أول مرة ذهبنا لزيارة أختي الكبيرة بعد زواجها وسكنها في المريوطية شارع الهرم ، ارتديت فستاني الجديد وكان أحمر اللون، استقلينا أتوبيس النقل العام وكنت جالسة بجوار الشباك أشاهد ذلك العالم البعيد عن بيتنا، كانت الشوارع نظيفة جدا والطريق في شارع الهرم والمريوطية يكسوه اللون الأخضر من الحدائق والمزارع....وبعد انتهاء الزيارة أخذني أبي لمشاهدة الأهرامات.
مازلت أتذكر المطلع الطويل الممتد من شارع الهرم والصاعد حتى أبو الهول والأهرامات، وأنا ممسكة بيد أبي وأكاد أطير من السعادة وكنت أقفز وأحرك يد أبي بقوة كي يقفز معي وأنا أرى الأهرامات بعظمتها وشموخها وأرى الأجانب وهم مبهورين ولكنهم لم يكونوا أكثر مني انبهارا.
ظل هذا المشهد بحذافيره محفورا في ذاكرتي حتى اليوم ......
تكررت زيارتنا لبيت أختي كثيرا ولكني لم أرها يوما سعيدة مثل أي شابة تزوجت من حبيبها، وبعد قصة حب طويلة كما كنت أرى في الأفلام.
وكانت متزوجة محاسب من المنوفية وبعد أقل من سنة رزقها الله بطفل، ثم أصبحت تعود كل فترة لبيتنا بشنطة ملابسها ورضيعها على يديها وآثار الضرب بادي عليها....
سعى والدي للصلح بينها وبين زوجها كثيرا ولكن المشاكل أصبحت تتفاقم كل يوم عن الذي قبله....فتم الطلاق.
وبعد فترة طويلة حكمت لها المحكمة بجنيهات قليلة....وذهبت لاحضار الجنيهات من أم طليقها التي تسكن في نفس الحي ولكن على مسافة حوالي نصف ساعة مشيا على الأقدام....
وكنت وقتها صغيرة جدا في الصف الرابع أو الخامس الابتدائي....فوضعت أم طليقها النقود في جيبي وخاطت جيبي بالخيط حتى لا تسقط النقود مني في الطريق.
رجعت من هذا المشوار وأنا متضايقة جدا من طول الطريق ومتغاظة جدا جدا من خياطة جيب فستاني الجديد...
كان ضيق أمي وأبي كبيرا عندما رأيا خياطة جيب فستاني، ومنعني أبي من الذهاب مرة أخرى, وتربى ابن أختى وسطنا كأنه الأخ الأصغر وكأنه هو آخر العنقود ولست أنا وكان ينادي أبي (بابا) وأمي (ماما)....ولم أسمعه يوما يقول جدي وجدتي.
انتهت العلاقة بين أختي وطليقها منذ ذاك اليوم ولم يسأل يوما عن ابنه ورفض أن يراه وتزوج الأب وأنجب أطفالا آخرين ونسى ابنه (عمرو) أول أبناءه....
ولكن منذ عدة سنوات وعندما كبر الطفل عمرو وصار عمره فوق 35 سنة وصار الأب كهلا يعاني من جحود أبناءه الآخرين..... طلب رؤية عمرو حتى يعوضه عما فاته من عطف الأب ويعطيه من أمواله، ولكن عمرو رفض بشدة....رفض الأب وثروته وقال هذا ليس أبي !!!!
ليس لي غير أب واحد الذي رباني من صغري وأعطاني من حنانه.
#سوسن_سحاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق