الحب....
بين الحلال
والحرام..........والحقيقة والأوهام
تحقيق: سوسن سحاب
"لم يُر
للمتحابين مثل النكاح"
إذا وجدت الألفة ذهبت الكلفة
أحبك نعم..أتزوجك لا
" الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما
تناكر منها اختلف "
من أكبر الفتن التي يتعرض لها الشباب في زمننا هذا هي مشكلة الحب.... سواء بالوقوع فيه أو
محاولة تجنبه.
ولا
يمكن تجاهل أن الحب والميل نحو الجنس الآخر عاطفة غريزية فطرنا الله عليها بهدف
عَمارة الأرض والتناسل والتكاثر وإقامة المجتمعات....
ودائما
ما تدخل الفتاة علاقة الحب من أجل الزواج والاستقرار وتكوين أسرة, وغالبا ما يبحث
الفتى عن الحب من أجل الحب فقط وما أن تبدأ الفتاة بالتلميح – مجرد تلميح- بالزواج
فإنه يفر هاربا كأنها طلبت منه شيئا محرما...
ولم
ينكر الإسلام الحب بل جعله سرا من أسرار نجاح الحياة الزوجية... وجعل العاطفة
والإنجذاب للآخر لها مخرجا حلالا تُتوَّج فيه بالزواج الذي هو النهاية المرجوة لكل
قصة حب.....
كما
سدَّ أبواب الحرام بأن أمر بالاحتشام وغض الطرف والبعد عن الخلوات المحرمة والكلام
الناعم والوعود الكاذبة...
وقبل
الوصول لمرحلة الشباب تبدأ-في صمت- مرحلة الإنجذاب للآخر أو جذب انتباهه, والبداية
في محيط العائلة والجيران ثم المدارس المشتركة...وفي الجامعة أو حتى الانترنت
يتحول الصمت رويدا رويدا إلى بوح بالمشاعر حتى لو كانت ساذجة أو كاذبة ولكن حب
التجربة يدفعهم دفعا لتجربة الحب ومعرفة أحاسيس جديدة سمعوا عنها ورأوها في
الأفلام.
وبعض
الشباب ينجرف وراء مشاعره المتوهجة وينسى أن هذه الفتاة كأخته أو أمه, وينسى قوله
صلى الله عليه وسلم "ولا يخلون رجل بامرأة فإنَّ ثالثهما الشيطان, وقول عمر
بن عبدالعزيز رضي الله عنه "إياك أن تخلو بإمرأة غير ذات محرم
وإن حدثتك نفسك أن تعلمها
القرآن".
ويسعى
المحب الصادق جاهدا أن يتوج حبه بالزواج...والحب الذي لا ينتهي بالزواج فهو ليس
حباً بل رغبة غريزية تخلو من الاحترام للطرف الآخر..
والكثير
من الشباب يتخذ الذرائع لعدم الزواج مثل ما زلت صغيرا...أريد المزيد من تجارب
الحب...لا أثق في كل البنات...لا أتزوج بمن أحببتها وخرجت معها.....إلخ.
فما هي نظرة الشباب للحب؟؟؟
طريق الكذب
بالرغم من نشأتها في أسرة متدينة فلم تنج ن.ح.- 20 سنة طالبة جامعية – من
الوقوع في حب زميلها في الجامعة, ولم تجد تحمل مسئولية من الطرف الآخر مما أبعدها
عن دروسها وأوشك الحب أن يأخذها في طريق الكذب على الأهل..وهذا شيء لم تفعله طوال
حياتها, فجاهدت نفسها حتى تخلصت من هذا العبء ولم تعد تفكر في مثل هذه الأمور.
حركات قديمة ومكشوفة
لخبرته القليلة في الحياة بالتعامل مع الجنس الناعم....فبمجرد حصوله على
وظيفة, بدأ أ.ع.- 22 سنة موظف - بالبحث عن فتاة أحلامه في كل زميلاته الموظفات,
ويقول كنت أوزع كل يوم سلامات وابتسامات على كل زميلاتي علِّي أجد استجابة من
إحداهن, ولكن أحد الزملاء نبهني أن كل حركاتي قديمة ومكشوفة!!! ونصحني أن أتعامل
مع زميلاتي كأنهن أخواتي أو حتى يأتي النصيب.
نهاية الاستهتار
ويحكي م.ج.- 24سنة أعمال حرة- عن تجربته التي تعلم منها درس عمره
ويقول....كنت شابا مستهترا كل همِّي في الحياة هو البنات, ولا أكترث إذا كانت
جارتي أو أخت صديقي أو غريبة عني...ولم أكن أعرف معنى "كل شيء سلف ودين"
حتى رأيت أختي في سيارة صديقي وعلمت وقتها أن ما فعلته بأصدقائي ردُّوه إليّ...ولم
يكن لأختي ولغيرها ذنب غير وجود أخ عابث يوهم البنات باسم الحب,وقبل أن أعاتب أختي
عاتبت نفسي وعاهدتها أمام الله أن أعامل كل فتاة كأختي.
زواج بعد التخرج
ويؤكد ع. و. – 20 سنة طالب جامعي – أنه رأى في الجامعة نوعية من الشباب لا
هم لهم إلا التعرف على البنات, ونوعية أخرى يحترمون البنات ويتعاملون معهم كأخوات...وهناك
من يحبون في صمت ويتمنون أن يتكلل الحب بعد التخرج بالزواج إن شاء الله – وأنا
منهم- فقد أحببت فتاة ملتزمة ومحترمة وأتمنى أن تكون من نصيبي بعد تخرجنا إن شاء
الله.
قصة حب وزواج
أما قصة حب س. , ع. – موظفان- فقد كُلِلت بالزواج...وتقول س. استلمت
وظيفتي في إحدى الهيئات, ولاحظت بعد أيام بنظرات تلاحقني ولكني تجاهلتها ثم زادت
هذه النظرات وبدأ بالفعل قلبي يدق, ولكني لم أشجعه أبدا على التقرب مني...ثم أرسل
لي أخته في وقت الدوام لتعرف رأيي ووقتها عرفت جديته ورغبته في الاقتران بي.
كل قصص الحب انتهت بالفشل
أما ط. ي. – 23 سنة مبرمج كومبيوتر- فيؤكد أن سعي الشباب وراء الحب سببه
الإعلام الذي يبسط كل الأمور ويزين الرذائل ويسخر من الفضائل, فالشاب الملتزم والفتاة
المحترمة نماذج معقدة!!!والشاب المنفلت هو شاب متفتح!!! وهكذا إلتوت الحقائق, ويؤكد
أن الحب الحقيقي هو الذي يولد في النور بمباركة الأهل وموافقتهم أي أن الحب
المستمر يكون في إطار الزواج, ولكن كل قصص الحب الملتهبة التي سمعنا عنها في
التاريخ القديم والحديث انتهت بالفشل.
لا مكان للحب
وتتعجب ل.خ. - 23 سنة موظفة – من تباسط البنات في الحديث مع زملائهن
الرجال, لأن رفع الكلفة بين الشاب والفتاة يسبب الألفة بينهما وهذا ما لا يحمد
عقباه!!! وتضيف أنه لا يجب أن تتحول أماكن العمل إلى لقاءات عاطفية..فالحب ليس
مكانه العمل ويجب على الفتاة ألا تسيء لنفسها أو أهلها والحب سيأتي سيأتي والأفضل
ان يكون بعد الزواج.
خذ رزقك بالحلال
يطمئن أ. د. أحمد عمر هاشم – أستاذ علوم الحديث ورئيس جامعة الأزهر
الأسبق- كل محب غير قادر على الزواج ويقول إن أحببت ولم تك قادرا على الزواج فعليك
بالصبر وعدم ارتكاب الحرام, ولو كانت من تحب هي من قسمها الله وكتبها زوجة لك...
فإنك ستنالها ولن ينالها سواك وفي الحديث "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في
الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في
الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم" ،والزوجة رزق فإتق الله وخذ رزقك بالحلال.
ويؤكد هاشم أن الحب يكون حراما إذا تمكن من الإنسان وأدى إلى محرم كخلوة
بأجنبية أو كلام مثير أو انشغال عن عبادة, وغير ذلك فلا حرمة فيه.
الحب الطاهر ينتهي بالزواج
ويشير أ.د. عبد الفتاح إدريس- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية
الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة والخبير بالمجمع الفقهي لرابطة العالم
الإسلامي- لقول الله سبحانه "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم" آل عمران31, وفي الحديث "وجبت محبتى للمتحابين فى
والمتجالسين فى والمتزاورين فى" وأيضا " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها
ائتلف وما تناكر منها اختلف", والحب تعلق قلبى بين روحين قد يولد من نظرة أو
من السمع, وقد يكون حبا قلبيا نقيا أو يكون حبا شهويا جنسيا.
ويحذر إدريس الشباب من الوقوع في المحارم بإسم الحب...فالحب الطاهر العفيف
لابد أن ينتهي بالزواج, ومن لا يستطع فعليه أن يُغَلِّب عقله ودينه وخلقه حتى ينجو
من الوقوع في المحظور.
إسعد نفسك ومن تحب
ويرى الشيخ عماد المهدي- إعلامي وداعية إسلامي- أنه لو بلغ الشباب سن الحب
وكان مستعدا للزواج، فليدخل البيوت من أبوابها ليسعد نفسه ومن يحب, ولكن إن
كان لا يستطيع الزواج...فعليه بالصبر والاستعانة بالله وألا يتبع هوى نفسه بفعل ما
يغضب الله, وليتذكر أن كل فتاة كأمه أو أخته أو ابنته فلا يرضى لها ما لا يرضى
لمحارمه.
ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق