"ابني هذا سيِّد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين"
الحسن بن علي "الســـــــبط"
بقلم: سوسن سحاب
"إن الله هداكم بأوَّلنا وحقن دماءكم بآخرنا"
"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛
فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة"
هو سبط النّبيّ ،
وأوّل ولد للإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة رضي الله عنهما، ولد في نصف شهر
رمضان في السنة الثالثة من الهجرة.والسبط هو ابن الإبنة, والحفيد ابن الابن.
سمَّاه النبي "الحسن" بأمر من رب العالمين ولم يكن
أحد من قبله يحمل هذا الاسم، وأذن في إذنه اليمنى ليطرد عنه الشيطان, وأقام في
اليسرى وحنّكه (دعك فمه بتمره) وكان النبي يداعب الحسن كثيرًا، ويقبِّله
ويعانقه حبًّا له وعطفًا عليه. وتربَّى الحسن بن علي على يد المصطفى منذ اليوم الأول حتى ما يقرب من ثماني سنوات.
ابني هذا سيد
وكان النبي يؤصِّل
في الحسن منذ
الصغر حب الإصلاح بين المسلمين،وقد روىالبخاري: أن النبي صعد بالحسن بن علي المنبرَ
فقال: "ابني هذا سيِّد، ولعل الله أن
يصلح به بين فئتين من المسلمين". وقد
تحققت هذه النبوءة التي تنبّأ بها رسول الله بعد ذلك.
شبيه النبي
كان أشبه
الناس بجده رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد كان وجهه أبيض مشرب بالحمرة، وعن
عقبة بن الحارث أن أبا بكر الصديق لقي الحسن بن علي فضمه إليه وقال "بأبي شبيه بالنبي صلى الله
عليه وسلم ليس شبيه بعلي" وعلي يضحك.
وقال صلى
الله عليه وسلم "من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد
أبغضني".
حقن دماء المسلمين
وبعد مقتل الإمام عليّ بايع الناس ابنه الأكبر الحسن أميرا للمؤمنين, ومكث في الحكم
ستة أشهر ثم وجد الحسن نفسه سيبدأ الخلافة بحرب مع
معاوية فآثر السلام وحقْن دماء المسلمين فعقد صلحا مع معاوية وتنازل له عن الخلافة,
على أن ترجع الخلافة بعد معاوية إلى المسلمين يختارون من يشاءون.
شروط الحسن
وافق
معاوية على شروط الحسن وكان أهمها: العمل بكتاب الله وسنة نبيه , أن لا يقضي بشيء دون
مشورته..وكذلك أن لا يُشتم
علياً وهو يسمع، وألا يذكره إلا بخير, وأن لا يلاحق أحداً من أهل المدينة والحجاز
والعراق مما كان في أيام أبيه, وأن لا
يناله بالإساءة.
حاقن دماء المسلمين
ووقف الحسن ليخطب فيهم فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
"أيها الناس, إن الله هداكم بأوَّلنا وحقن دماءكم بآخرنا, وإن هذا الأمر الذي
اختلفت فيه ومعاوية إما أن يكون أحق به مني فقد تركته له, وإما أن أكون أحق به منه
فقد تركته لله عز وجل ولخير أمة محمد وحقن دماءها".
ظلم ولاة معاوية
ثم ذهب إلى المدينة يقضي وقته في العبادة وإلقاء
الدروس في مسجد الرسول , وكان الناس يأتون للحسن
والحسين رضي الله عنهما يشكون ظلم ولاة معاوية.
أحس معاوية أن مكانة الحسن والحسين رضي الله
عنهما زادت بشدة في قلوب الناس, فكان يحاول أن يبعد الناس عنهما بالترهيب أو
الترغيب.
راوي أحاديث
روى
الكثير من الأحاديث ومنها ما روى الترمذي بسنده عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت
للحسن بن علي : ما حفظت
من رسول الله ؟ قال: حفظت من رسول الله "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق
طمأنينة، وإن الكذب ريبة".
وروى الإمام أحمد بسنده عن الحسن بن علي، عن أبيه
-رضي الله عنهما- قال: كنت عند النبي فأقبل أبو بكر وعمر رضي
الله عنهما، فقال: "يا علي، هذان سيدا كهول أهل
الجنة وشبابها بعد النبيين والمرسلين".
عن الحسن
بن علي قال: علمني رسول الله كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما
أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت
ربنا وتعاليت".
مرض الحسن ووصيته
ومرض الحسن مرض الموت فقد دسوا له السُّم
في طعامه وألح الحسين على أخيه ليعرف من سقاه السم ولكن الحسن قال: "إني أكِل أمرهم إلى
الله".
وكانت وصية الحسن الأخيرة إلى أخيه الحسين : "إذا
مت فأدفني مع النبي فإني قد طلبت ذلك من عائشة أم المؤمنين رضي الله
عنها وأجابتني....وإذا عارضك بنو أمية فلا تراجعهم وادفني في البقيع".
رفض معاوية للوصية
وبالفعل
فقد رفض معاوية وأمر مروان بن الحكم والي المدينة أن يمنع الحسين من دفن أخيه بجوار جدهما صلى
الله عليه وسلم.....ودُفِن الحسن بالبقيع بجوار أمه فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
توفى
الحسن في 7 صفر سنة 50 هـ, تاركا عشرين من الأبناء من
تسعة زيجات, ومن أقوال النبي في الحسن والحسين: "الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة بعد عيسى ويحيى", وقال أيضا "الحسن والحسين ريحانتاي من
الدنيا".