الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

ذبح الأضاحي - حوار مع الغرب

حوار عاقل مع الغــــــرب

ذبح الأضاحي

                                                                               













حوار: سوسن سحاب


 إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أروع مَثَــلَيِّن في التسليم المطلق لله
الذبيح هو إسماعيل وليس إسحاق عليهما السلام.
بشر الله إبراهيم باسحاق مكافأة له على طاعته وصبره

تقابلنا....وما أن جلست حتى بادرتني.....

قائلة: أنا متشوقة لسماع قصة ذبح الأضاحي في يوم عيدكم...فنحن في الغرب نشمئز من رؤية الدماء والخراف المذبوحة ونناشد جمعيات الرفق بالحيوان لوقف هذه المذابح.
قلت: ولكن الله تعالى لم يشرع الذبح خصيصا لنبينا صلى الله عليه وسلم...
فقد بُعث عليه الصلاة والسلام وكان الذبح موجود أصلا في شريعة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام...ولو نظرنا لكل الفرائض والشرائع لوجدنا الذبــح مفروضا على كل الأنبياء من قبل ولذلك فإنه من الإيمان أن نؤمن بكل الأنبياء وشرائعهم.......

قالت: هل تعنين أن كل الأنبياء كانت لهم صلاة وصوم وغيرها؟
قلت: نعم كانت لهم كل التكاليف فكانت لهم صلاة وصوم وحج وغيرها وسأحاورك فيها لاحقا إن شاء الله.....

قالت: دعينا نعود لقصة ذبح الأضاحي.
قلت لها: لو أطلقنا على هذه القصة اسما آخر لكان التسليم المطلق لله....

رمقتني بدهشة وقالت كيف يكون التسليم المطلق لله بذبح الأضاحي؟
قلت لها أن هذه القصة ستظل خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهي تقودنا إلى أهم قيمة إيمانية إنسانية، يجب أن يتحلى بها المؤمن وهي "التسليم المطلق لله"، وهى صفة لا تتحقق إلا إذا استطعنا تحقيق تكاليفها أي تحقيق ما يأمرنا به الله.

وكيـــف ذلك؟؟
التسليم هنا معناه الانقياد التام بلا معارضة كما عرفه الجرجاني في كتابه (التعريفات)- هو الانقياد لأمر الله تعالى وترك الاعتراض فيما لا يلائم، واستقبال القضاء بالرضا، وعرفه أيضا بأنه الثبوت عند نزول البلاء.
وهذا يعني أن التسليم لا يتجلىَّ إلا وقت الشدائد ولا يظهر إلا عند عظائم الأمور فتجد نفسك تنطق (أسلمت أمري لله).

قالت: لم أفهم بعد ما علاقة الذبح بالتسليم لله؟
قلت: لقد تجلى التسليم لله في أروع معانيه في قصة ذبح إبراهيم لابنه اسماعيل عليهما السلام.

قالت: وهل ذبح النبي إبراهيم ابنه النبي إسماعيل؟
قلت: لا، ولكن القصة بدأت عندما رأى نبي الله إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل - ولما كانت رؤيا الأنبياء حق- فإن إبراهيم عليه السلام لم يشك لحظة في صدق الرؤيا بل امتثل لأمر ربه صابرا محتسبا وقصها على ولده اسماعيل "قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى" الصافات 102.......

قالت: وماذا فعل إسماعيل؟ هل هرب من أبيه؟
قلت: بل على العكس فقد أعان أبيه على طاعة الله وقال "يا أبت إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" الصافات 102.......

قالت: أو لم يرق قلب النبي إبراهيم لابنه؟
قلت: إن من تمام التسليم المطلق لله أن إبراهيم عليه السلام أخذ ابنه الوحيد الذي أتاه على الكبر وخرج به إلى مِنىَ (مكان بجوار مكة المكرمة) وعندما أسلما أمرهما لله وهَمَّ إبراهيم بذبحه "فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِالصافات 103 ( تلَُه للجبين أى كبّه على وجهه) حتى لا يرى عينيه أثناء الذبح فتغلبه عاطفة الأبوة، فيخالف وحى ربه فى أمره فيتردد أو يتراجع.

اتســـعت حدقتــاها وهي تنظر إليَّّّ وقالت ولم تنطق....
وقلت: أخذ السكين بيده ووضعها على عنقه فما ذبحت ولا حتى جرحت......

أسرعت دقات قلبها...وكأنها تجري وراء الأحداث وقالت: وماذا حدث؟
قلت: هنا نودي من السماء "وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ *قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وفديناه بذبح عظيم*الصافات 104- 107.
والتفت إبراهيم عليه السلام فوجد كبشا أبيضا أقرنا فذبحه بيده فداءً لولده.
وأصبحت سُنَّة ذبح الأضحية في يوم النحر"عيد الأضحى" باقية إلى يوم الدين وأصبح الخليل إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام أروع مثلين في التضحية والإمتثال والتسليم المطلق لأمر الله.

تنفست الصعداء وارتاحت لنجاة نبي الله اسماعيل، ثم كمن تذكَّرت شيئا فجأة قالت: ولكن اليهود يقولون أن الذبيح هو إسحاق!!
قلت: هذا خطأ فاحش لأن إسحاق لم يكن قد وُلد بعد!! بل لقد بشر الله إبراهيم باسحاق، مكافأة له على طاعته وصبره على هذا البلاء المبين "سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ* كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ* وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ*" الصافات 109 -112

أحسست باطمئنانها لسماع الإجابة وقالت عرفت الآن لماذا تذبح هذه الأضاحي كل عام ولكن هل على كل بيت مسلم أضحية؟
قلت: الأضحية سنة مؤكدة في معظم المذاهب على القادر، وفي الحديث: "من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا"ويجب على المضحي أن يقسم أضحيته أثلاثًا ثلث لنفسه وأهله، وثلث لمن حوله من جيرانه - مسلمين أو غير مسلمين- وثلث للفقراء والمساكين.

هل تقصدين أنكم تعطون للفقراء حتى لو لم يكونوا مسلمين مثلكم؟؟
نعم, لقد وصى رسولنا الكريم بالجار مهما كانت ديانته، وكان النبي صلى الله عليه وسلم له جارا يهوديا يسأل عنه، وقد فرض الإسلام على القادر أن يتشارك طعامه مع جيرانه أيا كانت ديانتهم ومع الفقراء والمساكين...

قالت وماذا عن اليوم الذي تذبحون فيه الكثير من الذبائح؟؟
تقصدين يوم الحج؟؟؟

قالت : نعم
في الحج فإن الذبح هو ركن من أركان الحج بالنسبة للمتمتع والمقرن أي الذبح فرض 
ولو لم يذبح لما أصبح حجه صحيحا ويسمى هَدْيا ويذبح الهَدي في (مِنى) وهي نفس المكان الذي شهد قصة "اسماعيل الذبيح".

قالت: هذا أجمل ما سمعته في طاعة الله وامتثال أوامره ولكن بما أنك ذكرتي الحج فهناك أمر يحيرني...وهو أنكم تقذفون الحجارة في الهواء على شيء وهمي.

قلت: سأحدثك عن هذا الأمر في لقاء آخر إن شاء الله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق