الجمعة، 7 مايو 2021

ليلة القدر

 ليلة القدر


بقلم: سوسن سحاب

اختص الله تعالى هذا الشهر كريم بليلة لا توازيها ليلة في أي شهر آخر...
بل إن هذه الليلة بألف شهر والعمل فيها خير من عمل ألف شهر"إنا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر* سلام هي حتى مطلع الفجر*"

وقال صلى الله عليه وسلم "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الججحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم".

وهذه الليلة تعدل عبادتها عبادة ألف شهر لقوله صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".

ولكثرة بركة هذه الليلة فإن الملائكة تتنزل فيها أيضا بكثرة لأن الملائكة تتنزل مع الرحمة والبركة كما تتنزل ومعنى تتنزل: تنزل بكثافة ومتتالية وهي أعمق في المعنى من تنزل.

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى".

وهذه الليلة كما ذكر الله تعالى"سلام هي حتى مطلع الفجر" أي سالمة من أي شيطان أن يعمل فيها سوءا أو أذى وقال قتادة وغيره تُقضى فيها الأمور وتقدر الآجال والأرزاق، لقوله تعالى "فيها يفرق كل أمر حكيم".

وعن ابن عباس، قال صلى الله عليه وسلم في وصف ليلة القدر"ليلة سمحة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة، وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء".

وقد شغلت هذه الليلة الناس من زمن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا هذا وكثرت عنها الأسئلة.

 وقال مرثد: سألت أبا ذر كيف سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر؟ قال: أنا كنت أسأل الناس عنها، قلت يا رسول الله أخبرني عن ليلة القدر أفي رمضان هي أو في غيره؟ قال "بل هي في رمضان"، قلت تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قال "بل هي إلى يوم القيامة"، قلت في أي رمضان هي؟ قال: "التمسوها في العشر الأول والعشر الأخر" قلت في أي العشرين هي؟ قال "ابتغوها في العشر الأواخر ، لا تسألني عن شئ بعدها".

وهناك حكمة في عدم تعيين ليلة القدر حتى يجتهد الناس في ابتغائها بكثرة العبادة والدعاء بخلاف ما إذا تعينت الليلة وعرفها الناس فإن الهمم ستتجه إلى قيامها فقط، ولكن الحكمة اقتضت اخفاءها حتى تكون العبادة طوال الشهر ويكون الإجتهاد الأكثر في العشر الأواخر، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ثم اعتكفت أمهات المؤمنين من بعده.

وهذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم جميعا عبادة ودعاء طوال العام ثم المزيد من العبادة بجانب الصيام والقيام في شهر رمضان واجتهاد واعتكاف في العشر الأواخر منه... وليس كما نرى في زماننا هذا تكثر العبادة في رمضان كأنه وحده هو شهر العبادات وتمتلأ المساجد في صلاة التروايح كأنها صلاة مفروضة وأصبحنا نرى في ليلة السابع والعشرين الإزدحام الشديد جدا في المساجد كأن هذه الليلة مؤكدة ومعينة.

وقد حُكِيَ عن مالك رحمه الله أن في جميع ليالي العشر تطلب ليلة القدر على السواء لا يترجح منها ليلة على أخرى، ومن المستحب أن يكثر من هذا الدعاء "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

سوسن سحاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق