القدر، فالاثنان فى العشر الأواخر.. ومازال الناس ينتظرون.
ولكني أعتقد أن الألاف الذين يذهبون سنويا لصلاة الجمعة اليتيمة لا يذهبون لذلك الغرض ولم يسمعوا عنه أساسا، ولكنهم يذهبون بسبب الصيت الذائع لبعض أئمة المسجد، أو بحكم العادات العائلية في الذهاب سنويا.