كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله
غض البصر
بقلم: سوسن سحاب
لك النظرة
الأولى, وعليك النظرة الآخرة
كل
الحوادث مبداهـا من النظـر
الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يُثَبت نظره
في وجه أحد
قال تعالى "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ*"
هذه الآيات نزلت منذ أكثر من ألف وأربعمئة عاما, لدعوة المؤمنين والمؤمنات- والنبي
صلى الله عليه وسلم بين ظهريهم- لغض البصر,
فكم أحوجنا الآن لهذه الفضيلة!!!
وقال تعالى "لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ
لِلْمُؤْمِنِينَ" وهذا الأمر الرباني عام للرجال والنساء بغض الأبصار عمّا حرّم الله
تعالى عليهم.
وغض البصر نوعان غض البصر عن العورة,وغض البصرعن
محل الشهوة.
غض البصر عن العورة
وغض
البصر عن العورة...أي لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل, ولا تنظر المرأة إلى عورة
المرأة, وللأسف نجد أن في كثير من البيوت الإسلامية, جلوس البنات بالملابس المكشوفة
أمام أفراد الأسرة!!!
عورة المرأة على المرأة
ويمكن أن تخلع الفتاة ملابسها أمام أختها أو أمها أو حتى
قريباتها بلا حرج, وهي لا تعرف ما هي عورة المرأة على المرأة, وكذلك الشاب يخلع
ملابسه أمام إخوانه,أو أبيه وأصدقائه ولا يعرف عورة الرجل على الرجل.
فعورة
المرأة على المرأة من السرة للركبة, وكذلك عورة الرجل على الرجل من السرة للركبة.
ويجب على كل إنسان أن يستر عورته أمام بني جنسه, حتى لو كانوا أقرب اللأقربين
كالأم والأب والأخوة والأخوات.
غض البصر عن الشهوة
أما غض البصر عن محل
الشهوة فهو أشد خطورة, ويجب أن يهذب الإنسان نفسه ويمنعها من النظر إلى حرمات
الله, فإذا وقع البصر فجأة على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا ولا ينظر مرة أخرى,
وفي الصحيح عن جرير قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة
الفجأة فأمرني أن أصرف بصري.
لك النظرة الأولى
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ابن أبي طالب, رضي الله عنه "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة".
كل حرمات الله
وغض البصر يكون عن كل حرمات الله...أي عن كل ما لا يحل لك, والبعض يتخيل أن
غض البصر يكون عن المرأة الغير جميلة, أما الجميلة فلا يغضون البصر لأنهم يتبجحون,
ويتحججون بقول الله جميل يحب الجمال. وهناك من يقول بغض النظر عن المرأة الملتزمة,
ولكن المرأة التي ترتدي ما لا يليق من الثياب, فلا يغضون عنها النظر, بحجة أنها هي
التي تلفت الأنظار إليها.
الغض عن كل النساء
وهناك من يلتزم بغض النظر عن كل
النساء, الجميلة وقليلة الجمال, الملتزمة والجريئة, الصغيرة والكبيرة, ولكنه يلتهم
بعينيه كل الفنانات على الفضائيات الرخيصة, لأنهم- على حد قوله- بعيدات عنه ولا
يرونه وهو يحملق فيهن, وهن بهذه الملابس الفاضحة أصبحوا مستباحات للنظر والنميمة
وأكثر من ذلك.
أمر على المطلق
ولكن كل هذا ينم عن قصور لفهم الآيات الكريمات, فالله تعالى عندما أمرنا
بغض البصر...فهذا الأمر على المطلق للرجال والنساء, فللرجل غض البصر عن الجميلة
وغيرها, عن الساترة والكاشفة, عن صغيرة العمر والكبيرة, عن البعيدة والقريبة, ونفس الأمر بالنسبة للنساء.
للناس ملايين الأعين
وعندما أمرك الله بغض البصر عن نساء الغير...فهو حماية لك من الغير أن
ينظروا إلى نساءك, فلو أنت تملك عينين إثنتين فقط فتخيل ملايين الأعين من حولك!!
فكما تحب أن يغض الناس أبصارهم عن
جواهرك الثمينة, فأولى بك أن تغض أنت الأول.
إلا عينا غضت
وغض
البصر هذا كاف بألا تدمع عيناك يوم القيامة, وفي الحديث "كل
عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت فى سبيل الله".
حكم عام للنساء والرجال
والأمر بغض البصر حكم عام للرجال والنساء، فالمرأة مأمورة أيضا بغض بصرها عن محارم الله تعالى وعن الصور
والأفلام,
ويجب أن تحصن نفسها من الوقوع في مثل هذه الصغائر التي تبدأ من مجرد نظرة, ثم
تتحول إلى كبيرة والعياذ بالله, وكما قال الشاعر....
كل الحوادث مبداهـا من النظـر .......... ومعظم النّار من
مستصغر الشررِ
أين الحياء؟
ولكننا للأسف نجد
هذه الأيام من النساء والبنات من تتعمد النظر, ضاربة عرض الحائط بكل القيم
والأخلاق, وقد جاءت المسلسلات التركية التي فعلت الأفاعيل –للأسف- ببعض بناتنا,
و- للحزن- ببعض نساءنا, التي كانت الواحدة تجرؤ لتقول لزوجها ليتك كنت مثل فلان!!!!
أين برقع الحياء؟؟؟
النافذة الأولى للفتنة
إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف تعلو فيه النفس الإنسانية وتسمو فوق
شهواتها..وغض البصر هو تأديب وتهذيب للنفس البشرية ومحاولة
للاستعلاء على رغبتها في اختلاس النظر إلى عورات الآخرين, ونحن بهذا نحاول إغلاق
النافذة الأولى للفتنة والغواية وللزنا والعياذ بالله.
النفس تُمني
ولنتذكر جيدا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُتب على ابن آدم حظه من الزنا, أدرك ذلك لا محالة, فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق وزنا الأذنين
الاستماع وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين الخطى, والنفس تُمني وتشتهي, والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" فيجب أن نبتعد عن أي خطوة تأخذنا لهذا الطريق.
الأسوة الحسنة
ولنا في رسول الله صلى الله عليه
وسلم,
أسوة حسنة في غض البصر، فقد كان
عفيف النظرة...شديد الحياء...وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان لا يُثَبت
نظره في وجه أحد.
الكلمة الأخيرة:
لم تُخلق الجوارح لكي يعيث بها الإنسان
فساداً في الأرض وإنما خلقت لكي تكون عوناً على فعل الطاعات والبعد عما يغضب
الله, وعلينا أن نهذب جوارحنا لأننا سنسئل عنها يوم لا ينفع مال ولا
بنون إلا من أتى الله بقلب سليم, "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً".